أحدث الأخبار
كتبت: رحمة ضياء
تبدو أيامهن ثقيلة وأعمارهن متجمدة .. وأحلامهن مثل أحبائهن تماما حبيسة خلف أسوار الزمن.. هكذا حال زوجات المعتقلين.. ينتظرن اللحظة تلو الأخرى التي يتنفس فيها أحبائهن هواء الحرية وتبدأ معهن ساعة الحياة من جديد في العمل.
* 25 يناير تهمة
تتعجب نورهان حفظي زوجة الناشط السياسي أحمد دومة -أحد رموز الثورة المعتقلين- من "مداهمة الأجهزة الأمنية لكل من ينتمي للثورة في الوقت الذي يقر فيه دستور الدولة وبرلمانها ورئيسها بأنها ثورة شعبية".
وتقول نورهان، لأصوات مصرية، إن الذكرى الخامسة للثورة تختلف عن السنوات السابقة، بسبب أن "السلطة عندها رعب مش مفهوم".
وتضيف "للأسف بقى يتم التعامل مع ذكرى 25 يناير باعتبارها وصمة أو عمل إجرامي.. البيوت بتتفتش علشانه وبيحصل مداهمات لأي حد له ملف سياسي"، مؤكدة أن بيوت وبنايات بأكملها خضعت الأيام الماضية للتفتيش في منطقة وسط القاهرة.
وتنقل نورهان عن دومة إحساسه إزاء ذكرى الثورة، قائلة "أحمد شايف أن الثورة في حالة انتكاسة وبيتم محاربتها، فطبيعي يكون الوضع زي ما إحنا شايفينه لكنه متفائل كعادته أن الوضع مش هيستمر كده كتير".
ويُحاكم دومة في عدة قضايا من ضمنها "أحداث مجلس الوزراء"، بتهم من بينها التظاهر بدون إخطار السلطات وإحداث شغب والتعدي على قوات الأمن.
وقضت محكمة جنايات القاهرة، في فبراير الماضي، في "أحداث مجلس الوزراء" بالسجن المؤبد لدومة و229 آخرين، بتهم التجمهر وحيازة أسلحة بيضاء ومولوتوف وحرق المجمع العلمي والاعتداء على مبان حكومية منها مقر مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى.
* الممنوعات في السجن
وتتحدث نورهان عن قائمة الممنوعات التي يقابلها دومة في السجن، قائلة "للأسف وضع أحمد سيء، محبوس انفرادي ومعمول عليه حصار ممنوع، يشوف أي حد، ومش كل الكتب مسموح بيها، ومش مسموح له غير بالجرايد القومية بس".
وتبدي انزعاجها من الرقابة المفروضة عليهما وقت الزيارة، التي تأتي مرة كل 15 يوما قائلة، "بيقعد معانا مخبر ملاصق لنا بيسمع كل كلمة بتتقال وكأننا بنحضر لمؤامرة كبرى، ودي أكتر حاجة بتضايقنا خلال الزيارات وبتأثر على أحمد جدا".
* الفترة الأصعب
وكانت الفترة الأصعب التي مرت على نورهان هي فترة مرض دومة ومعاناته من تقرحات شديدة وفيروس في المعدة، والتي نقل على إثرها لمستشفى سجن طرة، وتحكي عنها نورهان قائلة "الفترة دي كانت صعبة عليا جدا جدا، معتقدش هأمر بفترة أصعب منها في حياتي".
وتتابع: "أحمد كان تعبان جدا وكان معرض إننا نفقده، عمري ما شفته في الحالة اللي شفته فيها وهو تعبان ويا رب متتكررش تاني"، لافتة إلى أن أحواله الصحية تحسنت حاليا.
وتتسلح نورهان بالثقة في أن الوضع الحالي -الذي تعيشه هي ودومة- لن يستمر طويلا، مؤكدة "واثقين أن ربنا له حسابات تانية، وأن الناس مهما تأخر إدراكها للواقع لكن في الآخر هتدركه وده اللي بنراهن عليه".
ورغم أساور السجن التي تفصلهما تقول "وجودنا مع بعض بيدينا طاقة للمثابرة ومخلينا قادرين نعدي الفترة دي".
* أب غائب
وتتشابه مشاعر الفقد والقلق والانتظار التي تعاني منها زوجات رموز ثورة 25 يناير القابعين في السجون، لا سيما من تركوا خلفهم أطفالا ينتظرون عودة الأب إلى المنزل.
وتصبر ريهام إبراهيم زوجة الناشط السياسي أحمد ماهر، نفسها بالدعاء أن يعود أحمد إلى دفء منزله وحضن أولاده نضال وميرال.
وتقول ريهام،عبر صفحتها على موقع فيس بوك، "فات كتير من مراحل حياتهم وهو بعيد عنهم، نضال كتير بيسألني هو بابا كان ساعات بيكون معانا في البيت مش قادر يفتكر الحياة قبل سجن أحمد، بيعتبر أن ده حلم نفسه يتحقق".
وتتابع "ميرال بقت بتتكسف تتكلم معاه في الزيارة، بتقعد ساكتة وباصه في الأرض وعلى وشها ابتسامه خجل وحزن ومش عارفة ترد عليه وهو بيكلمها".
ويقضي أحمد ماهر ومحمد عادل وأحمد دومة حكما بالسجن 3 سنوات في القضية المعروفة إعلاميا بـ"أحداث عابدين"، بتهم التظاهر دون إخطار السلطات والتجمهر وتعطيل المواصلات والتعدي على قوات الأمن في محيط محكمة عابدين.
وتحكي ريهام عن رسمة لابنته ميرال رسمت فيها وجهها بملامح حزينة وكتبت بجوارها "وحشتني يا بابا".
وتستمد منال بهي الدين حسن- زوجة الناشط السياسي علاء عبد الفتاح- القوة من طفلهما خالد الذي أتم أربع سنوات في ديسمبر الماضي، ونشرت وقتها صورة له على حسابها بموقع فيس بوك، تعتذر له عن عيد ميلاد جديد سيحتفلون به في غياب والده، وتقول له إنه سبب نجاتها في السنوات الماضية.
ولا يزال عبد الفتاح يقضي مدة عقوبة بالسجن المشدد 5 سنوات بحكم محكمة جنايات القاهرة، في القضية المعروفة بـ "أحداث مجلس الشورى"، وتعود أحداثها إلى نوفمبر 2013.
وأسندت النيابة إلى عبد الفتاح عدة تهم، من بينها تهمة سرقة جهاز لاسلكي من أحد الضباط بالإكراه، والاشتراك مع باقي المتهمين في جرائم التجمهر وتنظيم تظاهرة دون إخطار السلطات المختصة، وإحراز الأسلحة البيضاء.
* المقاومة بالأمل
وتقاوم رنوة زوجة الصحفي يوسف شعبان، غيابه بالصبر والأمل وتحسب في نهاية كل يوم عدد الأيام التي انقضت من مدة عقوبته، والأيام المتبقية على جمع شملهما.
ويقضي يوسف شعبان وماهينور المصري ولؤي القهوجي حكما بالسجن لمدة عام وثلاثة أشهر في القضية المعروفة إعلاميا بـ"اقتحام قسم شرطة الرمل" بالإسكندرية، لاتهامهم بمحاولة اقتحام قسم الرمل أول في ديسمبر 2013.
وفي الليلة رقم 236 على حبس شعبان، كتبت رنوة عبر صفحتها على فيس بوك "باقي أقل من 200 يوم، قريب من خطوتي ولا لسة كتير يا مشواري؟، أنا عارف أكيد إنك لا متمهد ولا أنت حرير يا مشواري، يا رب قوة وصبر وأمل".
وأوضحت لمن يتابعون صفحتها أنها تحسب الأيام لنفسها "كنوع من أنواع المقاومة".