مسؤول بخط نجدة الطفل: كثافة الفصول والإعلام وراء العنف في المدارس

الخميس 09-04-2015 PM 12:12
مسؤول بخط نجدة الطفل: كثافة الفصول والإعلام وراء العنف في المدارس

طلاب مصريون أمام إحدى مدارس الجيزة - رويترز.

كتب

كتبت: أمنية طلال

ارتفع عدد البلاغات عن حالات العنف المدرسي التي تلقاها "خط نجدة الطفل 16000" التابع للمجلس القومي للطفولة والأمومة خلال العام الماضي، إذ وصل إلى 293 بلاغا في الفترة من أول يناير 2014 حتى أول ديسمبر 2014 ، مقابل 156 حالة خلال عام 2013 ، وفقا لتقارير المجلس.

ويفسر أحمد حنفي، المسؤول بخط نجدة الطفل، ارتفاع عدد البلاغات بعدد من الأمور من بينها زيادة المعرفة بوجود آلية للإبلاغ عن العنف في المدارس وانتشار ثقافة الإبلاغ. "ظاهرة العنف ضد الأطفال في المدارس كانت موجودة من قبل، لكن لم يوجد لدينا آليات لرصد العنف في المدارس، ولم يكن لدينا ثقافة الإبلاغ عن هذا العنف"، يقول حنفي.

ويرى حنفي أن العنف ضد الأطفال في المدارس زاد في الثلاث سنوات الأخيرة، مرجعا ذلك إلى ارتفاع كثافة الفصول داخل المدارس ولجوء المدرسين للعنف رغبة في السيطرة على التلاميذ، موضحا أن المجتمع ككل أصبح يلجأ للعنف كوسيلة للحصول على ما يريد.

وأدان حنفي تصدير الإعلام للعنف ومشاهد العنف، وإظهار "البلطجي" على أنه المسيطر أو الأقوى، مؤكدا أن هذه الجرعة تكرس للعنف لدى الأطفال وبالتالي يلجأ المدرس أيضا لاستخدام العنف في المقابل بهدف السيطرة.

وأطلق المجلس القومي للأمومة والطفولة خط نجدة الطفل في 2005، وهو خط مجاني يعمل 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، من خلال فريق عمل مدرب للتعامل مع المشكلات الخاصة بالطفل في جميع المحافظات، ويعمل لحل مشاكل الأطفال من سن يوم حتى 18 عام ويقوم بتلقي الشكاوى الخاصة بالأطفال المعرضين للخطر.

وأوضحت تقارير المجلس القومي للطفولة والأمومة أنه خلال شهر يناير من العام الحالي انخفضت حالات العنف المدرسي إلى 15 حالة نتيجة بدء امتحانات وإجازة منتصف العام، في حين عاودت الارتفاع في النصف الثاني من شهر فبراير بعد انتهاء الإجازة، حيث وصلت إلى 48 حالة عنف ضد أطفال المدارس خلال الشهر.

واعتبرت عزة العشماوي الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة أن تزايد العنف ضد الأطفال كان نتيجة لعدد من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي مر بها المجتمع في السنوات الماضية بعد 2011، وانعكست على الطفل سواء كان ذلك بشكل مباشر في صورة إيذاء بدني ونفسي، أو بشكل غير مباشر في صورة نقص الخدمات أو إهمال رعايته.

واعتبرت أن هناك تراجعا لدور المؤسسة التعليمية خلال السنوات الأخيرة، أدى إلى ارتفاع ملحوظ في حالات العنف داخل المدارس سواء كانت بين الأطفال وبعضهم البعض أو من قبل القائمين على العملية التعليمية تجاه الاطفال.

وقالت العشماوي "تضمنت البلاغات تعرض أكثر من طفل لحالات التحرش والاغتصاب"، مضيفة "الأخطر من ذلك وجود أشخاص مضطربين سلوكيا داخل المنظومة التعليمية مسؤولين عن رعاية وحماية أطفالنا".

وأرجعت العشماوي تزايد العنف المدرسي إلى غياب الوعي بأساليب التنشئة السليمة وضعف ثقافة حقوق الإنسان وخاصة حقوق الطفل، وسوء المناخ الدراسي.

وفي مطلع الشهر الماضي قررت النيابة العامة حبس مدرس بمدرسة "شهداء بورسعيد" في السيدة زينب، بعد اتهامه بضرب تلميذ في الصف الخامس الابتدائي ضربا أفضى إلى الموت.

وكان إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، أدان مقتل التلميذ، قائلا  "أي مهنة أو أي مجتمع يحدث به تجاوزات، ولكن لابد من وقفة قوية لمنع هذه التجاوزات".

وأضاف في تصريحات صحفية له "المسألة تتعلق بفكر ومنهج لابد من تغييره، ونحن أصبحنا الآن دولة مؤسسات، وسنقوم بفتح كافة الملفات، ومصرون على الإصلاح".

بينما قام أحد المدرسين بمحافظة الفيوم في 22 مارس الجاري بقص شعر تلميذة بالمرحلة الابتدائية بمشرط بسبب عدم ارتدائها الحجاب كما ورد في بيان للمجلس القومي للطفولة والأمومة.

ووفق دراسة كيفية لاستطلاع رأي الأهل والمدرسين والتلاميذ، عن العنف ضد الأطفال في ثلاث محافظات (القاهرة، الإسكندرية، أسيوط) أجراها المجلس القومي للطفولة والأمومة بالتعاون مع اليونيسف منتصف فبراير الماضي، قال 70% من الأهالي إن العقوبة الجسدية أسلوب صالح للتأديب، ولكن 30% منهم فقط قالوا إنهم مارسوا ذلك مع أطفالهم.

وفي المقابل لم يوافق 55% من الأهل على ضرب الأطفال في المدرسة، لكن 30% رأوا أنه مقبول شرط أن يكون في حدود معينة.

وذكرت الدراسة أن 40% من المدرسين رأوا الضرب غير مقبول تماما، بينما رأى 35% منهم أنه مقبول في حالات معينة. "وبسؤال من رأوا أن الضرب ضروري أو مقبول في بعض الأحوال اتضح  أن 77% من المدرسين والعاملين في المدارس يفضلون ضرب الطفل بالعصا على كف يده"، تقول الدراسة.

وقالت الدراسة إنها رصدت عدة تداعيات لاستخدام العنف الجسدي من وجهة نظر الأطفال الذين استطلعت آراءهم، من بينها الشعور "بالحزن والبؤس والتوتر والضعف والإهانة و/أو الإحراج"، على المدى الطويل. كما ذكر بعض الأطفال أنهم أصيبوا بالاكتئاب وفكروا في الانتحار، وأنه في بعض الأحيان أدى العنف إلى مزيد من الطاعة تجنبا لمزيد من الضرب في المستقبل، وفي حالات أخرى توقف الأطفال المعنيون عن الذهاب إلى المدرسة.

وقال، محمود البدوي، مدير الجمعية المصرية لرعاية الأحداث، إن "الطفل طرف ضعيف لا يدرك حقوقه ويعجز عن الدفاع عنها"، مشيرا إلى أهمية قيام الدولة بتقديم الحماية والرعاية الكاملة للأطفال، معتبرا أنها مسؤولية الدولة في المقام الأول.

وطالب البدوي بتطبيق قانون الطفل 126 لسنة 2008، الذي يضمن حماية حقوق الأطفال، وتفعيل المادة 80 في الدستور الخاصة بحماية الطفولة.

ورأى البدوي أن المجتمع بالكامل يفتقر مهارات التعامل مع الأطفال، مشيرا إلى ضرورة إجراء اختبارات نفسية دورية للمدرسين، مطالبا بتأهيل كافة المتعاملين مع الأطفال في المؤسسات المختلفة.

وأشارت العشماوي إلى ضرورة تدريب معلمي المرحلتين الابتدائية والإعدادية على مبادىء حقوق الطفل، وتعريفهم بالتشريعات الخاصة بحقوق الطفل، والتعريف بدستور مصر الجديد وما تضمنه من كفالة حقوق الانسان.

ورأت ضرورة لإعداد حملة إعلامية وطنية طويلة المدى لتعزيز الوسائل التربوية غير العنيفة لتحقيق انضباط الأطفال ورفع مستوى الوعي بتأثير العنف عليهم، موضحة أهمية سن مجموعة من القوانين التي تجرم كافة أشكال العنف الموجه ضد الطفل ووضع عقوبة رادعة لمرتكبيه.

وطالبت بوضع سياسة وطنية لحماية الأطفال في المدارس مع تحديد آلية لمراقبة ومتابعة تنفيذها

وتوفير وتطوير خدمات دعم متخصصة للأطفال الذين يتعرضون للإيذاء والعنف الشديدين، بالإضافة إلى تفعيل الملاحقة الأمنية والقضائية لمرتكبي العنف ضد الأطفال.

واعتبر هاني هلال منسق الائتلاف المصري لحقوق الطفل، أن جزءا من حل المشكلة هو حظر العقاب البدني في المدارس، مطالبا بوضع ملف الطفل وحقوقه على رأس أولويات الخطط الحكومية للتنمية الشاملة وتحقيق الاستقرار.

تعليقات الفيسبوك