الفقراء.. الأقل حظا في برامج الحكومة في 2014

الأربعاء 31-12-2014 PM 09:45
الفقراء.. الأقل حظا في برامج الحكومة في 2014

فقراء مصر - صورة من رويترز

أشرف وزوجته وبناته الأربع يعيشون في غرفة مساحتها مترين ونصف في مترين تقريبًا، توفرت لهم بحكم وظيفته كـ"بواب"، في الدور السفلي بإحدي العمارات القديمة بمنطقة شبرا، وتتسع لسرير واحد تستلقي عليه الفتيات، بينما ينام هو وزوجته على أرضية الحجرة.

أشرف لم يسمع من قبل عن مشروع المليون وحدة سكنية التي أعلنت الحكومة عن البدء في إنشائها لمن يعيشون نفس ظروفه، كما أن بطاقته التموينية التي لم يجددها بعد لا تمنحه ما يسد فراغات ثلاجته، وحينما يمرض أحد أفراد عائلته فهو من يتولي نفقات علاجه التي تثقل ميزانيته المحدودة في كل الأحوال.

ينطبق على أشرف ونحو 22 مليون شخص آخرين يعيشون في أوضاع مشابهة، توصيف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لمن يقعون تحت خط الفقر؛ المقدر بنحو 327 جنيها للفرد في الشهر، حيث لم يتجاوز يوماً الدخل الشهري لأشرف، المكونة أسرته من ستة أفراد، ألف جنيه. فهو يحصل علي أربعمائة جنيه لقاء عمله كبواب واعتنائه بخمس سيارات تخص سكان العمارة بانتظام، في حين يعمل «حسب التساهيل» في مجال البناء أياماً معدودة خلال الشهر ليتمكن من تلبية احتياجات عائلته.

منذ أن تشكلت حكومة رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، في يونيو من العام الحالي، تكررت تصريحات وزرائها بشأن مشروعات وخطط عمل تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة محدودي الدخل والفقراء، إلا أن بعض هذه المشروعات لم تقترب، ولو قليلاً، من تحقيق هدفها، بسبب ما سماه يحيي شوكت، الباحث المتخصص في ملف الحق في السكن بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بـ"التعريف المضلل لمحدودي الدخل".

مشروع المليون وحدة سكنية


مشروع الإسكان الاجتماعي الذي تم الإعلان عنه أول مرة في 2011 وبدأ العمل به في 2012 والذي وعد ببناء مليون وحدة لمحدودي الدخل، شهد العديد من التغيرات على مدار السنوات الماضية، وصولاً إلى العام الحالي. حيث أقر الرئيس عبد الفتاح السيسي تعديلات على قانون التمويل العقاري أتاحت الفرصة لشريحة أكبر من محدودي الدخل للتقدم للحصول على وحدة ضمن المشروع، فقد أصبح من حق الأسرة التي يبلغ دخلها الشهري 1370 جنيهاً الحصول على التمويل بدلاً من 1920 جنيها كما كان في السابق، ودفع قسط قيمته 480 جنيها شهريا.

ورغم صدور قانون إنشاء صندوق دعم وضمان نشاط التمويل العقاري في عام 2013 إلا أن الرئيس السيسي أعاد إنشاءه مرة أخرى دون اختلاف واضح عن القرار السابق، سوى تفعيل عمل الصندوق ضمن برنامج الإسكان الاجتماعي.

ويقول يحيى شوكت، الباحث المسؤول عن ملف الحق في السكن في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن التعديلات سمحت بضم جزء أكبر من الشريحة الأكثر فقراً للمستحقين لتلك الوحدات، ولكن مازال النصف الأدنى من تلك الشريحة محروم من المشروع.

ويشير شوكت، في الدراسة التي أصدرتها المبادرة حول سياسات الإسكان في مصر في ديسمبر 2014، إلى بعض الصعوبات التي تحد من فرص الشرائح الأكثر فقراً للحصول على الوحدات، مثل شروط إثبات الدخل.

ويستشهد الباحث في دراسته بوحدات مبادرة البنك المركزي للتمويل العقاري لمحدودي الدخل التي تم رفض حوالي 60٪ من المتقدمين لها بسبب عدم توفر إثبات لدخلهم.

وعلى الرغم من أن سكن عائلة أشرف بالكامل مرهون بعمله بواباً لإحدى العمارات السكنية، إلا أنه استبعد فكرة التقدم للحصول على وحدة من وحدات الإسكان الاجتماعي بعدما علم بأمرها، إذ قال "أدفع ٤٨٠ جنيه إزاي!.. أبطل اودي العيال المدارس؟.. لاً طبعاً".

الرعاية الصحية لـ"الأكثر فقراً"


اختارت وزارة الصحة المحافظات الإثنا عشر الأكثر فقراً لتضمنها في برنامج تحسين مستوي الرعاية الصحية للفقراء، وفقاً لأحدث خريطة للفقر الصادرة عن الصندوق الاجتماعي للتنمية في مارس الماضي.

ويعتبر علاء الدين غنام، مدير برنامج الحق في الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن البرنامج أشبه بالعلاج على نفقة الدولة، ويعد خطوة إيجابية على طريق تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل للمصريين الذي أعلنت الحكومة عزمها تنفيذه؛ حيث سيساعد على حصر أعداد المستحقين والفئات الأولي بالرعاية.

ومن المنتظر البدء في البرنامج في يناير المقبل بمحافظتي الأقصر وأسوان.

ويقول حسام عبد الغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة، إن الوزارة بدأت بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي بعمل قاعدة بيانات موحدة، حيث يوجد لدى وزارة التضامن حوالي 1.4 مليون أسرة مسجلة للحصول على معاش الضمان الاجتماعي، بها 7.3 مليون فرد من المفترض أن يستفيدوا من برنامج الرعاية الصحية بالمحافظات التي تم تحديدها.

ويضيف عبد الغفار أن الوزارة ستقوم بتوفير كارت ذكي يحتوي على بيانات المستخدم ويمكنه من الحصول على معاش الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية.

ووفقا للخطة الموضوعة، سيقوم البرنامج بتحسين الرعاية الصحية علي مستويين: الأول من خلال تأهيل جهات تقديم الخدمة ومقدميها، والذي سيبدأ بتأهيل عدد من الوحدات الصحية والمستشفيات العامة والمركزية، والمستوى الثاني من خلال تقديم رعاية صحية جيدة لسكان تلك المحافظات.

برنامج التأمين الصحي للفلاحين


في 17 سبتمبر من العام الحالي أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قراراً بانشاء نظام تأمين صحي للفلاحين الذين لا يتمتعون بمظلة التأمين الصحي تحت أي قانون آخر. واعتبر القانون أن الفلاح هو كل من يمتهن نشاط الزراعة وتمثل المصدر الرئيسي لدخله، ولكن غنام، الباحث بالمبادرة، يرى إن هذا القرار "سياسي" فقط، فوضع ما يقرب من 3 ملايين فلاح تحت مظلة التأمين الصحي يستلزم الكثير من الإجراءات وليس فقط مجرد إصدار قرار.

وقال غنام إن غياب تعريف واضح للفلاح الذي يشمله القرار يجعل المشروع غامضاً، متسائلاً "من هو الفلاح؟ هل من يملك آلاف الأفدنة فلاح يستحق الدعم في برنامج التأمين الصحي؟".

وأضاف أن غياب التفاصيل عن الإعلان الخاص بالمشروع يجعله يبدو وكأنه اتُخذ دون دراسة، حيث لم يُعلن عن الخدمات التي ستشملها الحزمة التأمينية، بالإضافة إلى تفاصيل حساب التكلفة، وعلى أي أساس تحددت.

التموين: سلع أفضل ودعم مُفعل


منذ أن أعلنت وزارة التموين عن تعديل نظام تقديم دعم السلع الغذائية ارتفع عدد البطاقات إلى حوالي 18 مليون بطاقة، وفقاً لتصريحات المتحدث باسم وزارة التموين.

إحدى السيدات العاملات في صناعة الأشغال اليدوية، طلبت عدم نشر اسمها، قالت إنه عقب الإعلان عن النظام الجديد أبلغها المحيطون بها أن كل السلع والخدمات سيتم ربطها بالبطاقة التموينية الجديدة، ولن يصبح بإمكانها الحصول عليها دونها، لذلك توجهت على الفور للحصول على البطاقة. وتقول إنها استغرقت نحو 5 أشهر منذ أن تقدمت لملء استمارة التسجيل من مكتب التموين بمنطقتها وحتي استلامها، قضت معظمها في الحصول علي توقيعات وانتظار عملية البحث الاجتماعي عن حالة أسرتها، إلى أن استكملت كل البيانات والتوقيعات، حيث تسلمت البطاقة بعدها بأسبوعين.

لكن الوضع تبدل بعد استخراجها البطاقة، "مابقتش أقف في طوابير عيش، وباخد عيش نضيف٫ وحتى الأرز وبقية احتياجات البيت اللي باخدها نوعها كويس ونضيفة، زمان كانوا اللي بياخدوا السكر يلاقوه أسود، دلوقتي لأ"، حسب قولها.

وتضيف السيدة أن حرية اختيار ما يناسب أسرتها من السلع أفضل كثيراً من ربطها بسلع وحصص معينة، فهي ترى أن استخدامات كل أسرة تختلف عن غيرها.

برامج للدعم النقدي لم تر النور


رغم أن الحكومة أعلنت عن تقديم مساعدات نقدية للفقراء من يوليو الماضي لتخفيف أثر القرارات التي اتخذتها العام الحالي وتقضي بزيادة أسعار الوقود، إلا أنها لم تفعل ذلك وتم تأجيل ذلك الدعم أكثر من مرة.

وأعلنت وزارة التضامن الاجتماعي عن برنامجين يستهدفان توجيه الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعية، هما تكافل وكرامة.

وتقول هبة الليثي، أستاذة الإحصاء بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والمشرفة على بحث الدخل والإنفاق الذي يصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إن الحكومة كان عليها أن تعمل على أكثر من محور لتحسين معيشة المصريين الواقعين تحت خط الفقر، مثل البرامج التي أعلنتها وزارة التضامن لزيادة عدد الحاصلين علي معاشات الضمان الاجتماعي، مثل كبار السن والمعاقين، وآخر لمساعدة الأسر الفقيرة التي لديها أطفال بالمدارس، كي يستمروا في المسار التعليمي.

وأضافت الخبيرة أن فئة القريبين من خط الفقر تحتاج أيضاً لانتباه الحكومة، فهؤلاء شديدو التأثر بأي غلاء مفاجئ للأسعار، مما يعرضهم للنزول تحت خط الفقر.

وتقول الليثي إن الحديث عن المشروعات الضخمة ليس بالضرورة مؤثراً في حياة الفقراء بشكل مباشر، فتلك المشروعات قد توفر لهم فرص عمل ولكنها تبقي مؤقتة لحين انتهاء المشروع فقط، كما أن عائدها على الاقتصاد لن يكون له التأثير الآني على حياتهم، لذلك دعت الليثي إلى الاهتمام ببرامج التشغيل للعمالة غير الماهرة التي تمثل فئة كبيرة من شريحة الفقراء، والعمل على رفع كفاءاتهم لتأهيلهم لسوق العمل.

تعليقات الفيسبوك