أحدث الأخبار
كتب: محمد جاد
تكشف البيانات المعلنة من شركات القطاع العام المقيدة في البورصة عن الكثير من التفاصيل الخاصة بأوضاع شركات ضخمة تابعة للدولة، وتعكس نتائج أعمالها عن العام المالي الماضي، التي أعلنت خلال هذا الشهر، عددا من التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري. أصوات مصرية تعرض أسباب تراكم الخسائر أو زيادة الأرباح في بعض الشركات الكبرى بالقطاع العام.
وتواجه بعض هذه الشركات منافسة شرسة مع المنتجات الأجنبية المستوردة في السوق المصري، وتعاني أخرى من نقص الطاقة وصعوبة توفير التمويل المصرفي، وبينما تستفيد صناعات من تدفقات النقد الأجنبي الناتجة عن التصدير تعاني أخرى من صعوبة استيراد المواد الخام بسبب نقص العملة.
صناعة السكر تذوق مرارة تراجع الأرباح
تراجعت الأرباح الصافية لشركة الدلتا للسكر خلال التسعة أشهر الأولى من 2015 بنحو 93%، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، لتقتصر على 12.4 مليون جنيه.
ويقول عبد الحميد سلامة، رئيس الشركة، أنها تعاني من ضغوط المنافسة بشكل يهدد مستقبل أرباحها. "إذا استمرت الصناعة في هذه الظروف ستنهار".
ويعتمد السوق المصري على السكر المستورد بشكل كبير، مما يمثل منافسة قوية للمنتج المحلي، كما يوضح سلامة، مضيفا أن "الفجوة بين الإنتاج والطلب المحلي على السكر تبلغ نصف مليون طن سنويا، ولكننا نستورد مليونا ونصف".
وبحسب تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن فحص القوائم المالية للشركة حتى 30 سبتمبر الماضي، فإن التكلفة الصناعية لطن السكر بالدلتا ارتفعت بـ 335 جنيه للطن، مقارنة بالتكلفة في العام الماضي، لتصل الى 4158 جنيه.
ويقول سلامة إن الشركة تتحمل تكاليفا مرتفعة لخامات الإنتاج مقارنة بالأسعار العالمية، "البرازيل التي تنتج 25% من إنتاج السكر العالمي يصل سعر طن القصب لديها الى ما يعادل 230 جنيه، مقارنة بـ 400 جنيه في مصر. ومتوسط سعر طن البنجر في مصر على مدار العام 450 جنيه، بينما سعره العالمي لا يزيد على 300 جنيه".
وبحسب تقرير وزارة الزراعة الأمريكية عن قطاع السكر في مصر، الصادر في إبريل الماضي، فقد ساهمت زيادة أسعار الوقود في يوليو من العام السابق في زيادة تكاليف عمل الجرارات في الزراعة والحصاد، وتكاليف نقل المحاصيل للمصانع.
وتتدخل الدولة في تسعير القصب كنوع من الدعم غير المباشر لدخول الفلاحين. وأعلنت الحكومة المصرية، في يناير الماضي، عن زيادة أسعار شراء شركة السكر والصناعات التكاملية (الحكومية) لمحصول القصب للموسم 2014-2015، إلى 400 جنيه للطن مقارنة بـ360 جنيها في الموسم السابق.
وتواجه الدلتا أيضا ضغوطا تعوق قدرتها على تنمية أرباحها من التصدير، منها انخفاض أسعار السلع العالمية، حيث يشير تقرير المركزي للمحاسبات إلى أن صافي مبيعات الشركة من العلف تراجع بنسبة 50% خلال التسعة أشهر الأولى من 2015، مقارنة بنفس الفترة من 2014، بسبب تراجع أسعار بيع العلف.
ويرى رئيس شركة الدلتا للسكر أن الصناعة في حاجة لإجراءات حمائية لمساعدتها على مواجهة المنافسة الدولية داخل مصر.
كيما حالتها "متردية" وأرباحها في زيادة
استطاعت شركة الصناعات الكيماوية المصرية "كيما" أن تنمي أرباحها بنسبة 52% خلال الربع الأول من العام المالي الجاري، والذي بدأ في أول يوليو الماضي وانتهى في آخر سبتمبر، لتصل الى 22.9 مليون جنيه.
وقال ماهر فتحي، مسئول علاقات المستثمرين بالشركة، لأصوات مصرية، إن فروق أسعار العملة الصعبة التي حصلتها الشركة من أعمالها التصديرية ساهمت بشكل رئيسي في خلق الأرباح لشركة.
ويقول فتحي إن "الشركة تصدر لأسواق تركيا اليونان والأردن والسعودية والمغرب وتونس والسودان".
وكان البنك المركزي سمح بانخفاض الجنيه مقابل العملة الأمريكية في يوليو الماضي، تزامنا مع بداية الربع الأول للسنة المالية، بقيمة 20 قرشا ليصل الدولار آنذاك إلى مستوى 7.73 جنيه.
وتوضح النقاشات الداخلية في الشركة أن هناك مخاوف بشأن اعتمادها بشكل كبير على خلق إيرادات لا ترتبط بنشاطها الانتاجي، كما تشير محاضر جمعيتها العمومية.
ويعلق أحد أعضاء الجمعية العمومية لكيما، المنعقدة في أكتوبر الماضي، على نتائج أعمال الشركة في العام الماضي، والتي سجلت أرباحا بـ86.5 مليون جنيه، قائلا "عندما ننظر إلى إيرادات النشاط المباشر نجد أنه كان أقل من 18 مليون جنيه".
ويوضح عضو الجمعية العمومية أن الشركة لديها 31 مليون جنيه فوائد دائنة (لصالح الشركة)، كما أرباح فروق العملة تمثل "رقم محترم" يصل الى 45 مليون جنيه. وبالتالي فإن "الربح الأساسي للشركة ليس من طبيعة النشاط.. وهذا ما يقلق".
وعانت كيما من انقطاع التيار الكهربي وهو ما أثر على قدرتها الإنتاجية.
ويقول عيد الحوت، رئيس الشركة، في رده على الانتقادات الموجهة لأداء الشركة في الجمعية العامة الأخيرة "أكرر مرة أخرى إن المصنع من تصميم عام 1957، أي موجود من حوالي 60 سنة، الحمد لله أننا مازلنا ننتج حتى الآن. هل تريدون أن أصمم المصنع على أن الكهرباء سوف تنقطع 200 يوم في السنة؟".
وبحسب محضر الجمعية العامة فقد كانت الشركة تستهدف في 2014-2015 إنتاجا بقيمة 443 مليون جنيه، ولكنها أنتجت فعليا ما قيمته 267 مليون جنيه، وهو ما أثار نقاشا داخليا حول مدى قدرة الشركة على تحقيق أهداف السنة الجديدة.
وينقل محضر الجمعية العامة الأخير لكيما على لسان رئيس الشركة القابضة الكيماوية، الكيان المسئول عن عدد من الشركات التابعة للدولة العاملة في هذا القطاع، والذي تتبعه كيما، قوله إن "الجمعيات العامة السابقة أوضحت الحالة المتردية لمعدات مصانع كيما، والتي كانت على وشك التصفية".
وتنعقد آمالا كبيرة على مشروع تحديث المصنع، الذي بدأ عمله في الستينات معتمدا على كهرباء سد أسوان، والذي يهدف لتحويل الشركة للاعتماد على الغاز الطبيعي، حيث يقول رئيس القابضة "نحن من خلال هذا العقد نحاول خلق أو إنشاء كيما جديدة".
ولكن كيما ترى أن العقد الخاص بهذا المشروع، والذي تم توقيعه في أكتوبر 2011، عطلت تنفيذه الاضطرابات السياسية التي أعقبت أحداث الثورة المصرية.
وتذكر محاضر الجمعية العامة للشركة أن العقد واجه مفاوضات طويلة مع البنوك بشأن قرض لتمويله. "تأخرت البنوك في الحصول على الموافقات اللازمة لتنفذ القرض، نظرا للظروف السياسية التي مرت بها البلد مع هبوط التصنيف الائتماني لمصر"، كما يقول رئيس الشركة في محضر الجمعية العومية.
وترتب على هذا التأخر أن كيما لم تستطع الالتزام ببنود اتفاقها مع مقاول تنفيذ المشروع (شركة تكنومنت)، مما اضطرها لسداد 65 مليون دولار غرامة.
الحديد والصلب في رحلة البحث عن الفحم
الفحم ، هو كلمة السر لتفسير جانب كبير من خسائر شركة الحديد والصلب والتي بلغت 558.7 مليون جنيه في العام المالي 2014-2015، بحسب البيانات التي أعلنتها للبورصة الشهر الماضي.
وتواجه الشركة عوائق أمام الإنتاج بالمعدلات الطبيعية منذ سنوات، بسبب عجز شركة النصر للكوك عن توريد الفحم اللازم لها، وعدم وجود بدائل أخرى لتوفير هذه الخامة الضرورية للشركة.
وتتطلع الحديد والصلب لاستيراد 960 ألف طن من فحم الكوك خلال العام المالي الجاري، بالإضافة إلى الحصول على ما يعادل ثلث هذه الكمية تقريبا من النصر للكوك.
وحتى هذه الكمية المحدودة نسبيا، حوالي 350 طن، التي ستعتمد الحديد والصلب على توفيرها عبر السوق المحلي مشكوك في القدرة على تدبيرها، بحسب ما جاء في محضر الجمعية العامة للشركة المنشور هذا الشهر، حيث ينقل محضر الجمعية عن رئيس القابضة للصناعات المعدنية، قوله أن الكميات المتوقع توريدها من النصر هذا العام "لا تتماشى مع ما تم توريده في الأعوام السابقة، والبالغ 214 ألف و269 ألف، على الترتيب خلال العامين الماليين السابقين.
كما يشير محضر الجمعية الي أن الشركة واجهت مصاعب في استيراد الفحم منذ 2012/2013 لأسباب تتضمن عدم قدرتها على توفير التمويل اللازم للاستيراد.
وبينما لم تتضمن الجمعية الإنتاج الفعلى لعام 2014/2015، كانت الحديد والصلب تستهدف إنتاج 302 ألف طن خلال 2013/2014 ولكنها فعليا أنتجت 46% من المستهدف، وفقا للبيانات الواردة في محضر الجمعية، وهي الأرقام التي أثارت نقاشات داخلية حول سبل تحسين إنتاجية الشركة وتقليل خسائرها.
وقالت إدارة الشركة خلال الجمعية إنها تتطلع إلى ضخ استثمارات في العام المالي الجاري بـ 74.6 مليون جنيه للإحلال والتجديد، والسيطرة على الخسائر بحيث تصل إلى 512.5 مليون جنيه كحد أقصى.