أحدث الأخبار
إعداد: محمد جاد
بعد أربع سنوات من اندلاعها، طرح البنك الدولي تساؤلا عن ما إذا كانت "ثورات الربيع العربي" حققت أهدافها الاقتصادية والتطلعات الاجتماعية لشعوبها.
وتوصلت المؤسسة الدولية، في دراستها التي صدرت هذا الشهر بعنوان "نحو عقد اجتماعي جديد"، إلى أن هناك عوائق تحول دون تحقيق آمال الانتفاضات العربية.
وأهم هذه العوائق، بحسب البنك الدولي، هي عدم إتاحة الاقتصاد فرصا كافية لتأسيس الشركات الصغيرة الأكثر إسهاما في التشغيل، وعدم خضوع الأجهزة الحكومية للمساءلة المجتمعية التي تضمن كفاءة تقديم الخدمات العامة.
وتقول دراسة البنك إنه بالرغم من تباين النظم الاقتصادية لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، إلا أنها منذ حقبة الاستقلال عن الاستعمار الأجنبي وهي تطبق "نموذج تنموي" واحد، وهو النموذج الذي يعتبر البنك أنه وصل لمرحلة "التداعي" مع اندلاع "ثورات الربيع العربي".
ويقوم هذا النموذج التنموي على توفير الدولة للتعليم المجاني والغذاء والطاقة وقيامها بالدور الرئيسي في توفير الوظائف، ولكن لم تتوفر به آليات ملائمة تتيح للمواطنين محاسبة الحكومة على أدائها.
ويرى البنك أن هذا النموذج حقق نجاحات على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، حيث يشير إلى أنه خلال العقد الأول من القرن الحالي سجلت المنطقة أعلى معدل انخفاض في وفيات الأطفال عالمياً. وكان كل المواطنين تقريبا قد حصلوا على التعليم الأساسي، هذا إلى جانب تحقيق اقتصادات المنطقة لمتوسطات سنوية في النمو الاقتصادي تتراوح بين 4 إلى 5%.
ولكن بنهاية هذا العقد ظهرت مؤشرات أيضا تبرهن على أن هذا النموذج غير قابل للاستدامة، في ظل تفاقم عجز الموازنة بدول المنطقة وعدم القدرة على تحمل فاتورتي الدعم والأجور الحكومية.
والضغوط المالية ببلدان المنطقة دفعت الدول بالتدريج إلى التراجع عن دورها في التشغيل، وهي المشكلة التي تزامن معها عدم نجاح تلك البلدان في إتاحة المجال للقطاع الخاص لكي يقوم بهذا الدور.
ومن هذا المنطلق يشير البنك إلى أولى مشكلات اقتصادات الربيع العربي وهي أن "متوسط أعمار الشركات هو الأعلى في العالم النامي"، حيث يقول البنك إن الشركات الحديثة هي الأقدر على توليد الوظائف ولكن هذه الشركات تجد صعوبة بالغة في دخول السوق ومنافسة الكيانات الكبيرة.
ويشير التقرير في هذا السياق إلى الحالة المصرية بقوله إن شركات كانت مرتبطة بنظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك تلقت معاملة تفضيلية تحميها من المنافسة المصرية والأجنبية، وهو ما صعب على المستثمرين منافسة تلك الشركات ، بحسب قوله.
أما على صعيد الخدمات العامة، فيقول التقرير إن هذا القطاع يواجه مشكلتي نقص الجودة وعدم المساواة في تقديم الخدمات.
ويشير إلى أن نقص جودة التعليم هو الذي دفع 70% من الطلاب المصريين إلى اللجوء للدروس الخصوصية، وهو ما لا يستطيع الأقل دخلا تحمله مما يخلق عدم مساواة.
وعن الخدمات الصحية يقول البنك إن معدلات غياب الأطباء عن عملهم بالعيادات العامة في مصر والمغرب واليمن تتراوح نسبتها بين 20 إلى 30%، وينقل التقرير عن سيدة مصرية قولها "يمكنك أن تلجأ لعيادة خاصة وتفقد أموالك أو تلجأ لعيادة عامة وتفقد حياتك".
ويوصي التقرير بتوفير آليات أفضل لكي يحاسب المواطنون حكوماتهم على مستوى الخدمات العامة، بالإضافة للاعتماد على نظم للدعم أكثر استهدافا للمستحقين.