أحدث الأخبار
في حي العباسية القاهري، وتحديدا في منتصف شارع سكة الوايلي، حيث يسكن أحمد رمضان (40 سنة) الموظف في شركة خاصة، تتراص المنازل المتهالكة إلى جوار بعضها.
رمضان هو واحد من آلاف المتقدمين للحصول على وحدات سكنية من مشروع الإسكان الاجتماعى الذي تنفذه وزارة الإسكان لمحدودي الدخل، المعروف بمشروع المليون وحدة سكنية.
لا تخفى على أحد الحالة البائسة للعقار الذي يسكنه أحمد رمضان مع زوجته وثلاثة من أبنائه، إذ تآكلت الواجهة الخارجية بفعل الزمن، بينما تتضاءل مساحة الشقة إلى 60 مترا في عقار قديم مكون من طابقين.
"منذ أن أنهيت إجراءات التقديم في يونيو الماضي، وأنا أتابع عبر المواقع الإلكترونية ومع الجهات المختصة، كي أعرف مصير 5000 جنيه أنفقتها كمقدم لثمن الشقة، وإذا ما كنت سأستلم الوحدة السكنية، أم سأسترد المبلغ"، يقول رمضان الذي يحلم بالانتقال إلى مدينة العاشر من رمضان، حيث تقدم بطلب للحصول على وحدة سكنية هناك بمساحة 90 مترا.
أخبار سعيدة؟
وقد أيقظ روح التفاؤل لديه مؤخرا اتصال تلقاه من موظفي وزارة الإسكان للتأكد من صحة بياناته، وهو الإجراء الذي يسبق تسلم الوحدة السكنية عادة.
وتقدر وزارة الإسكان قيمة القسط الشهري للوحدة السكنية بـ 480 جنيهًا كحد أدنى، وهو ما يمثل حوالي ربع الدخل الشهري لشخص مثل أحمد رمضان، كما أن هناك زيادة سنوية للقسط بنسبة 7% كحد أقصى لمدة 15 عامًا.
"أراهن على أن تحدث زيادة في مرتبي مستقبلا، كي أواجه أي زيادة في القسط الشهري"، يوضح رمضان، الذي يعول ثلاثة من الأبناء، ولديه أعباء اقتصادية أخرى تجاه بعض أفراد عائلته.
في أكتوبر الماضي نشر عدد من المواقع الإلكترونية قائمة تحت عنوان "أسماء الفائزين بشقق العاشر من رمضان في المرحلة الأولى قبل الفرز النهائى". ومن بين أكثر من 12600 اسم ضمتها تلك القائمة، كان أحمد رمضان واحدا من أقلية تنتمي إلى القاهرة، بينما كانت النسبة الكبرى من المتقدمين للحصول على هذه الوحدات السكنية من المنتمين إلى محافظة الشرقية، ومن القاطنين في مدينة العاشر من رمضان، حسبما توضح عناوينهم المدونة في القائمة.
السكن بالقرب من مكان العمل
وتقع الوحدات السكنية التي من المتوقع تسليمها قريبا في مدينة العاشر من رمضان، داخل المجاورة 70، قرب منطقة سكنية للفيلات والعمارات الفاخرة بعضها مازال تحت الإنشاء.
"تقدمت بطلب الحصول على الشقة لأن الإعلان كان عن وحدات سكنية في العاشر من رمضان، فأنا أعمل في مدينة العاشر من رمضان منذ 11 سنة، وأبدأ يومي من الخامسة صباحا، وأريد أن أنهي هذه المعاناة". هكذا يتحدث أحمد رمضان عن طموحه من أحد المقاهي المجاورة لمنزله الحالي في حي العباسية.
يبدأ رمضان يومه بالاستيقاظ في الخامسة صباحا، ثم الانطلاق إلى نقطة محددة في وسط القاهرة، حيث تلتقطه حافلة الشركة التي يعمل بها، ثم الوصول إلى العمل في السابعة صباحا، أما في طريق العودة فقد يقضي بين ساعة ونصف إلى ثلاث ساعات حتى يعود إلى العباسية مرة أخرى في السادسة مساء، في حين أن أغلب زملائه يعيشون في مدينة العاشر من رمضان بجوار مقر عملهم.
التملك هو الحل
أحد هؤلاء الزملاء هو محمد عنتر الذي يقيم منذ عام 2006 في مدينة العاشر من رمضان، ولكنه أيضا يعاني من عدم الاستقرار لأنه مستأجر وليس مالكا. "انتقلت بين عدة شقق مؤجرة داخل مدينة العاشر من رمضان قرب عملي، وكانت مشكلتي المتكررة، هي رفض صاحب الشقة تجديد عقد الإيجار، أو أن يطلب زيادة قيمة الإيجار، ما يضطرني إلى البحث عن مكان آخر أرخص في كل مرة .. وهو ما لم أعد أحتمله".
تنقل محمد عنتر مع أسرته بين شقق سكنية تتراوح قيمة الإيجار فيها بين 450 إلى 650 جنيها شهريا، وهو ما يفضل أن يدفعه كقسط شهري في شقة يتملكها بعد سنوات.
الحياة الجديدة
تبعد مدينة العاشر من رمضان مسافة 46 كم عن القاهرة، وهي إحدى المدن المرشحة لسكان القاهرة الراغبين في الحصول على شقق الاسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل، إلى جانب مدن بدر والسلام والعبور.
انخفاض الكثافة السكانية في هذه المدن ينعكس على أسلوب الحياة فيها سلبا وإيجابا، فالمواصلات على سبيل المثال محدودة مقارنة بالمدن القديمة، وتتمثل أساسا في سيارات الميكروباص التي تمر على فترات متقطعة، ولذلك تزداد الحاجة إلي تملك سيارة خاصة.
كذلك قد تبعد المدرسة الملائمة لأبناء من انتقلوا حديثا عدة كيلومترات عن المنزل، والهدوء الشديد في شوارع المدن الجديدة ووجود أماكن موحشة فيها قد تمثل عوامل قلق.
لكن أحمد رمضان القاطن في حي العباسية المزدحم والمليء بالحياة ليس قلقا من الانتقال لحياة أكثر هدوءا، لأنه يراهن على أن انتقال المزيد من السكان إلى تلك المدن، سيخلق مساحات جديدة للعمل، ويوفر المزيد من الخدمات، وسيظل ذلك بالنسبة إليه أفضل من زحام القاهرة وغلاء السكن فيها.