أحدث الأخبار
منذ أيام الثورة الأولى ظهرت على جدران القاهرة رسوم تواكب هذا الحدث التاريخي. اليوم وإذ يحيي المصريون الذكرى الثانية لانتفاضة 25 يناير 2011 لم يزل فن الجرافيتي الذي يتمثل بجمل تمجد الثورة ورسوم لوجوه الشهداء نابضاً يعبر عن تطلعات الكثيرين.
واستعداداً للتذكير بثورة يناير، أعلن قبل أيام على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك عن الدورة الثانية لحدث "اسبوع الجرافيتي العنيف 2013" والذي انطلق فى عيد الثورة الاول. ويدعو المنظمون المشاركين للرسم على الجدران "في كل شوارع مصر - كل الأماكن العامة - والشوارع الرئيسية - والمناطق السكنية" ، ثم تتبعها دعوة أخرى بالعامية على صفحة الفيسبوك "متكسلش وعرف كل أصحابك - إطبع - فرغ - رش".
يزيد عدد المشاركين على صفحة هذا الحدث على فيسبوك منذ إنشائها العام الماضي على 24 ألف عضو، ولبى الدعوة هذا العام أكثر من ألف مشترك حتى الآن.
يقول أحمد عصام (31 عاما) وهو فنان تشكيلي مشارك في الحدث إن الهدف من الحدث هو النزول الى الميادين "من أجل استكمال اهداف الثورة التي لم تتحقق بعد. ودورنا كفنانين هو أن نرسم ونحفز، ونجعل الثورة على الجدران تهتف في كل مكان بمصر عن طريق الجرافيتي".
والجرافيتي رسم أو كلمات توضع على مكان عام ظاهر مثل الجدران والجسور دون إذن مسبق، كما يعتقد أن ممارسته تعود للحضارات الفرعونية والإغريقية والرومانية. ثم تطور عبر الزمان. ونشأ الجرافيتي الحديث في الستينيات من القرن الماضي في نيويورك بإلهام من موسيقى الهيب هوب.
ويرى أحمد محسن منصور وهو فنان بصري ومصور فوتوغرافي "أن العلاقة بين الثورة والجرافيتي وثيقة لأن الرسم هو أسرع وسيلة للوصول إلى الناس، وهذا ما دفع الكثيرين للرسم على الجدران بعد الثورة بشكل جمالي حتى وإن لم يعرفوا أن ما يقومون به اسمه جرافيتي" .
ومع أن الجرافيتي يرسم من غير إذن مسبق إلا انه حسب عبد الرحمن محمد سيد الباحث الدستوري "يتمتع بالشرعية وأقصد بذلك الإرادة الشعبية التي يتمتع بها من قبل الشعب من تقبل له وإعجاب تخليداً لثورة يناير، وبذلك أصبح هذا الفن رمزًاُ لأحد مكتسبات الثورة وهو حرية التعبير لشباب مصر".
إلا أنه لا يبدو أن السلطات توافق هذا الرأي. ففي شهر سبتمبر الماضي قامت الحكومة بمسح رسوم الجرافيتي من شارع محمد محمود المتفرع من ميدان التحرير. ثم تراجعت أمام السخط الشعبي واعتبر اسامة كمال محافظ القاهرة أن "العمال أخطأوا في الأوامر التي وجهت لهم من وزارة المرافق بضرورة إزالة كل الكتابات على الجدران التي تشوه شكل الميدان". وأضاف أنه "لابد من إعادة رسم الجرافيتي على جدران محمد محمود لإعادة روح الثورة".
وتعليقاً على هذا الحدث قال الفنان التشكيلي والمخرج المسرحي عمر غايات "إن الرسومات التي تعبر عن الثورة على جدران الشوارع شيء هام لتمجيدها لذلك لابد أن نحافظ عليها من أي شخص يريد أن يمحوها مثلما حدث منذ شهور، لأن هذا يعتبر فعل مشين لمسح آثار الثورة".
جاء تصرف الحكومة بدافع "الخوف" نظراٌ لتدخل الجرافيتي بالسياسة كما قال لؤي نبيل الطالب في كلية الفنون التطبيقية في الجامعة الألمانية "فذلك بالطبع يخيف أي نظام على الرغم من أن الجرافيتي في كل أنحاء العالم يعتبر فنا راقيا وجماليا".
أما سلمى خالد الطالبة بالصف الثاني الإعدادي والبالغة من العمر 14 عاماً فتحدثت بحماس قائلة "كنت أسمع عن الجرافيتي ولكنني شاهدته أثناء الثورة وبعدها في ميدان التحرير وبالأخص في شارع محمد محمود" وأحب الرسوم لديها هي وجوه شهداء الثورة الباسمة.
وعلت أحد جدران محمد محمود لوحة جماعية لوجوه الشهداء المتفائلة ويتصدرها الشيخ عماد عفت ومينا دانيال، وآخر لوحة تمثل وجوه أخرى للشهداء والأحداث التي تبعتها، ويتوسطها جملة "يارب تكون مبسوط فى مكانك".
لكن بالنسبة لمحمود صابر البالغ من العمر 28 عاماً والعضو في هيئة التدريس بالكلية التكنولوجية وأيضاً عضو في حزب الحرية والعدالة، الذي كان يقف تحت أحد الرسوم في شارع محمد محمود، "الجرافيتي ليس فناً مثالياً واعيب عليه في بعض رسوماته لأنه يبين حالة الإنقسام بين الليبراليين والإسلاميين وهذا يتضح لي من بعض الرسومات التي تفقدتها هنا في المكان، فلا بد أن يكون فنان الجرافيتي محايدا من وجهة نظري وأريد أن أؤكد على ذلك بشدة".