"نوستالجيا الوطني".. الباجور تبحث عن نجم بعد الشاذلي (1-3)

الثلاثاء 13-10-2015 PM 03:39

مواطن في مدينة الباجور بالمنوفية لديه حنين لأيام الشاذلي تصوير: محمد جاد

كتب

كتب: محمد جاد وياسمين سليم

"أنا محبط .. الناس عندها إحباط" اكتفى بائع السجائر في مدينة الباجور بالمنوفية بهذا التعليق عندما سألته "أصوات مصرية" عن رأيه في انتخابات البرلمان المقبلة.

ولم تختلف كثيرا باقي التعليقات في الباجور التي سيطر عليها القيادي البارز بالحزب الوطني المنحل، كمال الشاذلي، لسنوات طويلة، إذ يرى بعض أهالي المدينة أن البلاد ليست بها كوادر سياسية في ثقل الشاذلي.

وإن كان عدد منهم لا يتمنى عودة فساد عصر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لكنه يشعر بالنوستالجيا أو الحنين للتعامل مع نائب من ذلك الطراز الذي يمثله الشاذلي، رجل مبارك القوي.

صاحب محل الأحذية، محمود المسداوي، يعتزم التصويت لأحد المرشحين المستقلين في دائرة الباجور والذي يرى أن لديه مشروعات إصلاحية طموحة، ولكنه يتوقع أن يعجز نائبه، إذا وصل للبرلمان، عن تطبيق إصلاحاته بسبب عدم قدرته على مواجهة مراكز النفوذ والمصالح.

لفترة طويلة قبل ثورة يناير كان المسداوي يصوت للشاذلي، الذي يقول أنه لم يستفد منه بمصلحة مباشرة، كالحصول على واحدة من فرص التوظيف التي اشتهر نائب الوطني بتوزيعها على الأهالي، لكنه كان معجبا بقوة نفوذه، ويعلق على وضع أهالي الباجور في عهده بقوله "كنا واخدين حقنا بطريقة مفترية".

ويحكي المسداوي بلهجة إعجاب، مثل العديد من أهالي المدينة، عن تفوق الباجور في دخول خدمات مثل الكهرباء والغاز مقارنة بالمدن والقرى المحيطة بها.

واستفادت المدينة من نفوذ الشاذلي حتى خارج حدودها "أعرف سائق سيارة نقل كان يحتاج تصريحا حكوميا لدخول سيارته من المنوفية للقاهرة.. فاكتفى السائق بوضع صورة كمال الشاذلي على زجاج السيارة واستطاع العبور".

ويكرر المسداوي نفس الحكايات التي استمعت لها "أصوات مصرية" من عدد من مواطني الباجور عن مساهمة الشاذلي في تعيين أبناء المدينة في مناصب رفيعة في الدولة، إلا أنه ينتقد توزيعه للوظائف بطريقة غير عادلة بين أبناء دائرته.

ولا يشعر المسداوي بالرضا عن وضع الباجور بعد رحيل الشاذلي، فبحسب قوله كان رجل الحزب المنحل يستغل نفوذه في ضبط مستوى الخدمات العامة في المدينة. بل وامتد نفوذه إلى ضبط أداء رجال الشرطة الذين يقول إنهم بعد رحيله أصبحوا يتعاملون مع المواطنين "بشكل غير لائق".

لكن حنين المسداوي لنائب الباجور العتيد لا يتعارض مع تأييده للثورة التي خلعت الرئيس الأسبق، فهو يرغب في عودة استقرار مبارك ولكن بدون الفساد، على حد قوله.

صبحي مليم، العضو السابق في المجلس المحلي، الذي عرف الشاذلي عن قرب يقول "لقد طلقت السياسة بعد رحيل كمال"، مشيرا إلى ضعف اهتمامه بالتفاعل مع الانتخابات الجارية.

ويعتبر مليم أن قوة الشاذلي كانت تكمن في خبرته البرلمانية التي بدأها منذ 1964 كنائب عن دائرة الباجور "ليس الشاذلي وحده.. لكن كانت هناك خبرات مماثلة في عهد مبارك مثل فتحي سرور وغيره ... وهذا ما افتقده رجال جمال مبارك".

ويرى مليم أن تجربة برلمان 2010 فشلت، حيث افتقدت لممارسات الشاذلي في تنسيق المنافسة على الدوائر بين الأطراف المختلفة.

ولا ينكر مليم تعاطفه مع الثورة "بالرغم من أني كنت مستفيدا من النظام لكني كنت أنظر إلى من هم أقل مني... أذكر في مرة أني شاهدت شخصا يأكل من القمامة".

لكن مليم يعتبر أن ثورة يناير "كانت عيوبها أكثر من مميزاتها" ويرى أن المخرج من حالة عدم الاستقرار التي تلت الثورة يكون من خلال كوادر خبيرة مثل نموذج الشاذلي.

ويتوسط أحد ميادين الباجور تمثال لجندي يرفع علامة النصر، يقول الأهالي إن أحد المتطوعين قام بتصميمه بعد الإطاحة بالرئيس المنتمي للإخوان المسلمين محمد مرسي.

وفي أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 2011 فاز مرشحان مرتبطان بجماعة الإخوان في دائرة الباجور، ولكن لا يوجد  لهما الآن أي مظهر دعائي في المدينة. ويقول المسداوي إنه صوت للإخوان في الانتخابات السابقة "عشان الدين".

ويرى محمود رشاد، المدرس الذي يساند أحد المرشحين المستقلين في الانتخابات البرلمانية الجارية، أن النموذج السياسي للشاذلي قد انتهى للأبد برحيله عن الدنيا خلال آخر انتخابات برلمانية قبل الثورة، "لن يسمحوا لأحد أن يصل لنفوذه.. كان ماسك مصارين البلد".

ويتمنى رشاد ظهور نموذج جديد للنواب البرلمانيين في الباجور لا يعتمدون في كسب تأييد الأهالي على تقديم خدمات مثل التوظيف عبر نفوذهم في الدولة، ولكن على تبني مشروعات إصلاحية.

ويراهن محمد عباس، أحد المرشحين المستقلين في الباجور، على اجتذاب الأصوات بحزمة من الإصلاحات لتخفيض البطالة وتحسين أحوال الصحة والتعليم .

ولا يغيب شبح الشاذلي عن حديث عباس حول أسباب انجذابه للمنافسة في الانتخابات، إذ يشير إلى أنه "بالرغم من سيطرة الشاذلي على دائرة الباجور، إلا إنه لم يؤسس لجيل ثان"، وهو ما جعل عباس يراهن من وقت مبكر على عدم وجود مرشح قوي في الدائرة بعد رحيله.

ولكن العائق الذي يخشاه عباس في هذه الانتخابات هو ضعف القوى التصويتية، إذ يقول أنه استشف من لقاءاته بأهالي الباجور عدم حماس بعضهم للتصويت مقارنة بما شهدته البلاد في انتخابات 2012، "لا يوجد مرشح يمكن أن نطلق عليه نجم حتى يقرر الناس النزول من أجله للوقوف في طابور الناخبين".

وبالرغم من إيمان عباس بقضايا حرية التعبير، لكنه يقول إنها لن تكون على رأس أولوياته إن وصل للبرلمان "الإعلام حاليا يصور للناس أن أي شخص يتحدث عن الحريات هو ضد الدولة، لذلك لن يتحدث أحد في البرلمان المقبل عن هذه القضايا". 

موضوعات متعلقة:

"نوستالجيا الوطني"..أحمد عز كان سينجح حتى لو ترشح من السجن (2-3)

تعليقات الفيسبوك