رئيس البنك الأوروبى لإعادة الإعمار: نظام الدعم الضخم فى مصر يجعلها تشبه دول الاتحاد السوفياتى

الثلاثاء 17-06-2014 PM 02:21
رئيس البنك الأوروبى لإعادة الإعمار: نظام الدعم الضخم فى مصر يجعلها تشبه دول الاتحاد السوفياتى

سيدة تحمل ابنتها في منطقة الدويقة بالقاهرة - أكتوبر 2012 - تصوير محمد عبدالغني - رويترز

كتب

يرتبط اسم البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية بمنطقة شرق أوروبا التى نشط البنك فيها بعد انهيار الاتحاد السوفياتى لدعم سياسات اقتصاد السوق.. الأمر الذى يجعل وجود مكتب ممثل له فى مصر مؤخرا يثير الأسئلة حول إمكانية إسهامه فى دفع موجة جديدة من سياسات الخصخصة.. «الشروق» حاورت فيليب ترووت مدير المكتب المصرى للبنك حول أبرز أنشطتهم خلال الفترة المقبلة.

 بدأ بنك إعادة الإعمار الأوروبى عمله فى منطقة شرق أوروبا منذ أكثر من عشرين عاما، فلماذا تتوسعون فى السوق المصرية حاليا؟

ــ البنك كان يعمل فى منطقة شرق ووسط أوروبا منذ 1991 استجابة للمجتمع الدولى الذى طلب تأسيسه لمساعدة هذه الدول على التحول من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق، ومع الربيع العربى فى 2011 صدرت مطالب مشابهة من المجتمع الدولى بتوسع أعمال البنك فى منطقتى جنوب وشرق البحر الابيض المتوسط كما أن أربعة دول فى هذه المنطقة قالت إنها تريد أن يصبح البنك نشيطا فى بلدانها وهى مصر وتونس والمغرب والأردن.

 لكن الاقتصاد المصرى ليس اقتصادا موجها على نمط اقتصادات شرق أوروبا بعد انهيار الاتحاد السوفيتى عندما بدأتم عملكم هناك؟

ــ بالطبع هناك اختلاف فى السياق التاريخى بين مصر وتلك البلدان ولكن هناك أيضا بعض الأمور المتشابهة، فالنظام السوفياتى كان قائما على آلة دعم ضخمة وواسعة وهذا يشبه الوضع فى مصر حيث يدور النقاش هذه الأيام حول تحرير الأسعار.

 من أين تأتى علاقة البنك بالنقاش حول تحرير الأسعار فى مصر.. أليس نشاطكم قائما على تمويل المشروعات؟

ــ نحن بنك تمويل مشروعات نهتم بصفقات لها إسهام فى التنمية، وفى بعض الصفقات التى ندخلها نسعى إلى طرح نقاش فى سياسات عامة مرتبطة بها، ولو نستطيع أن نساعد الحكومة فى مسألة إعادة النظر فى الأسعار سنكون سعداء بذلك، كما أننا نهتم بتمويل مشروعات تكون أكثر كفاءة فى استخدام الطاقة هذا ما قمنا به أيضا فى دول الاتحاد السوفياتى السابقة.

وبصفة عامة نحن مدركون أن ملف الدعم، سواء دعم الخبز أو الطاقة أو الكهرباء، كل واحد منها يتطلب طريقة مختلفة فى التعامل معه، ونحن منفتحون لو طلبت منا الحكومة المساعدة كأن نقدم النصائح ونعرض الخبرات الدولية، ولكن القرارات المتعلقة بالتعامل مع ملف الدعم هى فى النهاية قرارات الحكومة.

هناك مثلا شركات المياه والصرف قد تحتاج إلى أن تكون أكثر كفاءة ومن الممكن إعادة النظر فى تعريفة اسعار خدماتها بحيث تستطيع تلك الشركات تغطية تكاليفها، لا أحد فى البنك يعتقد أن هذا سهل وممكن تحقيقه فى يوم وليلة ولكن من الممكن اتخاذ خطوات فى هذا الطريق بالتعاون مع الحكومة، ومن خبراتنا فى شرق ووسط أوروبا ففى معظم الأوقات كان المستهلكون سعداء بدفع التعريفة لو رأوا أن الخدمات زادت وتحسنت كفاءتها، بمعنى عدم انقطاع المياه وتحسن جودتها أو عدم انقطاع الكهرباء، ودائما هناك من لا يستطيعون تحمل تكلفة تلك الخدمات ويجب ايجاد نظام لمساعدتهم.

 تعد المشروعات العامة الممولة والمنفذة على يد القطاع الخاص، أو المعروفة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، من أهم المجالات التى يهتم بها ــ بنككم، فما الذى ستقدمونه فى مصر فى هذا المجال؟

ــ نحن مهتمون بدمج القطاع الخاص فى نشاط المشروعات العامة من خلال نظام الشراكة مع القطاع العام، وقد ساهمنا فى مشروع واحد فى مصر حتى الآن وهو مشروع محطة معالجة مياه الصرف فى القاهرة الجديدة، ووزارة المالية تعرض 10 مشروعات فى هذا المجال ولو وجدنا أى منها مناسب لنا سنشارك فيها.

 ولكن ألا يساهم تمويل مشروعات الدولة من خلال هذا النظام فى رفع أسعار الخدمات العامة؟

ــ لو تم الترتيب للمشروع بشكل جيد سيكون أداة لجلب أموال جديدة للاستثمارات العامة، ومن المهم فى تلك المشروعات أن تكون بها حوافز لدخول القطاع الخاص وقد يكون ذلك مرتبطا بتغيير أسعار تلك الخدمات ولكن ليس بالضرورة فهناك طرق مختلفة لجذب القطاع الخاص.

الواقع أن جلب القطاع الخاص للمشروعات العامة هدفه جلب الأموال والخبرة والقدرة التنفيذية، ففى حال التخطيط الجيد لتلك المشروعات تكون معدلات التنفيذ على يد القطاع الخاص أسرع.

 ما هى أبرز القطاعات المهيأة فى مصر للشراكة مع القطاع الخاص فى رأيك؟

ــ قطاع المياه ومعالجة مياه الصرف من أبرز هذه القطاعات، فتغطية خدمات معالجة الصرف فى مصر تصل إلى نحو 50% لذا فإن كان للحكومة قدرة مالية محدودة على التوسع فى هذا المجال فمن الممكن أن يدخل القطاع الخاص، كما أن دخول القطاع الخاص فى هذا المجال يرفع من مستوى جودة خدماته مما يسهل النقاش حول تعديل تعريفة تلك الخدمات.

ومن القطاعات الملائمة فى مصر أيضا النقل النهرى والمطارات، فعنصر الجذب فى مجال المطارات أنها تضمن عائدا مستقرا.

 ولكن المناطق التى تفتقر للخدمات العامة قد تكون مناطق فقيرة فكيف سيدفع الفقراء تكلفة خدمات يقدمها القطاع الخاص؟

ــ عليك الخروج بحلول مبتكرة، عليك أن تنظر لكل أوجه الموضوع.. ما هى التكلفة وما هو التأثير على الناس وهناك بعض المشروعات قد لا تكون ملائمة لنظام الشراكة مع القطاع الخاص.

 الدولة تستهدف التوسع فى بناء المدارس بالشراكة مع القطاع الخاص فهل تعتزمون الدخول فى هذا القطاع؟

ــ التعليم والصحة من المجالات التى لا يركز البنك على العمل بها، فقد قرر البنك مؤخرا عند الدخول فى قطاع الصحة دراسة كل حالة على حدى، فنحن استشعرنا أنه من الأفضل أن تعمل الحكومات فى هذين القطاعين مع مؤسسة كالبنك الدولى أو بنك التنمية الافريقى فهذه المؤسسات أكثر حماسا للعمل فى مشروعات بالمشاركة مع القطاع العام بينما نحن نهتم أكثر بالمشاركة مع القطاع الخاص.

كما أننا نهتم أكثر بالعمل فى القطاعات التى لدينا خبرات فيها كالقطاع العقارى والمصرفى والاتصالات والنشاط الزراعى والصناعى، ونسعى فى مصر إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى لها دور مهم فى النمو والتوظيف، فنحن نقدم قروضا للبنوك المحلية تتيح لها توجيه تمويل لتلك المشروعات لفترات أطول، من 3 إلى 5 سنوات، ولدينا فريق متخصص فى تقديم خدمات المساعدة الفنية للمشروعات المتوسطة والصغيرة، كالتدريب على التسويق وتأهيل الموارد البشرية وغيرها، وقد قدم هذا الفريق خدمات لـ140 مشروعا فى مصر.

 ولكن الشركات الكبيرة تستحوذ على نسبة مهمة من قائمة مشروعاتكم الحالية، كشركات جهينة ويونيفرسال؟

ــ عليك إعطاؤنا بعض الوقت لقد بدأنا استثماراتنا فى مصر منذ أكتوبر 2012، كما أن القطاع الخاص لم يكن نشيط بشكل كبير فى الفترة الماضية ومن استمروا فى العمل مع عدم الاستقرار خلال الفترة السابقة كانوا من الشركات الكبيرة.

 بالرغم من أن سياساتكم تقوم على تمويل الأنشطة التى لها قيمة مضافة للاقتصاد، ينتقدكم بعض المراقبين لأنكم تمولون أنشطة كصناعة الآيس كريم لدى شركة نستله فى مصر؟

ــ لا أوافق على هذا التقييم، فنستله شركة تعمل بمعايير عالية ونحن نسعى إلى زيادة عدد موردى نسلته من المصريين أو تحسين مستوى الموردين الحاليين وهذا سيساهم فى تحسين المعايير الصحية فى صناعة الغذاء بمصر.

 ومن الانتقادات أيضا المتعلقة بتمويلكم لأنشطة محدودة الأثر على التنمية دخولكم فى مشروع مول تجارى: أرابيان سنتر؟

ــ هذا المشروع سيوفر فرص عمل سواء فى نشاط بناء المول أو فى نشاط التجزئة وستكون به برامج تدريب قوية للعاملين كما سيتم انشاء المول بطريقة بها كفاءة فى استخدام الطاقة.

 إذا كنتم تستهدفون خلق فرص عمل فلماذا لم تتجهون إلى أنشطة كثيفة استخدام العمالة كصناعة المنسوجات؟

ــ نحن مهتمون ولكن لا توجد مشروعات محددة فى هذا المجال حتى الآن، فكما قلت لقد كانت البيئة الاقتصادية والسياسية غير مستقرة خلال الاثنى عشر شهرا الماضيين وهذا ما يصعب فرص الاستثمار ولكن ما لمسته فى الأسابيع الأخيرة أن هناك الكثير من الثقة تعود وسنرى المزيد من مبادرات القطاع الخاص.

 تمولون مشروعا لإدماج القطاع فى نشاط السكك الحديدية فما هو الغرض من ذلك؟

ــ يستهدف هذا المشروع تحسين مستوى الصيانة لعربات السكك الحديدية من خلال ادماج القطاع الخاص بشكل اكبر فى نشاط الصيانة، وهذا المشروع قد يكون من العوامل التى تساهم فى تحسين كفاءة قطاع السكك الحديدية من حيث جعله نشاطا مستديما وتقليل معدلات الحوادث.

تعليقات الفيسبوك