أحدث الأخبار
- الحكومة يجب أن تستمر في خطتها لتخفيض دعم الطاقة حتى تصل الأسعار إلى التكلفة الحقيقية بعد 4 سنوات
- المشروعات الكبرى التي تتبناها الحكومة توفر فرصا للتحسن الاقتصادي.. لكنها تنطوي أيضا على مخاطر
- التحول من ضريبة المبيعات إلى القيمة المضافة سيضع ضغوطا على الأسعار
- بعض الأحكام القضائية الأخيرة أربكت المراقبين الدوليين وقد تزيد من القلق بين المستثمرين
كتب: محمد جاد
الاقتصاد المصري يظهر حاليا مؤشرات على بدء التعافي بعد أربع سنوات من عدم الاستقرار السياسي أثرت على الثقة والاستثمار، ولكن يجب أن تحتاط الحكومة لاحتمالية وجود مخاطر مالية للمشروعات القومية الكبرى التي تضعها مصر في قلب رؤيتها الاقتصادية، هذه هي رؤية صندوق النقد الدولي للأوضاع الاقتصادية في مصر.
وأصدر صندوق النقد الدولي تقريراً اليوم عن الاقتصاد المصري بعد زيارة بعثة فنية منه لمصر العام الماضي للتشاور مع الحكومة حول أحوال الاقتصاد المحلي، وذلك في إطار ما يعرف باسم "مشاورات المادة الرابعة"، التي تعد أحد أهم وثائق الصندوق في تقييم أداء اقتصاديات الدول الأعضاء، والتي تصدر بالتنسيق بينه وبين الدولة محل البحث.
وتعد زيارة بعثة مشاورات المادة الرابعة لمصر العام الماضي الأولى منذ ثورة يناير، والتي اعتبرت أن النمو الاقتصادي في عهد أخر حكومات الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، من 2004 إلى 2010، "لم يكن يخلق الوظائف الكافية لاستيعاب الأعداد المتنامية للشباب والسكان".
وفي المقابل فإن أجندة الاصلاحات الاقتصادية الحالية تركز على خلق فرص عمل وإجراء تعديلات هيكلية تحفز الاستثمارات وتحمي الفقراء، برأي المؤسسة الدولية.
وحقق الاقتصاد نموا في الربع الأول من العام المالي الحالي بـ6.8% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وهو ما أرجعه الصندوق إلى النمو الذي شهده قطاعا الصناعة والسياحة في تلك الفترة.
وبينما تستهدف الحكومة أن تبلغ معدلات نمو الناتج المحلي الاجمالي في 2018-2019 نسبة 6%، كما يقول التقرير، فإن المؤسسة الدولية تقدر أن يقتصر النمو هذا العام على 5%، معتبرة أن ذلك سيتحقق بفضل الاصلاحات الهيكلية التي ستزيد من الاستثمارات وتحفز الإنتاجية.
وأشاد الصندوق بالإجراءات التي بدأتها مصر في تخفيض دعم الطاقة من بداية العام المالي الحالي، لكنه أوصى بضرورة الاستمرار في تخفيض الدعم وفقاً للخطة الحكومية في ظل "الفجوة الكبيرة" بين أسعار الطاقة في مصر وتكلفتها الحقيقية.
وأشار التقرير إلى خطة الحكومة لزيادة أسعار الطاقة بنحو 20% سنوياً للوصول بها إلى سعر التكلفة في 2019/2018.
حذر الصندوق من إمكانية أن يتأثر التمويل الخليجي، المتدفق على مصر والذي لعب دورا رئيسيا في مساندة الاقتصاد، بانخفاض أسعار النفط عالمياً، مشيراً إلى أن المساعدات الخليجية مثلت 3.8% من الناتج الاجمالي في 2013-2014.
كما قد تتأثر تحويلات المصريين العاملين في الخليج أيضاً بأسعار النفط، التي تراجعت بأكثر من 50% منذ يونيو الماضي.
من ناحية أخرى، قد يتأثر الاقتصاد المحلي بتباطؤ النمو في الأسواق الناشئة وكذلك تذبذبات الأسواق المالية العالمية، الأمر الذي قد ينعكس على المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية والسياحة المتدفقة على مصر خاصة من روسيا.
ويشير الصندوق إلى أن التباطؤ الاقتصادي العالمي قد ينعكس أيضا على إيرادات قناة السويس، وهو ما قد يقلل من فرصها في تنمية ايراداتها من أعمال التوسع الجديدة.
واعتبرت المؤسسة الدولية أن المشروعات الكبرى التي تتبناها الحكومة المصرية توفر فرصا للتحسن الاقتصادي، ولكنها تنطوي أيضا على مخاطر، موصيا بأن "تُصمم وتُراقب تلك المشروعات بحرص للحد من المخاطر المالية المحتملة"، بحسب تعبيرها.
وأشار إلى أنه لم يضع في حساباته عن توقعات الأداء المالي لمصر مساهمة المشروعات القومية الكبرى التي أعلنت عنها الحكومة، باستثاء مشروع قناة السويس، لعدم وضوح تفاصيلها حتى الآن.
ويعول الصندوق على حزمة من الاصلاحات التي تتبناها الحكومة لزيادة الإيرادات وتحفيز النمو، ويعد التحول من ضريبة المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة واحدا منها.
وقد حث مصر على توسيع نطاق إيراداتها الضريبية وفرض ضريبة القيمة المضافة وكبح الإنفاق الحالي.
ورحب الصندوق بالتحركات التي شهدتها أسعار الصرف في الآونة الأخيرة واصفا إياها بأنها "خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح".
واتخذ البنك المركزي المصري عدة إجراءات لكبح السوق السوداء، أهمها السماح بتخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار في السوق الرسمي بنحو 49 قرشا، ووضع حدا للايداعات الدولارية بنحو 10 ألاف دولار في اليوم.
وبالرغم من أن الصندوق يقول إن الحد من التضخم يعد عاملا مهما لتحفيز التنافسية، فإنه يشير إلى أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة سيضع "ضغوطا على الأسعار".
وبينما اعتبر الصندوق أن السلطات أحرزت تقدما ملموسا في إعادة تأسيس الوضع الأمني، فإنه يرى أن البلاد لا تزال معرضة لمخاطر الإرهاب محذرا من أن حدوث أي تردي في الوضع الأمني في مصر سيزيد من المخاطر المحدقة.
وعلى مستوى دور القانون قال التقرير إن "بعض الأحكام القضائية الأخيرة أربكت المراقبين الدوليين وقد تزيد من القلق بين المستثمرين".
واعتبر هاني قدري، وزير المالية، أن تقرير الصندوق "جاء متوازناً من حيث الإشارة إلى مواطن القوة والفرص الواعدة بالاقتصاد المصرى، وكذلك مدى التحديات والصعاب التى تواجه الإقتصاد المصرى خلال الفترة الحالية وعلى المدى المتوسط"، على حد تعبيره في بيان أرسلته الوزارة اليوم.
الجرافات: إعداد محمود نجم