أحدث الأخبار
قال بيان صادر عن عدد من المنظمات والجمعيات الحقوقية إن نسخة أخيرة لمشروع قانون لتنظيم عمل الجمعيات الأهلية أعدته وزارة التضامن الاجتماعي تشكل انتهاكا للدستور وستؤدي حال إقرارها إلى تجريم عمل هذه المنظمات، حسب قول البيان.
وأوضح البيان أن عددا من المنظمات الموقعة عليه قد تلقت دعوة من الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية تحت رعاية غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي لحضور حوار مجتمعي حول المشروع يوم 26 يونيو 2014، بمقر الوزارة.
وقال إنه "يبدو من مشروع قانون الوزارة الأخير لعام 2014 أن الحكومة ....أخرجت من أدراجها أكثر قوانين الجمعيات الأهلية قمعًا منذ نصف قرن؛ القانون 32 لعام 1964".
وأضاف البيان أن المشروع يجعل تلك المنظمات "خاضعة لسيطرة الحكومة والمؤسسات الأمنية ويكمل إغلاق المجال العام في البلاد، ويجعله مقتصرًا على مؤيدي النظام القائم".
وطالب البيان رئيس الجمهورية ألا يعتمد هذا المشروع، أو أي مشروع قانون آخر "يتعارض مع الدستور والتزامات مصر الدولية".
وأشار البيان إلى قانون التظاهر الذي أقر في نوفمبر 2013 "وأدى إلى سجن عدد من أبرز النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان لمدد تصل إلى 15 عامًا، وفي حال اعتماد مشروع قانون الجمعيات الأهلية فإنه سيؤدي إلى حبس الحقوقيين المستقلين في مصر لفترات تصل إلى 15 عامًا أيضًا".
وقال البيان إن مشروعا سابقا أعلنته الحكومة ووزير التضامن الاجتماعي السابق عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي قبل عام "لم يكن بغرض إصداره، وإنما فقط لتحسين صورتها لدى المجتمع الدولي".
وقدمت حكومات متعاقبة مشاريعا لتعديل القوانين التي تنظم عمل منظمات المجتمع المدني، بدءا من مشروع قدمته حكومة أحمد نظيف عام 2010، وآخر في ظل حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد تنحي مبارك، وعدة مشاريع في ظل رئاسة مرسي انتقدها البرلمان الأوروبي ومفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية أخرى، ولم يتسن إقرار أي منها.
وقال البيان "من الواضح للمنظمات الحقوقية الموقعة –بعد قراءة مدققة لمشروع الوزارة لعام 2014– مدي رغبة الحكومة في السيطرة التامة على المنظمات الأهلية، وتحويلها من منظمات غير حكومية إلى كيانات شبه حكومية خاضعة للأجهزة الأمنية والإدارية، وتجعل الحكومة هي المدير الفعلي لها، حيث تعاقب على مخالفة بعض أحكام القانون بعقوبات الحبس لمدد تصل إلى 15 عامًا، والغرامة التي لا تقل عن 100.000 جنيه".
وأضاف "مما يدل على أن المشكلة ليست في عدم معرفة كيفية صياغة قانون حر للجمعيات، بل في انعدام الإرادة السياسية لدى الحكومة والجهات الأمنية لتحرير العمل الأهلي المستقل، والرغبة في تقويضه في الوقت ذاته".
وقال "إن مشروع القانون الجديد يسعى لوضع المنظمات الأهلية تحت المراقبة اللصيقة والتحكم في نشاطها، ضاربًا عرض الحائط بنص المادة 75 من دستور 2014، والتي تقضي بأن تعمل الجمعيات الأهلية "بحرية". ويعكس هذا التفكير نظرة الحكومة إلى الجمعيات الأهلية على أنها مكاتب يجب أن تعمل تحت سيطرة الحكومة، بل ويجب أيضًا أن تديرها بشكل غير مباشر".
وأضاف "إن مشروع القانون –حال تمريره– سيضم مصر إلى قائمة الدول التي تعاني من أسوأ تشريعات للمجتمع المدني في العالم مثل أثيوبيا وإسرائيل والصين وبيلاروسيا، وينفي كافة مزاعم التحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان التي تدعيها الحكومة المصرية".
وعدد البيان أوجه الاعتراض على مشروع القانون ومن بينها وجود لجنة حكومية تخضع لها هذه المنظمات تمثل فيها جهات أمنية، الأمر الذي "يضع الجمعيات الحقوقية تحت رحمة الأجهزة الأمنية، بدلًا من أن تكون الجمعيات هي من يراقب أداء تلك الأجهزة".
ويوضح جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان وإحدى الجهات الموقعة على البيان، "إن جهة الرقابة الوحيدة المقبولة هي القضاء، وإن على الجهات الإدارية اللجوء إليه حال وجود مخالفات لا أن تأخذ قرارات بشأنها يمكن التظلم منها أمام القضاء فيما بعد".
وأضاف إن هناك مشروعا أعده المجتمع المدني "يلزم المنظمات بالشفافية وإعلان أنشطتها وتمويلها ومصادره وأوجه إنفاقه، وإنها لا ترفض الرقابة لكنها ترفض تحكم الجهة الإدارية".
وقال عيد إن مشروع القانون الأخير "يجعل منظمات العمل الأهلي مكاتب خاصة لوزارة التضامن الاجتماعي لا يمكن لها المبادرة أو العمل إلا بموافقتها..ويعكس تصورا بأن دور المجتمع المدني يقتصر على تقديم خدمات ذات طابع خيري، وعدم فهم دوره كمدافع عن الحقوق والحريات وذي دور حقوقي وتنموي، يمثل الرقابة المجتمعية كوسيط بين الحكومة والمواطن يلبي احتياجاته الثقافية والحقوقية والقانونية".
وأضاف أن عمل المجتمع المدني وثيق الصلة بالسياسة والاقتصاد، يقدم مبادرات ويمارس الرقابة ويختلف عن دور الأحزاب في أنه لا يسعى للسلطة.
واعترض البيان على "حق الجهة الإدارية في الاعتراض على إنشاء الجمعيات، بدعاوى من قبيل ممارسة نشاط يهدد الوحدة الوطنية أو يخالف النظام العام أو الآداب رغم أن الدستور ينص على تكوينها بمجرد الإخطار".
ووقع على البيان منظمات من بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والاتحاد النسائي المصري والائتلاف المصري لحقوق الطفل والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومركز النديم للتأهيل النفسي لضحايا العنف ومصريون ضد التمييز الديني والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي.