أحدث الأخبار
أصبح من الواضح أن تنظيم داعش يكرر نفس السيناريو الذي لجأ إليه في سوريا، ولكن هذه المرة في ليبيا سعياً لتوسيع سيطرته في شمال أفريقيا، حيث أصبحت ليبيا الآن مركز أنشطته القاتلة في المنطقة.
وكان الإخراج السينمائي المتقن للفيديوهات التي ينشرها داعش يدل على خطته منذ البداية. ففي مقطع الفيديو الذي نشره داعش -والذي ظهرت فيه مجموعة من مقاتليه المقنعين يقودون 21 قبطيا مصريا على شاطئ في ليبيا في فبراير ثم يذبحونهم- كانت أماكن الكاميرات والإضاءة والمونتاج كلها احترافية بطريقة لم نرها قبل ذلك إلا من خلال المقاطع التي ينشرها مقر داعش في الرقة بسوريا.
أصبحت ليبيا الآن أهم منطقة في الخلافة المزعومة لداعش، بينما يسعى لأن يجد له موطىء قدم في أفريقيا وهناك أسباب عديدة لهذا التطور، منها أن تفتت ليبيا إلى فصائل ومناطق متناحرة يمثل أرضا خصبة للمتشددين ويتيح صعودهم للسلطة، كما أن خطا ساحليا يمتد أكثر من ألف كيلومتر وحدودا لا رقابة عليها في الجنوب يسهلان دخول البلاد. وأقام التونسيون -الذين يمثلون أكبر عدد من المقاتلين الأجانب في صفوف داعش- شبكة في ليبيا منذ البداية.
وقالت مجلة دير شبيجل الألمانية -في موقعها على الإنترنت- إن داعش ينفذ منذ شهور بدقة بالغة الخطة التي وضعها عند سيطرته على أجزاء من سوريا. أولا أنشأت وحدات داعش شبكة كبيرة من الجواسيس ويقومون حاليا بالاختراق ويشنون هجمات غير عادية بينما يعملون على توسيع المناطق التي يسيطرون عليها. ويعتقد أن هناك نحو ألفي مقاتل -منهم الكثير من التونسيين إلى جانب جنسيات أخرى- موجودون في ليبيا.
واتخذ داعش من مدينة سرت -مسقط رأس الدكتاتور الليبي الراحل معمر القذافي- مقراً له. ولم يجد مقاتلو التنظيم أي صعوبة في السيطرة على المدينة حتى بعد محاولة أولى فاشلة في مدينة درنة إلى الشرق. وكما كان الحال في سوريا فإنهم يلجأون إلى وحشية بالغة لتصبح من السمات الأساسية لهم في سبيل تولي مقاليد الأمور. على سبيل المثال، قُتل الإمام السلفي خالد بن رجب الفرجاني بعد خلاف مع داعش في أغسطس، وعندما اعترضت قبيلته وتمردت قُتل العشرات وتم صلب أربعة رجال في منطقة مزدحمة في سرت.
والآن يسعى القياديون في داعش إلى معرفة نقاط الضعف في مصراتة ثالث أكبر المدن الليبية. ويحاول داعش معرفة إلى أي مدى يمكن الاقتراب من المدينة قبل ظهور أي رد فعل من المقاتلين هناك. كيف ترد المدينة على الهجمات البسيطة، ومن الذي يصدر الأوامر، وما هي نقاط الضعف؟
وردت أنباء عن وصول أبو علي الأنباري -وهو مسؤول سابق في النظام العراقي وأصبح عضوا في قيادة داعش منذ سنوات- مؤخراً إلى ليبيا بحرا. وفي عام 2013 كان بالفعل واحدا من بين أكبر ثلاث قيادات بداعش في شمال سوريا وكان حاضرا لاجتماعات مهمة مثل الاجتماع الذي عقد مع المبعوث الشخصي لأيمن الظواهري زعيم القاعدة ورئيس جبهة النصرة في سوريا وقياديين آخرين للمقاتلين. وعندما سئل في ذلك الوقت عما إذا كان ممكنا مقابلة "الخليفة" أبو بكر البغدادي قال الأنباري إن البغدادي ليس في حاجة للمجيء لأنه هو وغيره من قياديي داعش لديهم سلطة كاملة في اتخاذ القرارات.
كما يكرر الضحايا المحتملون في ليبيا الأخطاء ذاتها التي ارتُكبت في سوريا والعراق. وقال قائد عسكري من مصراتة -لنيويورك تايمز مؤخرا- إنهم كانوا أيضا معارضين لداعش لكنهم لا يقاتلونهم في الوقت الحالي ويركزون على المعركة مع خليفة حفتر في الشرق، حيث يعد أهم معارضيهم في الحرب الأهلية الليبية. ويقولون إنهم في النهاية سيبدأون في محاربة داعش، لكن أحداً لم يرغب في الإفصاح عن أي موعد محدد لهذه المعركة.