أحدث الأخبار
- جي بي أوتو: مصنعنا توقف عن الإنتاج لأول مرة منذ 40 سنة لأننا لم نتمكن من استيراد الخامات
- حديد عز: الإنتاج والتصدير تراجعا بسبب نقص الغاز .. ونتمنى عدم تكراره بعد انتظام الامدادت في الشهرين الأخيرين
كتب: عبدالقادر رمضان
مشكلتا نقص الدولار والطاقة أكبر المشاكل التي يأمل المستثمرون الصناعيون في عدم مواجهتها مجددا خلال العام 2016.
كان النقص الحاد في موارد العملة الصعبة خلال العام الجاري أحد أبرز المشكلات التي عاني منها القطاع الصناعي، إذ أنه تسبب في تعطيل استيراد الخامات ومكونات الإنتاج للمصانع.
"لأول مرة منذ 40 سنة يتوقف المصنع عن الإنتاج لمدة 20 يوما خلال شهري سبتمبر وأكتوبر، لأن المكونات والخامات كانت محتجزة في الموانئ نتيجة عدم قدرة البنوك على تدبير الدولار"، كما تقول منة الله صادق، مدير قطاع الاستثمار في شركة جي بي أوتو للسيارات.
وتسببت أزمة نقص الدولار في تراجع النمو الصناعي في أول 9 أشهر من 2015 إلى 0.2 بالمئة مقابل 9 بالمئة في نفس الفترة من العام الماضي، وكذلك تراجع التصدير بنحو 17.5 بالمئة حتى نهاية شهر أكتوبر.
وقال مجدي طلبة رئيس مجلس إدارة شركة كايرو قطن، وهو أحد كبار مصدري الملابس الجاهزة، إن أزمة نقص العملة أدت إلى تأخر فتح الاعتمادات المستندية لاستيراد الخامات اللازمة للصناعة، مما قلل من الخامات المتوافرة ورفع أسعارها.
كما إن زيادة قيمة الدولار أمام الجنيه، والذي وصلت نسبته خلال العام إلى 11%، أدت إلى زيادة أسعار الخامات، وبالتالي ارتفاع تكلفة الإنتاج.
وكان البنك المركزي قد سمح بهبوط الجنيه أمام الدولار 3 مرات منذ بداية العام، لينخفض بنحو 80 قرشا في السوق الرسمية، قبل أن يعزز قيمته بعشرين قرشا في نوفمبر الماضي.
ولايزال سعر الجنيه في السوق الرسمي أقل بكثير من سعره في السوق السوداء الذي يصل إلى نحو 8.55 جنيه للدولار.
وتتوقع بنوك استثمار أن يخفض البنك المركزي قيمة الجنيه خلال العام المقبل لمستوى أعلى من 8 جنيهات للدولار في السوق الرسمي.
انخفاض الجنيه لم يحسن الصادرات
"كان من المفترض كمُصدِر أن أستفيد من انخفاض قيمة الجنيه، لأن منتجاتي ستصبح أرخص في الأسواق العالمية لكن عدم توافر العملة الصعبة أدى إلى تراجع الإنتاج، فلم نتمكن من زيادة الصادرات" يقول طلبة.
وأظهر مؤشر مدراء المشتريات الرئيسي (PMI) لبنك الإمارات دبي الوطني، الذي صدر في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر الجاري، أن انخفاض قيمة الجنيه كان عاملا رئيسيا في تراجع مشتريات الشركات من الخامات وارتفاع تكلفة الإنتاج.
وهبط المؤشر الذي يقيس أداء شركات القطاع الخاص غير المنتجة للبترول في نوفمبر لأقل معدل له خلال أكثر من سنتين.
ومنذ إعلان تعيينه محافظا للبنك المركزي، توسع طارق عامر في توفير العملة الصعبة للبنوك لتغطية طلبات الاستيراد وسداد متأخرات لمستثمرين أجانب في البورصة.
وقال رئيس شركة كايرو قطن إن تحسن دخل البلاد من العملات الصعبة بسرعة لن يحدث إلا من خلال التوسع في التصدير، خاصة مع تضرر قطاع السياحة، الذي كان رافدا أساسيا لدخول تلك العملات، إثر حادث تحطم الطائرة الروسية فوق سيناء في أكتوبر الماضي.
"الصادرات هي القطاع الوحيد القادر على النمو بسرعة، إذا ما ساندته الحكومة من خلال مساعدة المصانع التي أغلقت، أو تعمل بأقل من نصف قدراتها الإنتاجية" يقول طلبة.
وأشار طلبة إلى أن تكلفة الإنتاج خلال العام 2015 ارتفعت بسبب زيادة أسعار "المياه والكهرباء والوقود والتأمنيات والأجور.. وهو ما أخرج المنتَج المحلي من المنافسة في الداخل والخارج".
وفي قطاع الأدوية كان نقص الدولار سببا رئيسيا في اختفاء بعض الأصناف الهامة من السوق، سواء كانت مستوردة أو محلية وتعتمد على استيراد المواد الخام، بحسب أسامة رستم، رئيس شركة إيبيكو للأدوية.
وأشار رستم إلى أن نقص العملة الصعبة عمق جراح قطاع الصناعات الدوائية بسبب زيادة تكلفة الإنتاج، خاصة مع انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار.
ويأمل رستم في موافقة وزارة الصحة على رفع أسعار الأدوية التي "تباع بأقل من تكلفتها"، لتمكين المصانع من التوسع في الإنتاج والتصدير.
نقص الطاقة أزمة لن تتكرر في 2016
تضرر القطاع الصناعي بشدة خلال عام 2015 وخاصة في شهور الصيف من توقف إمدادات الغاز، بعد أن حولتها الحكومة إلى محطات توليد الكهرباء للحد من انقطاع التيار عن المنازل، في ظل أزمة الطاقة التي تعانيها مصر خلال السنوات الأخيرة.
ورغم أن الحكومة نجحت في تقليل انقطاعات الكهرباء إلا أن المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة على الجانب الأخر حُرمت من الغاز الطبيعي بشكل كبير.
وكان التقرير السنوي للشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" قد أكد انخفاض الكميات التي حصلت عليها المصانع من الغاز بنحو 22%، خلال العام المالي الماضي، والذي يشمل الستة أشهر الأولى من 2015.
وكانت مصانع الأسمدة والحديد والصلب والأسمنت من أبرز المتضررين من نقص الغاز، خاصة الأسمدة التي تستخدمه كمادة خام في الإنتاج وليس فقط كوقود لتشغيل الأفران.
"أكبر مشكلة عانينا منها خلال العام 2015 كانت نقص الطاقة، والتي أدت إلى تراجع الإنتاج والتصدير في مصانعنا" يقول سمير نعماني، المدير التجاري في شركة حديد عز، أكبر منتج للحديد والصلب في الشرق الأوسط.
إلا أن هذه الأزمة انتهت خلال الشهرين الأخيرين من العام، بعدما انقضى فصل الصيف وعاد الغاز الطبيعي إلى جميع المصانع بشكل منتظم.
ومنذ بداية نوفمبر الماضي عاد ضخ الغاز بشكل تدريجي في المصانع كثيفة استهلاك الطاقة، وساعد في ذلك زيادة قدرة مصر على استيراد الغاز من الخارج، بعد تشغيل ثاني مركب عائم لاستقبال الغاز المستورد، والذي سبقه المركب الأول في شهر أبريل الماضي.
وقال نعماني لأصوات مصرية إن "إمدادات الغاز منتظمة حاليا ونأمل ألا تتكرر الأزمة في 2016".
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قال في مطلع شهر نوفمبر الماضي إن المصانع في مصر لن تواجه أي مشاكل في الحصول على احتياجاتها من الغاز بنهاية نوفمبر 2015.
آمال معلقة على العام الجديد
ارتفاع تكلفة التمويل كان أحد المشكلات التي عانت منها الصناعة، وتتطلع إلى حلها في العام الجديد، كما يقول مجدي طلبة، رئيس شركة كايرو قطن.
"البنوك تقرض الشركات الصناعية بفائدة تصل إلى 14 و15 بالمئة.. كيف ننافس المنتجات المستوردة بهذه التكلفة".
أما صناعة تجميع السيارات فتعلق أملا كبيرا على تفعيل استراتيجية تحفيز الصناعة المحلية للسيارات خلال العام الجديد.
وتهدف تلك الاستراتيجية لمساندة المصانع المحلية في مواجهة السيارات المستوردة، خاصة مع انخفاض الرسوم الجمركية على السيارات الأوروبية، والتي ستصل إلى صفر في عام 2019، من خلال زيادة العبء الضريبي على السيارات المستوردة، وإعفاء المصنعين المحليين من هذا العبء بشرط تعميق التصنيع المحلي أو تصدير المنتجات أو زيادة حجم الإنتاج.
"نأمل ألا يتأخر إصدار الاستراتيجية أكثر من ذلك، حيث كان مقرر صدورها في 2010.. تأخيرها يضر بصناعة السيارات" كما قالت منة الله صادق.