أحدث الأخبار
كتب: محمد جاد
تنظم نقابة الأطباء غداً مؤتمراً صحفياً لإعلان اعتراضاتها على مسودة مشروع قانون التأمين الصحي الشامل. وتعد المخاوف من استغناء الدولة عن خدمات قطاع من المستشفيات العامة والاعتماد على الخاصة بدلا منها على رأس انتقادات النقابة للقانون. ويرى خبراء أن العديد من المستشفيات العامة تحتاج لمجهودات لتحسين جودتها حتى تستطيع الاندماج في المنظومة الجديدة.
ونظام التأمين الصحي الشامل، الذي لايزال مقترحا حكوميا لم يعتمد البرلمان مسودته القانونية، يقوم على مبدأ إلزام كافة المواطنين بالاندماج تحت مظلته، مع تغيير دور هيئة التأمين الصحي من تقديم الخدمة إلى الاكتفاء بجمع الاشتراكات من المواطنين والتعاقد مع مستشفيات تقدم مستوى جيدا من الخدمات.
ويتاح للمصريين في الوقت الحالي الحصول على الخدمات المدعمة التي يقدمها العديد من المستشفيات الحكومية بجانب خدمات التأمين الصحي التي تغطي نحو 50 مليون مواطن.
وتمثل النفقات غير الحكومية النسبة الأكبر من إجمالي الإنفاق على الصحة في مصر، إذ تصل إلى 59.3% بحسب منظمة الصحة العالمية.
وفي دورها الجديد كمتعاقد ستلتزم منظومة التأمين الصحي بتوفير مستوى محدد من الجودة في تقديم الخدمات، بعد أن كانت العديد من التحليلات تذهب إلى أن خدمات التأمين يتجنبها الكثيرون بسبب تدني مستوى الخدمة.
مخاطر التحول لنظام التعاقد
تعتمد هيئة التأمين الصحي حاليا بشكل رئيسي على تقديم خدماتها عبر مستشفياتها التي بلغ عددها 40 مستشفى، من ضمن 391 مستشفى تابعة للدولة، بحسب بيانات تقرير لجهاز التعبئة العامة والإحصاء صدر في ديسمبر 2014.
وستدخل مستشفيات الدولة في منافسة قوية مع القطاع الخاص ستلتزم فيها الدولة بموقف محايد حيث ستحدد قرارها بالتعاقد مع أي منها بناء على قدرة المستشفى على توفير المستوى المطلوب من الجودة.
وعلقت نقابة الأطباء على المنافسة المرتقبة بين القطاعين العام والخاص بقولها "لأننا نعرف أن معظم مستشفياتنا الحكومية لا توجد بها معايير جودة حقيقية، نظراً لأنه لا يوجد إنفاق كاف عليها، إذن من المتوقع أن تخرج هذه المستشفيات من التعاقد، وتستأثر المستشفيات الخاصة بالتأمين الصحى"، بحسب قولها على موقعها الإلكتروني.
ويقدم العديد من المستشفيات العامة خدماته للمواطنين برسوم رمزية اعتمادا على الدعم الذي تتلقاه من الموازنة العامة للدولة، ولكن في القانون الجديد ستصبح مخصصات الموازنة الموجهة لتلك المستشفيات في يد نظام التأمين الصحي، مما يحتم على تلك المستشفيات منافسة القطاع الخاص في الجودة وإلا سيتم حرمانها من تمويل الموازنة.
وتستهدف الحكومة تطبيق النظام التأميني الجديد بشكل تدريجي على مستوى المحافظات.
وبحسب مسودة القانون، فإن الكيان الجديد الذي سيختص بتمويل هذا النظام التأميني ستؤول إليه "جميع المخصصات المالية التي تخصصها الدولة للإنفاق على القطاع الصحي في المحافظات التي شملها النظام".
وهذا هو ما سيضع المستشفيات العامة في كل محافظة يدخل فيها النظام الجديد أمام تحديات صعبة لتحقيق الجودة المطلوبة. وتقول النقابة، على موقعها الإلكتروني، تعليقا على هذا "يبدو أن المستشفيات والعاملين فيها سيكونون خارج النظام الصحى تماماً".
ضعف الجودة في المستشفيات المركزية
تعد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة هي الكيان الأكبر ضمن المنشآت الصحية التابعة للدولة، وفي ذات الوقت تتركز فيها بشكل كبير مشكلات نقص الجودة. "المستشفيات العامة والمركزية تعد من أقل المنشآت الصحية التابعة للدولة جودة في تقديم الخدمات، وتعتمد على تمويل الدولة بشكل شبه كامل" كما يقول علاء حامد، خبير الصحة بالبنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وتقع المستشفيات العامة في المدن والمراكز التي تضم أكثر من 500 ألف نسمة، بينما تقع المستشفيات المركزية في المراكز والمدن التي يتراوح عدد سكانها بين 100 ألف و500 ألف نسمة.
ويقول علاء غنام، مسؤول ملف الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن "العديد من المستشفيات المركزية تعاني من ضعف مستوى الخدمات في ظل غياب الرقابة عليها".
وتتنوع مصادر تمويل المنشآت الصحية العامة (تشمل المستشفيات الجامعية والتأمين الصحي بالإضافة للمستشفيات العامة والمركزية) بين الاعتماد على التبرعات أو تقديم الخدمات بسعر يغطي تكاليفها الحقيقية، وبين التمويل من الدولة لتقديم الخدمات بسعر مدعم، إلا أن المستشفيات العامة والمركزية تحديدا تكاد تكون معتمدة بالكامل على تمويل الدولة، كما يقول حامد، "مما يضعها في صدارة المنشآت التي تحتاج للتكيف مع المنظومة الصحية الجديدة، التي ستربط التمويل بمستوى الجودة".
تزويغ الأطباء للمستشفيات الخاصة
بالرغم من تفوق المستشفيات الحكومية على الخاصة في عدد الأسرة، 98.2 ألف سرير مقابل 26 ألف سرير، إلا أنها تعاني من معدلات إشغال ضعيفة نسبيا، حيث يقدر جهاز التعبئة والإحصاء أن معدل إشغال الأسرة في المستشفيات العامة والمركزية يبلغ 43.7%.
ويقول حامد إن"ضعف مستوى الإشغال يرجع إلى نقص الإمكانيات وعدم وجود حافز للعمل بسبب ضعف المرتبات".
وأضاف أن العديد من المنشآت الصحية العامة لا تستطيع إنفاق التمويل المخصص لها بسبب الإجراءات البيروقراطية المطلوبة منها، والتي تجعل مسألة السماح باعتماد تلك النفقات في يد جهات مركزية.
ويقول أحمد شكري راشد، الباحث في مجال الصحة وأستاذ الاقتصاد بجامعة دمنهور، إن "العديد من المواطنين يشكون من عدم توافر الأطباء في المستشفيات العامة معظم الوقت، وذلك لأن العديد منهم يوفر وقته للعمل في القطاع الخاص برواتب أفضل".
ووفقا لبيانات التعبئة والإحصاء، فإن عدد الأطباء في المستشفيات الحكومية يبلغ نحو خمسة أضعاف العاملين في المستشفيات الخاصة، 103.7 ألف مقابل 19.7 ألف طبيب، لكن غنام يقول إن تلك البيانات لا تعكس الواقع، حيث أن العديد من أطباء القطاع الخاص معينون على الورق في القطاع العام ولكنهم يتسربون في أوقات العمل الرسمية للقطاع الخاص، بحثا عن فرصة لزيادة دخولهم المتدنية في ظل غياب الرقابة على المستشفيات العامة.
وأضاف "نحتاج لتطبيق نظام طبيب واحد لمستشفى واحد، حتى تتحسن الخدمة في المنشآت العامة، لكن ذلك لن يحدث إلا إذا تم تحسين مستوى الأجور الحكومية".