شكاوى الفلاح الفصيح على جدار الرئيس ... بدون رد

الجمعة 25-12-2015 PM 01:19
شكاوى الفلاح الفصيح على جدار الرئيس ... بدون رد

لرئيس المصري عبد الفتاح السيسي - صورة من رويترز.

كتب

كتبت: أميمة مجدي

في الأول من نوفمبر، نشرت صفحة "عبد الفتاح السيسي" على فيس بوك خبر موافقة الرئيس على إنشاء أضخم مجمع للأسمدة الفوسفاتية والمُركبة في مصر بمنطقة العين السخنة. توالى بعده ما يقرب من خمسة عشر ألف تعليق على القرار؛ كان أحدها "شابوه علي القرار ده يا رب الدولة تأسس 20 مصنع للأسمدة والأسمنت وغيرها".

على هذه الصفحة يتحول المواطن إلى فلاح فصيح يشكو مظلمة شخصية، أو إلى مفكر استراتيجى يتبرع بالحلول لكل أنواع المشاكل.

إنها الصفحة الرسمية للرئيس عبد الفتاح السيسي على موقع فيس بوك.

فى منتصف ليل الثانى من مايو 2014، كان المشير عبد الفتاح السيسي يتواصل مع المواطنين لأول مرة عبر حسابات فيس بوك وتويتر والبريد الإلكتروني، بعد تدشين حملته الانتخابية هاشتاج # تحيا مصر، وصفحة "عبد الفتاح السيسي" على فيس بوك، ولعبت حينها دورا رئيسيا في دعم ترشحه للرئاسة، والرد على تساؤلات المتابعين، ويقترب عدد متابعي صفحة "عبد الفتاح السيسي" من ستة ملايين. وتسمح الصفحة لمتابعيها بكتابة التعليقات فقط على الأخبار المعلنة ولا تسمح بالتدوينات. وتضع الصفحة رابطاً لقواعد الصفحة من خمس نقاط تدعو فيها إلى المناقشة والنقد البناء، وترفض الألفاظ النابية.

قرارات وجولات الرئيس

فى الأول من نوفمبر الماضي كتبت صفحة "عبد الفتاح السيسي" عن مشروع مدينة الأثاث، وجاءت أغلب التعليقات من دمياط. عمرو رجب طلب التدخل المباشر، لأن "خيرة صناع دمياط بيشتكوا من منافسة التركي". بينما كتب صاحب حساب نجار مودرن، "الكبار يسيطرون على الصفقات الواردة من الخارج، وصغار الصناع ضائعون، وورشهم قفلت من غلو الخامات والأسعار وقله الشغل".

مخاطبة الرئيس ليست جديدة على المصريين كما ترى د. هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الزقازيق، "المصري منذ أيام الفلاح الفصيح تعود على رفع شكواه للفرعون، ولديه إحساس إن فيه بينهم عمار".

وتتذكر أستاذ الاجتماع الخطابات التي كان يرسلها المواطنون للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، "كان بيشجع الناس على إرسال الخطابات وكان بيهتم بالإشارة إليها في خطبه".

 

تهتم صفحة "عبد الفتاح السيسي" بنشر كل أخبار جولات وقرارات الرئيس، مصحوبة بصور من حسابه على انستجرام أو مجهولة المصدر. وهو ما تعتبره د. سهير عثمان، مدرس الصحافة بجامعة القاهرة، عدم مهنية، "المفروض الصفحة الرسمية لا تنشر أي شيء مجهول المصدر، كذلك لابد أن تكون الأخبار جديدة تسبق المواقع الإخبارية".

تقترب التعليقات على زيارات الرئيس إلى العشرة آلاف، ويغلب عليها التحية والدعاء للرئيس. استخدام الدعاء فى التعليقات، ظاهرة منتشرة على جميع صفحات فيسبوك كما ترى د. هدى ذكريا، "وهذا يظهر حالة من البحث عن الأمان، وعن تحقيق الآمال".

الصفحة ممتنعة عن الرد

أحد الأصوات النشطة على الصفحة هو شاعر العاطفة محمد السعيد، الذي يساهم بمشاركات يومية غزيرة على صفحات أخرى مؤيدة للرئيس. السعيد قال لـ "أصوات مصرية" إن صفحة عبد الفتاح السيسي لا ترد مطلقا على شكاوى ومقترحات الزائرين، "ويا ريت الريس يعمل صفحة جديدة، يكون فيها حد بيرد على الناس وبيتفاعل معاهم".

"بشكل عام أي صفحة رسمية لابد أن يكون الهدف الرئيسي لها التواصل"، تشرح مدرس الصحافة بجامعة القاهرة. وتضيف "يعني لو عملت تعليق لابد أن يكون هناك رد من أدمن الصفحة".

وظيفة الصفحات الرسمية في مصر اقتصرت على الإعلام والإخبار كما تقول د. سهير عثمان، "في الغالب لا يوجد عدد كوادر يكفي للرد على استفسارات المواطنين، وهذا يضعنا أمام تناقض: هل الهدف إن الرئيس يظهر بشكل شبابي ويستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، أم هدف الصفحة غائب عن وعى القائمين عليها؟".

بعد صدور تعديلات قانون التأمينات، فى يوليو الماضى، كتبت شيماء البنا إلى أدمن صفحة عبد الفتاح السيسي: "يا ريت توضح لنا كل الكلام الى بيتقال، إن الرئيس أصدر قرار بشأن التأمين، وقرارات كتير. يا ريت تكتبوا لنا حقائق". أما مصطفى مراد فخاطب الرئيس غاضبا: "انت عاوز تلم فلوس من أى حته وخلاص؟. حرام بقى، قربنا نطلع من هدومنا".

ولا ردود من أدمن الصفحة.

مواطن بدرجة استراتيجى

بعد نشر صفحة "عبد الفتاح السيسي"، فى الخامس عشر من نوفمبر، خبراً عن تشكيل لجنة لتدبير السلع وإتاحتها في الأسواق، توالت الاقتراحات.

وضعت ليلى جوهر مقترحا من إحدى عشرة نقطة للتغلب على مشكلة الغلاء، "كل محافظة تتبرع بقطعة أرض حوالي ألف متر ليقام عليها سوق مركزي لبيع السلع اﻻستهلاكية، تبنيه الهيئة الهندسية".

ويكرر محفوظ عطية شكواه إلى "سيادة الرئيس المحبوب"، من تحصيل نحو 40 مليون جنيه شهريا من بند القمامة على فواتير الكهرباء بالجيزة، "لكن شارع فريد السباعى بالاريزونا الهرم تسير فيه على قدميك بالعافية، كلى أمل فى محاسبة المسئولين عن حصيلة القمامة الشهرية، وأين تذهب؟".

البحث عن عمل هو الدافع لعشرات المشاركات يوميا، وصاحب حساب "دفعة 2002" كتب أكثر من تعليق باسم أصحاب المؤهلات العليا "دفعة 2002": "كل دفعتي علي ما أظن قاعدين من غير شغل. إحنا مظلومين يا ريس أرجوك يا ريس حد يفكر فينا شوية".

ظهور هذا النوع من الشكاوى على صفحة السيسي تعتبره مدرس الصحافة دليلا على "أن الناس لا يجدون منبرا للتعبير عن مشكلاتهم، ويعانون شعورا بانعدام الثقة تجاه جميع المسئولين".

 

صفحات رسمية فى الفضاء

بعد قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير ظهر عدد من الصفحات على موقع فيس بوك، تدعى أنها تمثل رئاسة مصر.

إحدى تلك الصفحات هي "الصفحة الرسمية لرئاسة جمهورية مصر العربية"، التي لا تحظى بالعلامة الزرقاء، التي تثبت أنها "الرسمية"، وهي العلامة التي ترصع صفحة "عبد الفتاح السيسي"، رئيس جمهورية مصر العربية.

وفى الصفحة التي تصف نفسها بأنها رسمية يصل عدد المتابعين إلى 95 ألفا، وينهمك الأدمن طول الوقت في صياغة عبارات حماسية من نوع "حقق حلمك وابنى مصر، لازم كلنا نقف سوا فى وجه الإرهاب، اليوم عيد ميلاد أسد العرب".

وتعتبر د. سهير عثمان وضع عبارات التحية والكلام البسيط "عدم احترافية، ودليل على أن الأدمن غير واع بطبيعة المضمون الذي يجب أن تقدمه الصفحة. فى النهاية هي صفحة ذات طابع جاد، وليس صفحة المطرب تامر حسنى".

و يؤكد أدمن الصفحة، "شاعر العاطفة"، أن صفحته شكاوى ومقترحات الزائرين، وترسلها إلى البريد الإلكتروني لرئاسة الجمهورية، ولذلك تعرف نفسها بأنها "صفحة غير رسمية داعمة بكل حب وتقدير للرئيس السيسى وتحيا مصر"، لكن مصدرا برئاسة الجمهورية ينفي ما يقوله شاعر العاطفة عن إعادة بث الشكاوى للرئاسة.

صفحة واحدة فقط للرئيس

وردا على سؤال "أصوات مصرية" بشأن علاقة الرئاسة المصرية بهذه الصفحات، قال مصدر رئاسي إنه لا يوجد غير صفحة رسمية وحيدة، هي صفحة "عبد الفتاح السيسي"، وهي صفحة معتمدة. وأضاف أن "أي مجهود فردي أو مؤسسي لإنشاء صفحات أخرى لدعم أو تأييد الرئيس لا علاقة لمؤسسة الرئاسة به، ولا يوجد تعاون مع أي من مؤسسي تلك الصفحات، ولا نتقبل منها شكاوى أو طلبات".

وأضاف المصدر الرئاسي أن فلسفة إنشاء الصفحة والبريد الإلكتروني هدفه التواصل المباشر مع كافة المواطنين وليس عبر وسيط، ولذلك فإن المواطن يستطيع الاتصال بالرئيس عبر وسيلتين، المشاركات على صفحة "عبد الفتاح السيسي"، أو عبر البريد الإلكترونى، وفي الحالتين فإن مكتب إعلام الرئيس هو المسؤل عن متابعة الشكاوى والمشاركات.

المكتب تترأسه د. رشا علام، أستاذ الصحافة بالجامعة الأمريكية ومعها 6 من الشباب لهم جميعا خبرات إعلامية. وقال المصدر الرئاسي إن المكتب الإعلامي يتولي الرد شخصيا علي رسائل الصفحة الرسمية للرئيس أو البريد الإلكتروني، "ونقوم بالرد على استفسارات وطلبات المواطنين بمختلف طبقاتهم".

وكانت رئيسة المكتب، قد أعلنت سابقا أن البريد الإلكتروني المخصص لرئيس الجمهورية، تلقى 6 آلاف شكوى في اليوم الأول.

"بعد تلقي الرسائل نقوم بتصنيفها طبقا لطبيعتها، منها دعوات ورسائل تأييد للرئيس وأخرى طلبات وشكاوى ونعد بيانا أسبوعيا يقدم إلى مكتب الرئيس ويطلع عليه شخصيا ويعطي قرارات وتكليفات سواء بالرد المباشر على الحالة، أو إحالة الشكوى للوزارة المختصة مع تكليف بمتابعتها وتلقي الرد. ثم نرسل لصاحب الطلب أو الشكوى بشكل شخصي الرد ومتابعة لطلبه".

غالبية الشكاوى، طبقا للمصدر الرئاسي، طلبات عمل وتوظيف وطلبات للعلاج على نفقة الدولة، ومقترحات وأفكار وطلبات مختلفة خاصة في القرى الأكثر فقرًا واحتياجًا لمشروعات خدمية وتنموية عديدة".

يشار إلى أن رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، أعلن في 27 مايو الماضي، عن تخصيص بريد إلكتروني، media.office8@op.gov.eg لاستقبال أسئلة واستفسارات المواطنين المتعلقة بالشأن المصري، بهدف التواصل الدائم مع فئات الشعب المختلفة.

تعليقات الفيسبوك