أحدث الأخبار
- مساعي للتركيز علي الأقطان الصالحة لصناعة الغزول الأقل جودة
- صادرات القطن الخام هبطت 62% خلال أربع سنوات
- مزارعون قرروا التوقف عن إنتاج الأقطان بعد إعلان وقف الدعم
كتب: محمد جاد وعبد القادر رمضان وعزة جرجس
تدرس وزارة الزراعة حاليا بمشاركة قطاع الصناعات النسيجية كيفية تغيير سياسات زراعة القطن المصري بحيث يتناسب المحصول مع الطلب المتزايد في السوقين المحلية والعالمية على الغزول الأقل سعرا، تبعا لما قاله علي إسماعيل، رئيس قطاع الهيئات وشؤون مكتب وزير الزراعة لأصوات مصرية.
وتعد وزارة الزراعة هي المتحكم في تحديد أنواع الأقطان المزروعة نظرا لدورها في توزيع البذور والتقاوي على المزراعين .
وأوضح إسماعيل أن المشاورات التي قد تستغرق نحو أسبوعين ستبحث كيفية تغيير أنواع الأقطان المزروعة بما يتماشي مع تغيرات السوق العالمية، "الأسواق العالمية تغيرت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة وكان يجب أن تواكب السياسات الزراعية ذلك .. الأقطان المصرية تتعرض لمنافسة من الأقطان الأمريكية والهندية والسودانية وغيرها"، كما أضاف إسماعيل.
وتراجعت صادرات مصر من القطن الخام بشكل ملموس خلال السنوات الأخيرة، حيث هبطت بنحو 62% في الفترة بين 2010-2011 و2013-2014، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري، وكانت الحكومة تقدم دعما للمغازل والمزارعين المحليين لتيسير تسويق القطن المصري وتصنيع غزول محلية تنافس الغزول المستوردة الأقل سعرا، لكن وزارة الزراعة أعلنت هذا الأسبوع أنها ستوقف كل أشكال دعم القطن.
"الطلب علي الأقطان فائقة الطول عالميا انخفض لأن المصدرين أصبحوا يخلطونها بالأقطان الأقصر وهو ما قلل من فرص الصادرات المصرية من تلك الأنواع"، يقول إسماعيل.
وبحسب دراسة لوزارة الزراعة الأمريكية، صدرت خلال 2014، تمثل الأقطان الطويلة من صنف جيزة 86 النسبة الأكبر من الإنتاج المصري 70%، تليها الأقطان الطويلة الممتازة جيزة 88، بنسبة 20%، بينما يقتصر الإنتاج من أنواع جيزة 80 وجيزة 90، التي تصنفها الدراسة ضمن الأقطان المتوسطة والقصيرة، علي 10% من الإنتاج.
ويتواكب تراجع الطلب علي المنتجات المصنوعة من الأقطان الطويلة مع اتجاه الأسواق للتوسع في تصنيع المنتجات الأقل جودة وسعرا والتي تحتاج إلي الأقطان الأقصر، كما يقول أمجد العتال، عضو اتحاد مصدري الأقطان.
ويري خبراء عاملون في السوق كممدوح خير الله، أمين لجنة تجارة القطن بالداخل التابعة لوزارة الصناعة والتجارة، أن تلبية متطلبات الأسواق تحتاج إلي التوسع في زراعة الأقطان المتوسطة، إلا أنه يحذر من أن "تربية أصناف جديدة قد تتطلب سنوات طويلة".
وبحسب الدراسة الأمريكة فإن اعتماد المصانع المصرية علي القطن المحلي قد تراجع في السنوات الأخيرة بعد أن كانت المغازل تغطي 75% من احتياجاتها من تلك الأقطان.
"من أهم المشكلات التي تعرقل تسويق القطن المحلي هو تراجع جودته خلال السنوات الأخيرة"، يقول العتال.
وتتوقع وزارة الزراعة الأمريكية تراجع صادرات القطن المصري بنسبة 28% خلال 2014-2015 مقارنة بالعام السابق، وهو ما ترجعه جزئيا إلي أن التجار يخلطون الأقطان فائقة الطول بأصناف أخري لتحقيق أرباح أكبر.
لكن هاشم الدغري، صاحب مصنع غزل قليوب، يقول إن هناك عيوب "جنينية" في القطن المصري نتيجة عدم تطوير السلالات والتقاوي، الأمر الذي حد من قيمة القطن المصري في الأسواق الخارجية وقلل فرص تصديره.
وأشار إلى أن رطل القطن المصري يباع في السوق العالمية بـ 100 سنت وهو أقل بكثير من مثيله الأمريكي الذي بلغ 180 سنت "ومع ذلك الطلب عليه ضعيف لتدني مواصفاته بالمقارنة مع القطن الأمريكي والصيني" على حد قوله.
"على الرغم من دعم القطن الذي بدأ في مصر منذ عام 2002، إلا أنه لم توضع سياسة زراعية واضحة لتطويره"، يقول الدغري.
المزارعون ومصانع الغزل التي تنتج الخيوط المصنوعة من الأقطان فائقة الطول، هما أبرز المتضررين من رفع الدعم عن القطن، وفقا لتقديرات الدغري، الذي يقول إن "الفلاح ينفق على زراعة الفدان حوالي 5 آلاف جنيه والفدان لا ينتج فعليا أكثر من 5 قناطير زهر، والقنطار يباع بألف جنيه .. بدون دعم لن يحقق الفلاح أرباحا".
وفي المقابل لن تتضرر مصانع الغزل والنسيج والملابس التي لا تعتمد على القطن طويل التيلة وتصنع منتجات منخفضة التكلفة، "القطن المستورد لا يزيد سعر الطن منه في الميناء عن 10 أو 11 ألف جنيه بينما القطن المصري يصل إلى 15 ألف جنيه "، يقول الدغري.
محمد إبراهيم، أحد مزارعي الشرقية، زرع الموسم الزراعي الماضي فدانين من أرضه قطنا، لكنه اتخذ قرارا بعدم زراعته مرة أخرى، بسبب انخفاض ثمن بيع القنطار مقارنة بتكاليفه، وقال المزارع لأصوات مصرية إن قرار رفع الدعم نهائيا سيجعله يتوقف تماما عن الزراعة.
ويعاني مزارعون مثل أمين الحديدي ، من تعثرهم في تسويق القطن حتي من قبل إلغاء الدعم "رفع الدعم بدأ بالفعل عندما حددت الحكومة سعر القنطار الواحد هذا العام بحوالي 700 جنيها بدلا من 1500 جنيها كانت متوقعة عند زراعة المحصول" وفقا لقوله.
وبينما تسعي الحكومة إلي إدماج مزارعي القطن في منظومة جديدة تقوم علي التعاقد المسبق بين المزارع والمشتري علي كميات محددة لضمان ربط إنتاج القطن بمتطلبات السوق، يري العتال إن نظام الزراعة التعاقدية سيواجه عثرات في بداية تطبيقه "من الصعب علي الشركات توقع كميات القطن التي ستحتاجها، وكذلك توقع تطورات الأسعار العالمية للقطن بعد انتهاء موسم زراعته".