أحدث الأخبار
- الفحم يهدد بتلوث مياه النيل وندرتها .. والمعايير الأوروبية ليست آمنة
كتب – محمد جاد
حذر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية من توسع مصر في الاعتماد على الفحم في توليد الطاقة، مقدرة أنه حتى في حال التزام البلاد بتطبيق المعايير الأوروبية في استخدامه، كما تعهدت الحكومة، ستظل له آثار صحية بالغة الضرر.
وقال المركز في التقرير الذي أصدره اليوم تحت عنوان "ثمن دخول الفحم الحجري لمصر" إن حرق الفحم ينتج عنه عدد كبير من الأمراض، منها الأمراض الصدرية والتناسلية، علاوة على أن استخدامه في مصر يهدد بنقص المياه.
كان مجلس الوزراء قد اعتمد، أواخر إبريل الماضي، الضوابط والمعايير الجديدة الخاصة باستخدام الفحم في صناعة الأسمنت ومحطات توليد الكهرباء، بعد أن كان يقتصر استخدامه على صناعات الألومنيوم والحديد والصلب والكوك، وذلك ضمن تعديلات تم إدخالها على اللائحة التنفيذية لقانون 4 لعام 1994 لشؤون البيئة .
"حتى لو تمكنت الحكومة المصرية من استنساخ المعايير الأوروبية في القانون المصري كما وعدت، فإنها ستظل تسمح بتلوث يزيد كثيرا عن توصيات منظمة الصحة العالمية"، كما يقول التقرير، مشيرا إلى أن "المعيار الأوروبي ذاته يسمح بنسبة تلوث تزيد مرتين ونصف عن توصية منظمة الصحة العالمية".
وانتقد التقرير اتجاه مصر للاعتماد على الفحم في ظل تمتعها باحتياطات كبيرة من الغاز، موضحا أن "مصر ستكافح للسير عكس التيار العام للدول بما في ذلك الدول التي تمتلك أكبر احتياطيات من الفحم، وهو تيار يتجه نحو الابتعاد عن استخدام الفحم، لصالح استخدام المصادر المتجددة، والمصادر الأقل تلويثا لبيئة لتوليد الطاقة الكهربائية والحرارية".
وقادت مصانع الأسمنت العاملة في مصر المطالبة بالسماح باستخدام الفحم في كوقود في الصناعة، لمواجهة أزمة نقص الغاز المورد للمصانع، والتي كانت قد بدات في التصاعد في 2013. وسمحت الحكومة بالفعل بإدخال الفحم كجزء من مزيج الطاقة المصري، المعتمد بالأساس على البترول والغاز، في 2014، رغم ما واجهته من اعتراضات من المجتمع المدني.
وبدأ عدد من المصانع في الاعتماد على الفحم كوقود بشكل كلي مثل العربية للأسمنت، أو جزئي مثل السويس للأسمنت.
وتعاقدت شركة أوراسكوم للإنشاء بالتعاون مع شركة إماراتية مع الحكومة على إنشاء محطة لتوليد الكهرباء، تعمل بالفحم، كما عقدت الحكومة اتفاقات مبدئية لإنشاء محطات مماثلة شركات ثروة الكويتية والنويس الإماراتية وبنشمارك.
وعن الآثار الصحية لاستخدام الفحم قال التقرير إن محطات توليد الكهرباء من الفحم تتسبب بالضرورة في تعرض السكان لجزيئات ميكروسكوبية سامة بالإضافة للأوزون والمعادن الثقيلة.
وتتسبب الجزيئات الميكروسكوبية السامة، من المواد التي يكون قطرها 25 مايكرومتر أول أقل، في أكثر الآثار الصحية خطورة، حيث تخترق هذه الجزيئات أعماق الرئة وتجري مع الدم مسببة مشكلات صحية مثل ضغط الدم ونوبات ضيق التنفس و أمراض الجهاز العصبي المركزي وسرطان الرئة.
وأشار التقرير إلى أن رماد الفحم يخزن عادة بالقرب من محطة الطاقة العاملة بهذا الوقود، مما يعرض من يسكنون بالقرب منها إلى مخاطر ممتدة عبر التربة والمياه.
وتؤدي المعادن الثقيلة لمشكلات صحية مثل قلة جودة الحيوانات المنوية وفشل الكبد والكلى، كما يتسبب الأوزون في مشكلات مثل قلة مستوى الذكاء وإعاقة النمو الجسماني والعقلي.
"الآثار الصحية لا يمكن تفاديها عبر ما يُزعم عن الاستخدام الآمن أو النظيف للفحم، إذا افترضنا اتباع اللوائح في مصر وتم حرق الفحم طبقا للمعايير الأوروبية، ستظل الانبعاثات أعلى من أن تسمح بتفادي الآثار السلبية على صحة الانسان"، كما جاء في التقرير.
وحذر التقرير أيضا من عدم قدرة الحكومة على تطبيق شروط استخدام الفحم التي تعتبرها آمنة، خاصة وأن "تاريخ مصر لا يبدو مبشرا فيما يخص تلوث المياه، والتراخيص الصناعية، والمجالات الأخرى للاقتصاد المصري".
وأشار التقرير في هذا السياق إلى مخاطر عدم القدرة على التحكم في انبعاثات الزئبق الناتج من محطات توليد الكهرباء من الفحم، والذي يؤدي لأضرار صحية بالغة. "الزئبق مصدر قلق خاص في مصر لأن الحكومة لا تقوم حاليا باختبار مستوياته في أي من مصادر المياه في البلاد.. وإذا لم تكن الحكومة تقيس مستويات الزئبق حتى الآن فإن أي تأكيدات عن قدرتها على مراقبة وتطبيق اللوائح الأوروبية بفاعلية، والتي تتضمن التنظيم الصارم للزئبق لا تعتبر واقعية".
أما عن تأثير استخدام الفحم على المصادر المائية للبلاد، خاصة نهر النيل، فقد حذر التقرير من أن الفحم يؤدي لاستهلاك الموارد المائية بكميات كبيرة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لديها قرابة 1400 وحدة لتوليد كهرباء تعمل بالفحم، وأنها كانت السبب الرئيسي لإجهاد مخزون المياه في البلاد.
كما أشار التقرير إلى المخاطر البيئية لعدم تطبيق طرق آمنة للتخلص من الملوثات الناتجة عن استخدام الفحم،
فالتقدم في مجال تكنولوجيات التحكم في الانبعاثات أدى إلى "أن الكثير من التقنيات المستخدمة تحول هذه الملوثات إلى رماد، وبعد ذلك تتحول هذه الملوثات إلى ملوثات صلبة، واذا تم التخلص منها بطريقة غير مسؤولة فقد تتسرب إلى التربة والمياه الجوفية بحيث تلوث مجالا مختلفا".