أحدث الأخبار
كتبت: أمنية طلال
اختلف عدد من النشطاء في مجال حقوق المرأة والباحثين السياسيين حول النظام الانتخابي الأفضل لضمان تمثيل نسائي في البرلمان.
وتجرى الانتخابات البرلمانية الحالية بالجمع بين نظامي الفردي والقوائم المغلقة المطلقة، بما يتيح للمرأة التمثيل بنسبة 5% في القوائم، الأمر الذي أثار انقساما بين الخبراء والمنظمات النسائية بشأن أهمية تخصيص حصة للمرأة، والنظام الأمثل لزيادة مشاركتها بشكل عام.
والقوائم المغلقة المطلقة تشترط أن تحصل القائمة على أعلى الأصوات ليتم تمثيلها في البرلمان.
وبدأت المرحلة الأولى من الانتخابات في 18 أكتوبر الجاري، واستمر الاقتراع على مدى يومين في 14 محافظة هي الجيزة والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط والوادي الجديد وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر والإسكندرية والبحيرة ومطروح، وتجرى حاليا الإعادة في في 14 محافظة على مستوى الجمهورية ما عدا 4 دوائر.
كان نظاما الكوتة والقائمة النسبية البوابة السحرية لدخول المرأة المصرية البرلمان بنسب مرتفعة في فترات سابقة، فلم تحصد المرأة في ظل النظام الفردي سوى أقل من 4% من مقاعد البرلمان في أفضل حالاتها عام 1987، بينما وصلت في ظل الكوتة إلى 12%.
وظلت المرأة المصرية لعقود مستبعدة من الحياة الساسية فلم يسمح لها بالترشح أو التصويت قبل عام 1956 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والذي أعطى للمرأة هذه الحقوق بموجب دستور 1956.
تم تطبيق نظام الكوتة لأول مرة عام 1979، بعد تعديل قانون الانتخابات رقم 38 لسنة 1972 بالقانون رقم 21 لسنة 1979، الذي نص على تخصيص ثلاثين مقعدًا للنساء كحد أدنى، بواقع مقعد على الأقل لكل محافظة، الأمر الذي دفع مائتي سيدة للترشح في الانتخابات، وفازت ثلاثين سيدة بالمقاعد المخصصة للنساء، كما فازت بثلاثة مقاعد أخرى، بالإضافة إلى سيدتين عينهما رئيس الجمهورية، ليصبح إجمالي النائبات 35 بنسبة 8% من إجمالي الأعضاء.
* عودة الكوتة
وللمرة الثانية طبقت الكوتة في عام 2010 في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، بتخصيص 64 مقعداً للمرأة، وحصلت النساء وقتها على مقاعد الكوتة فقط، دون أي مقاعد أخرى.
وقال أكرم ألفي، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لأصوات مصرية، إن المرأة لم تُطرح بشكل واضح على "أجندة" القوانين إلا بعد 30 يونيو، موضحا أن تخصيص مقاعد للمرأة في الكوتة الخاصة بالقوائم وهو المطبق حاليا، جاء ضمن تخصيص مقاعد للفئات المهمشة (المسيحيين والعمال والفلاحين) لتعويض إلغاء نسبة الـ50% عمال وفلاحين، وليس لاهتمام خاص بالمرأة.
ورأى ألفي أن نظام القوائم النسبية الذي طبق سنة 1984 خدم المرأة أكثر من نظام الكوتة، موضحا أن القائمة النسبية أجبرت الأحزاب على وضع النساء على قوائمها، وقال "لو كان استمر نظام القائمة النسبية كانت الأحزاب اتعودت تنزل الستات على قوايمها.. وده هيحسن من مشاركة المرأة فيما بعد".
والانتخابات بنظام القائمة النسبية تكون فيها الدوائر الانتخابية أقل عدداً وأكبر مساحة، وفي هذه الحالة، يطرح كل حزب أو مجموعة أحزاب قريبة من بعضها أو حتى مجموعة من المستقلين، قائمة بعشرة مرشحين للدائرة. وتتنافس قوائم الأحزاب المختلفة ويصوت الناخبون لاختيار القائمة التي تناسبهم، وبعد انتهاء الانتخابات، توزع مقاعد الدائرة على القوائم بشكل يتناسب مع الأصوات التي حصلت عليها.
وأضاف ألفي أن حكم المحكمة الدستورية في عام 1987 بعدم دستورية القوائم النسبية والكوتة وأد تفعيل دور المرأة في البرلمان والحياة السياسية، وأدى إلى تراجع مشاركة المرأة في البرلمان.
* القائمة النسبية هي الحل
وجرت انتخابات 1984 بنظام القوائم النسبية لدعم مشاركة الفئات المهمشة مجتمعيا ومنها المرأة، وحصلت المرأة على 36 مقعدا من أصل 458 مقعدا.
في عام 1987 صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بإلغاء القانون 12 لسنة 1979 والذي يقضي بإلغاء القوائم النسبية والكوتة، استنادا إلى أن ذلك يتنافى مع مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، وهو ما انعكس على تمثيل المرأة في البرلمان، حيث تقلص عدد النائبات إلى 18 نائبة فقط، بنسبة 3.9%، حيث فازت 14 وتم تعيين 4 سيدات.
واعتبر ألفي أن نظام القائمة المغلقة أضعف دور المرأة السياسي، قائلا "المرأة ملحقة بالقائمة يعني مجرد كمالة عدد، وترشيحها في القائمة مش إيمان بدورها".
ولا ينكر ألفي أن نظام الكوتة حل مؤقت يعود الناخب على وجود السيدات، ويجعل تواجدها في البرلمان أمرا طبيعيا.
وتتفق الناشطة السياسية، كريمة الحفناوي مع ألفي، معتبرة أن القائمة النسبية غير المشروطة هي الحل الأمثل لزيادة نسب مشاركة المرأة السياسية.
وأوضحت أن قوانين مباشرة الحقوق السياسية، وتقسيم الدوائر، والانتخاب لم يخدموا المرأة نتيجة الاهتمام بالمقاعد الفردية واتساع الدوائر، والإنفاق ببذخ على الدعاية وهو ما لا تقوى عليه النساء مثل رجال المال.
وقالت "القوايم المغلقة ما بتديش فرصة لكل الستات انهم يمثلوا في البرلمان لأنها غالبا بتركز على تيار أو اتجاه معين مش بالضرورة يكون بيعبر عن الستات".
وحصلت المرأة على أقل من 2% من مقاعد البرلمان في انتخابات 2012، حيث نجحت 9 سيدات، وتم تعيين ثلاث آخريات من قبل رئيس الجمهورية.
* غياب الأحزاب
ورأت هدى بدران، رئيس الاتحاد النوعي لنساء مصر، أن الكوتة هي الحل السحري للمرأة لدخول البرلمان وخصوصا في هذه الفترة، قائلة "الناخبون اتعودوا على أن أعضاء البرلمان رجالة، والعصبيات اللي بتجبر أبناء العيلة على ترشيح وانتخاب الراجل طبعا".
واعتبرت بدران أن الأحزاب هي التي ستحسن من مشاركة المرأة السياسية في حال قيامها بترشيح النساء على قوائمها بشكل متساو مع الذكور، وتوليها مواقع قيادية داخل أحزابها.
ولا تتوقع نهاد أبو القمصان، مدير المركز المصري لحقوق المرأة، حصول النساء على مقاعد إضافية في مجلس النواب القادم، قائلة "لن يزيد تمثيل المرأة إلا بتعديل قانوني يحجز مقاعد للستات".
وأشارت إلى الآثار السلبية للثقافة والعادات والتقاليد التي تعوق وجود النساء في العمل السياسي، موضحة أن هذه الفترة تحتاج إلى إقرار الكوتة وزيادة عدد النساء في البرلمان من خلالها حتى تتغير ثقافة المجتمع التي لا تقبل تواجد المرأة سياسيا.
لا ترى مديرة المركز المصري لحقوق المرأة أن الـ70 مقعدا المقررة في مجلس النواب الجديد كافية لتمثيل حقيقي للنساء، لكنها ترى أنها بداية لزيادة التمثيل النسائي في البرلمان، وتأمل في تعديل القانون ليوازي حجم المرأة في المجتمع.