أحدث الأخبار
لم تفارقها ابتسامة ملأت وجهها المفعم بالحيوية، وبنبرة قوية واثقة لخصت مها نور الدين إحدى محاربات سرطان الثدي قصتها بعد الإصابة بالمرض قائلة "كنت فاشلة وما باعرفش أعمل حاجة لحد ما اكتشفت إن عندي سرطان .. بعدها حياتي اتغيرت تماما".
مها التي أكملت عامها التاسع والثلاثين، هي واحدة من بين مليون سيدة تصاب سنويا بسرطان الثدي في العالم وفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية، إلا أنها لم تستسلم وقررت أن لا تترك المرض يسرق عمرها، قائلة "كنت عاوزة أثبت لكل الناس إن حياتي لسه ما انتهتش".
وسرطان الثدي هو ثاني أكثر السرطانات انتشارا في مصر، إذ يمثل 19.29% من حالات السرطان
المسجلة في معهد الأورام وفق إحصائيات المؤسسة المصرية لسرطان الثدي، وهو أكثر السرطانات انتشارا بين الإناث، إذ يمثل 30% من مجموع سرطانات الإناث في مصر.
لم تحظ مها في عيدها الثالث والثلاثين بالبهجة التي اعتادت عليها، فكانت صدمتها الأولى باكتشاف كتلة صلبة في ثديها، لتبدأ معاناتها الحقيقية في التردد على الأطباء.
في البداية عانت مها من التشخيص الخاطئ من قبل أطباء أكدوا لها أنه ورم حميد لا يستدعي استئصاله، إلا أنها لم تشعر بالاطمئنان وأصرت على استئصاله، ، وتأكدت أنه ورم خبيث فأصبح أمرا واقعا، يستلزم الحصول على جرعات كيماوي.
قالت مها، إنها كانت مدللة فلم تعتد القيام بأي عمل خارج أو داخل المنزل حتى الطبخ ورعاية الأبناء وشراء مستلزماتها الشخصية، موضحة أن زوجها وإخوتها كانوا يقومون بكل هذه المهام، لكن الأمر تغير بعد إصابتها بالمرض.
فكانت المرة الأولى التي تهتم فيها بولديها، ومنزلها، ساعية لتغيير حياتها بشكل إيجابي، موضحة أنها مستمتعة بتحمل المسؤولية التي تركتها طوال سنوات عمرها الماضية.
ورغم ذلك عانت مها كثيرا خلال فترة علاجها معتبرة الكيماوي أصعب مراحل العلاج لما يسببه من آلام نفسية وجسدية، قائلة "أول ما شعري وقع كنت بابص في المرايا كتير ألاقي شكلي وحش، ولولا جوزي كان بيصبرني ويهون عليا مكنتش هاقدر أقف على رجلي تاني".
وأوضحت مها أن الكيماوي يغير ملامح الوجه ويجعل البشر أشبه بالموتى، مشيرة إلى أن التأثير النفسي للكيماوي أصعب بكثير من الألم الذي يشعر به الجسد.
واعتبرت مها أن زوجها هو "صاحب الفضل بعد ربنا" في شفائها من السرطان، حيث قدم لها الدعم النفسي والمادي، كما أنه ساعدها كي تغير حياتها، مؤكدة أنها محظوظة فلم يتركها زوجها مثل أخريات تعرضن للطلاق والهجر بعد إصابتهن بالمرض.
كان الاتجاه إلى العمل هو طوق النجاة لمها من المرض الذي اعتبرته "صديقها اللدود"، فاستطاعت بمعاونة صديقة لها أن تؤسس موقعا إلكترونيا يهتم بشؤون وقضايا المرأة حمل عنوان "سحر الحياة"، مؤكدة أن الكتابة هي المهارة الوحيدة التي تجيدها لكنها لم تمارسها بشكل منتظم.
ولم تكتف مها بذلك لأن الموقع لا يحقق لها ربحاً فقررت أن تطلق قناة على موقع يوتيوب تقدم برامج اجتماعية محققة أرباحا من الإعلانات التي تنشر على القناة، وانطلقت من خلالها للكتابة في أحد المواقع الشهيرة المهتمة بالمرأة، قائلة "حياتي اتبدلت تماما بقى ليها طعم تاني".
وبعد ست سنوات من مقاومة سرطان الثدي، رأت مها أنها أصبحت شخصية اجتماعية، ومحبة للحياة تعمل وتجتهد، بعد أن كانت منطوية وغير مؤثرة، ولم تنس فضل زوجها وعائلتها وصديقاتها الذين كانوا بجوارها في كل خطواتها.
وانضمت مها إلى الجمعية المصرية لدعم مرضى السرطان كمتطوعة وليس كمريضة بهدف دعم أخريات، معتبرة أن الألم يترك خلفه قصة نجاح، قائلة "لولا إصابتي بالمرض ماكنش هيبقى عندي دافع أتغير للأحسن .. كنت هافضل فاشلة زي ما انا".
ونصحت مها النساء بالاعتناء بصحتهن بالالتزام بالغذاء الصحي، والتقليل من الدهون قدر المستطاع، مع إجراء فحص دوري سنوي.
وهذا العام، تركز الجمعية المصرية لدعم مرضى السرطان -وهي جمعية أهلية تأسست في نهاية 2010- على أهمية التعايش مع المرض من خلال عرض قصص متحديات سرطان الثدي، وكيفية التغلب عليه، حيث ركزت العام الماضي على أهمية الكشف المبكر عن أورام الثدي.