كتبت: أمنية طلال

في محاولة لكسر حاجز الصمت والإنكار للقضية، قررت جمعية نظرة للدراسات النسوية اللجوء إلى وسيلة جديدة "مبتكرة" لمواجهة العنف الجسدي ضد المرأة من خلال مجلة متخصصة في الكوميكس، رافعة شعار "قصة ممكن تحصل لأي حد وما بتضحكش".

والكوميكس هو عبارة عن فن تصويري، يتكون من مجموعة صور تروي أحداثا متتابعة لقضية ما أو فكرة من خلال قصة مرسومة ويكون نص الكلام ما بين الشخصيات في رسم ضمن دائرة.

الصورة تصل أسرع من الكلمة

"الكوميكس وسيلة بسيطة يمكن من خلالها الوصول إلى فئات جديدة في المجتمع وتوعيتهم بقضايا المرأة"، هذا ما قالته فاطمة منصور، رئيس تحرير مجلة الشكمجية، موضحة أن الصورة تصل إلى الناس أسرع من الكلمة، وبالتالي الكوميكس والكاريكاتير يعبران عن قضايا كبيرة ومعقدة بشكل سلس.

"لم يكن سهلا الوصول إلى 12 رسام كوميكس يناصرون قضايا المرأة" كما أوضحت منصور، مؤكدة أن رسامي الكوميكس في مصر عددهم محدود، حيث استغرق التحضير للمجلة عاما كاملا استطعنا خلاله تكوين فريق العمل، واختيار عدد من قضايا المرأة، وإخراج المجلة.

وتسعى "الشكمجية" إلى طرح قضايا نسوية ذات طابع مجتمعي، مثلما أكدت منصور، معتبرة أن الفن يمكن تسخيره لتبسيط القضايا "الشائكة" في المجتمع، معلنة عن عدد من الأنشطة الفنية التي تتبناها جمعية نظرة للدراسات النسوية بهدف مقاومة العنف ضد المرأة وطرح قضاياها ومنها أغاني الراب.

"حاولنا نناقش القضية بشكل ساخر، من خلال تجسيد قصة خيالية لفتاة تخلق عالما موازيا لها للعيش بدون تحرش، ويحدث لها تغير جيني بتساقط شعرها وظهور عدة أزرع لها وأعين حتى تستطيع حماية نفسها"، قالت منصور، متوقعة أن هذا الخيال الصادم يؤثر إيجابا في الشباب ويكسب تعاطفهم تجاه المتحرشات. 

غياب دور الإعلام

ورأت رسامة الكوميكس والكاريكاتير، دعاء العدل، أن هذه النوعية من المجلات تقوم بتوعية المجتمع بمخاطر العنف ضد المرأة، معتبرة أنها تحل محل الطرق التقليدية لمواجهة هذه المشاكل مثل حملات التوعية المنظمة والتي غابت عن الإعلام الرسمي والخاص، على حد قولها.

واعتبرت العدل أن الكوميكس وسيلة جيدة لتوعية الشباب بمخاطر العنف الجسدي ضد النساء لأنه يحمل رسائل غير مباشرة، موضحة أن الكوميكس يثير اهتمام الشباب خاصة في ظل الاهتمام بكل ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي التي تساعد على وصول الأفكار أسرع لهؤلاء الشباب.

"الشكمجية ناقشت قضية التحرش بمختلف أشكالها وأبعادها، وهو ما يتيحه الكوميكس"، قال مخلوف رسام الكوميكس والكاريكاتير، مؤكدا أن الكوميكس يتيح خيالا في القصص وتناولها وهو ما لا تتيحه الأشكال الأخرى من مناقشة قضايا هامة مثل التحرش.

ضد التحرش والتقليدية

ورأى مخلوف أن مساحة الحرية في الكوميكس متاحة أمام أي رسام ليبدع بدون قيود تضعها باقي الوسائل التقليدية في مناقشة القضايا، معتبرا أن التقليدية تفقد الجاذبية التي يتيحها الخيال والحرية للمبدعين.

وناقشت الشكمجية العنف الجسدي بأنواعه، من عنف جسدي منزلي، وتحرش جنسي جماعي، والتحرش بالأطفال، والتحرش في أماكن العمل، والمجموعات النسائية التي نشأت من أجل مقاومة التحرش في الشارع.

وأطلقت الشكمجية ضمن حملة الـ16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة والتي تختتم فعالياتها اليوم الأربعاء، وهي حملة دولية بدأت يوم 25 نوفمبر الماضي وحتى 10 ديسمبر، والموافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان من أجل ربط العنف ضد المرأة بحقوق الإنسان والتأكيد على أن هذا العنف هو انتهاك لحقوق الإنسان.

واتخذت بعض المؤسسات النسوية إجراءات أولية لمناهضة العنف ضد النساء بمصر، منها الإعلان عن تشكيل لجنة يعمل على تنسيقها المجلس القومي للمرأة مع عدة وزارات وعدد من منظمات ومبادرات المجتمع المدني من أجل إعداد استراتيجية وطنية لمناهضة العنف ضد النساء، والتي نادت بها العديد من المنظمات والمجموعات النسوية وبعض الحقوقيين منها منذ العام الماضي.