أحدث الأخبار
يصف الخبراء صحراء مصر الغربية بمنجم الطاقة الشمسية، ويظل هذا المكان الفريد غير مستغل بسبب ما سماه البعض منهم تقاعس الدولة، بينما رأى البعض الآخر أن البلاد لاتمتلك التقنيات والتمويل لتوليد هذه الطاقة.
ويقول سلامة عبد الهادي، الخبير في هذا المجال وعميد كلية هندسة الطاقة بأسوان السابق، إن "الصحراء الغربية كنز ثمين غير مستغل من جانب الجهات المختصة في الحكومة والمراكز البحثية لتوليد الطاقة الشمسية".
ويؤكد عبد الهادي أن الطاقة الشمسية إحدى البدائل الممكنة لتغطية الطلب على الطاقة بكافة أشكالها حتى عام 2050، وتحقق الاستهلاك الآمن والمستدام لموارد مصر من البترول والغاز الطبيعي، وتساهم في الحفاظ على البيئة.
وقال عبد الهادي لأصوات مصرية، "الدراسات تؤكد قرب نفاذ احتياطي البترول والغاز الطبيعي المصري قبل عام 2020، مما يتعين على مصر حينها شراء مستلزماتها من الطاقة بفاتورة تبلغ أكثر من 90 مليار دولار سنويا، وسيتطلب الأمر البحث عن طاقات بديلة".
لكنه ينبّه من المعوقات التي تواجه استخراج الطاقة الشمسية من الصحراء الغربية وأبرزها: عدم قدرة مصر على انتاج خلايا السليكون التي يتم وضعها بأشكال وأبعاد هندسية معينة لتحويل أشعة الشمس إلى طاقة كهربائية، مما يفرض استيرادها بأسعار باهظة، واقتصار استخدام هذه الخلايا على المناطق الباردة، والاحتياج إلى بطاريات تخزين ليلاً يعيبها تكلفتها العالية وعمرها القصير.
ويطالب الخبير بالتركيز من خلال الأبحاث على إنتاج السليكون النقي من الرمال المصرية لاستغلال الطاقة الطبيعية الموجودة في الصحراء الغربية. ويطرح سلامة عبد الهادي مشروع طاقة شمسية تستخدم فيه أدوات غير مكلفة بتقنية تسمى بالمركزات الشمسية الحرارية، تتناسب من وجهة نظره مع طبيعة الصحراء.
ويشير إلى أن المحطات المستخدمة في هذه التقنية قد تعمل على مدار 24 ساعة ولديها القدرة على تخزين حرارة الشمس أثناء ساعات النهار في خزانات تحتوي على أملاح منصهرة ليستمر عمل المحطة طوال ساعات اليوم، وبقدرة تصل إلى 200 ميجاوات للمحطة الواحدة وبتكلفة 20 بالمائة من إجمالي تكلفة محطات الخلايا الشمسية التي تعتمد على ألواح السيليكون و 50% من محطات الطاقة النووية.
لكن مشروع عبد الهادي لا يُطبّق بهذه السهولة حسب خبراء آخرين. فعلى المستوى الرسمي قال الدكتور أكثم أبوالعلا، المتحدث باسم وزارة الكهرباء، لأصوات مصرية، إنه يصعب الاعتماد على الطاقة الشمسية بشكل كامل بسبب تكلفتها الباهظة، وعدم استطاعة مصر تمويل المشروعات الخاصة بها حالياً ، موضحاً أن قدرة إنتاج شبكة الكهرباء تقدر بحوالي 30 ألف ميجاوات يتم توليدها بنسبة 73% من الغاز، 18% مازوت، 8% مائية، و1% طاقة متجددة.
وينفي أبو العلا وجود عجز في تغطية حاجة البلاد من الكهرباء، عازياً انقطاع التيار المتكرر إلى نقص في الوقود الذي يُشغل محطات التوليد. وأكّد أن الحكومة حلّت المشكلة ووفرت الوقود.
ويتفق صلاح حافظ، خبير الطاقة، في بعض النقاط مع أكثم أبوالعلا مؤكداً أن معوقات كثيرة تواجه استخراج الطاقة الشمسية في مصر منها التكاليف الباهظة، ونقص المعدات المستخدمة في توليد الطاقة بالإضافة إلى الرعاية الشديدة التي تحتاجها لتنظيف أجزائها بشكل مستمر خاصة أنها ستثبت في منطقة صحراوية وتتعرض للهواء المحمل بالرمال.
أما ابراهيم العسيري، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا، فيعارض مشروع الطاقة الشمسية بسبب المساحات الكبيرة التي يحتاج إليها قائلا: "إن المساحة المطلوبة لمحطة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميجاوات تتراوح من 72 إلى 216 كيلومتر مربع".
ويضيف العسيري الذي يعمل مستشارا لوزير الكهرباء أنه في حالة إنشاء مثلاً محطة بطاقة 13000 ميجاوات فالمشروع يحتاج إلى مساحة تتراوح بين 936 و2808 كيلومتر، بما يعادل مساحة بطول المسافة بين ساحل البحر المتوسط غرب الإسكندرية وبحيرة ناصر بأسوان البالغة 900 كيلومتر، وبعرض من 1.04 إلى 3.12 كيلومتر.
ويوضح الخبير الحائز على نوبل ضمن فريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الحل لتغطية احتياجات مصر من الطاقة هو إنشاء المحطات النووية التي لاتحتاج لمساحات كبيرة، مشيراً إلى مشروع الضبعة الجاري تنفيذه على مساحة 50 كيلومتر مربع فقط ويحتوي على 8 محطات.
ويرى إبراهيم العسيري أن الطاقة الشمسية لن تصلح بديلاً للطاقة النووية لتغطية الاحتياجات اللازمة للتنمية في مصر والتي تتراوح بين 2000 و3000 ميجاوات سنوياً، مشيراً إلى ضرورة التوسع في استخدام المصادر المختلفة مثل طاقة الرياح والحرارة الجوفية وطاقة الكتلة الحية دعماً للنووية وليس بديلاً لها.
وختم قائلاً "لو لم يتم تنفيذ المشروع النووي في مصر فقد نضطر إلى استيراد الكهرباء من الإمارات أو أسبانيا تماما كما نستورد القمح".