ومنذ إعلان الجيش عزل مرسي، اندلع عنف سياسي في البلاد، تزايدت حدته عقب فض اعتصامين مؤيدين لمرسي، وتسبب في مقتل نحو 1500 شخصا أغلبهم من مؤيدي مرسي وبينهم مئات من رجال الأمن.
أحدث الأخبار
قالت لجنة تقصي الحقائق، في تقريرها بشأن أحداث ما بعد 30 يونيو، إن حصيلة قتلي فض اعتصامي ميداني رابعة العدوية والنهضة بلغت 703، وحملت خمس جهات مسؤولية ارتفاع عدد ضحايا عمليات الفض، على رأسهم قادة الاعتصام، وآخرهم الحكومة المصرية لتأخرها في فضه.
كانت قوات الأمن بالتعاون مع الجيش فضت بالقوة يوم 14 أغسطس 2013 اعتصامي رابعة والنهضة، في يوم دام شهد مقتل المئات من المحتجين الإسلاميين والعشرات من رجال الشرطة، بعد اعتصام استمر 47 يوما احتجاجا على عزل الجيش مرسي في يوليو 2013 عقب احتاجاجات حاشدة على حكمه.
وتشكلت لجنة تقصي الحقائق كلجنة قومية مستقلة بناء على قرار جمهوري أصدره الرئيس السابق عدلي منصور في ديسمبر الماضي لرصد الأوضاع في البلاد عقب موجة عنف التي اندلعت إثر عزل مرسي.
وقال رئيس اللجنة فؤاد عبد المنعم، خلال مؤتمر صحفي بث على التلفزيون المصري، إن "الاعتصام بدأ سلميا ولكن لم يستمر سلميا وبدأ تسليحه.. وبالنسبة للفض أول طلق ناري صدر من تجمع رابعة وأول قتيل كان من رجال الشرطة."
وقال عمر مروان، الذي تلا نتائج التقرير خلال المؤتمر، إن التقرير خلص إلى أن قوات الشرطة "تدرجت في الإنذار باستخدام القوة (لفض اعتصام رابعة) ولم تلجأ إلى استخدام الرصاص الحي والاستعانة بالقوات القتالية إلا بعد سقوط أكثر من قتيل في صفوفها".
وأضاف حصيلة القتلى جراء فض اعتصام رابعة هي 8 قتلى و156 مصابا من صفوف الشرطة و607 من صفوف المواطنين ، "وأنا باقول مواطنين لأن مش كلهم من داخل الاعتصام.. في جثث جابوها من أماكن تانية".
وينقسم التقرير إلى قسمين، الأول عالج التجمعات في الطرق والميادين (رابعة وكافة الميادين الأخرى النهضة والحرس الجمهوري والمنصة وغيرها) والقسم الثاني من التقرير يتعلق بالاعتداء على الأفراد والمنشآت كما ضم عددا من التوصيات.
وبحسب التقرير فأن ما "تم تشريحه 363 حالة فقط (من ضحايا رابعة) والباقي (باقي الجثث) أصر المتجمعون في رابعة على نقلهم بحالتهم دون تشريح".
وشدد التقرير على أن "هدف الشرطة كان الإخلاء وليس القتل إلا أنها اضطرت إلى الرد على طلقات المسلحين.. القوات القتالية للشرطة لم تتدخل إلا على الساعة 3 العصر"، كانت عملية الفض بدأت آنذاك الساعة السادسة صباحا.
إلا أن تقريرا حقوقيا آخر صدر من المجلس القومي لحقوق الإنسان في مارس الماضي، قال إن قوات الأمن "سارعت في تنفيذ الاقتحام بعد 25 دقيقة من بدء الإنذار، وهو وقت غير كاف لخروج المعتصمين في أمن".
وحمل تقرير اليوم خمس جهات مسؤولية ارتفاع عدد الضحايا، وهم "قادة التجمع الذين سلحوا بعضا من أفراده، و لم يقبلوا مناشدة أجهزة الدولة والمساعي الداخلية والخارجية لفض التجمع سلميا، مع عدم الاكتراث بنتائج الصدام، ويشاركهم المسلحون الذين بدأوا إطلاق النار على الشرطة من بين المتجمعين، فتسببوا في وقوع الضحايا".
كما حمل قوات الشرطة المسؤولية أيضا وإن كانت المسوؤلية لا تتعلق باستخدام العنف، فقد قال مروان إنه "وإن كانت اضطرت إلى الرد على إطلاق النار، إلا أنها أخفقت في التركيز على مصادر إطلاق النار المتحركة بين المتجمعين مما زاد من أعداد الضحايا".
"وبعض المتجمعين يتحملون نصيبا من المسؤولية لإصرارهم على التواجد مع المسلحين واستخدامهم دروعا بشرية أثناء إطلاق النار على الشرطة، ولم يمتثلوا لدعوات الخروج الآمن قبل وأثناء الفض".
وجاءت الحكومة المصرية في آخر القائمة، وقال مروان إن "الإدارة المصرية جانبها أيضا الصواب في السماح بزيادة التجمع عددا ومساحة.. واستمراره بشكل واضح دون اتخاذ موقف حاسم لمنع ذلك.. وتردد الحكومة بين فض التجمع في وقت قصير مع ما يرتبه من تداعيات، وبين فضه بكلفة أقل ومدة أطول غير معلوم مداها، وقد انحازت الحكومة للخيار الأول حفاظا على وجود الدولة".
وعن أحداث فض اعتصام ميدان النهضة، قال التقرير إنه خلف 88 قتيلا و366 مصابا، "2 من الشرطة و23 مواطنا جراء الفض فقط.. والفرق في الأرقام يأتي لأن الباقين قتلوا خلال أحداث وقعت في المناطق المحيطة بأحداث النهضة واشتباكات مع أهالي المنطقة".
ومنذ إعلان الجيش عزل مرسي، اندلع عنف سياسي في البلاد، تزايدت حدته عقب فض اعتصامين مؤيدين لمرسي، وتسبب في مقتل نحو 1500 شخصا أغلبهم من مؤيدي مرسي وبينهم مئات من رجال الأمن.
وعن أحداث الحرس الجهوري التي وقعت في يوليو 2013، قال التقرير إن أنصار جماعة الإخوان المحتشدين أمام المنشأة العسكرية "هم من بدأوا بالاعتداء ومحاولة اقتحامها، ما أدى إلى وقوع اشتباكات مع الأمن خلفت قتيلين من الأمن وإصابة 42 وتوفي من المحتشدين 59 فردا وأصيب 435".
وعن أحداث المنصة التي وقعت أواخر يوليو 2013، لم يستطع التقرير رصد عدد القتلى جراء الحادث "لوجود ثلاث أطراف متورطة في الواقعة وهم أفراد المسيرة وبعض الأهالي والشرطة من جانب ثالث وجاري التحقيق في هذه الواقعة".
وعٌرض خلال المؤتمر الصحفي فيلما تضم لقطات توضح بعض ما استندت إليه اللجنة في عملها، وتضمن الفيلم لقطات لأحداث الحرس الجمهوري وبيان الجيش بعزل الرئيس محمد مرسي ومقتطفات صوتية لبعض القيادات الإخوانية من داخل الاعتصام وأحداث المنصة ومشاهد لـ"الخروج الآمن" من الممرات في رابعة وإصابة بعض رجال الشرطة وصوراً لبعض المسلحين في رابعة وعرض لقطات لما سماه "مستشفى رابعة" وخروج بعض المصابين، كما عرض الفيلم صورا لفض اعتصام النهضة.
وقال إن فترة ما بعد أحداث 30 يونبو، شهدت تدمير 64 كنيسة و402 حالة اعتداء على المسيحيين "بينهم 281 في المنيا"، ووثقت اللجنة في تقريرها وقوع 29 في سياق حالة العنف الطائفي.
واوضح التقرير أن أعمال العنف التي وقعت في الجامعات حتى مايو 2014، أسفرت عن مقتل 7 طلاب من جامعة القاهرة وضبط 172، ومقتل طالبين في عين شمس وضبط 59 آخرين أما أحداث جامعة الأزهر فأسفرت عن مقتل 6 طلاب وفصل 131 طلابا ومقتل أربعة من رجال الشرطة وإصابة 118 من رجالها.
وخلص التقرير إلى عدة توصيات وجهها للحكومة وسلطة التشريع والداخلية وغيرها للنهوض بالبلاد، حيث أوصى سلطة التشريع، بـ"ضرورة تعديل قانون التظاهر على ضوء الرؤية المرفقة حول الجدل الدائر على ذلك القانون وسرعة إصدار قانون حماية الشهود".
كانت الحكومة المصرية أقرت أواخر العام الماضي قانون التظاهر الذي أثار غضب واستياء حقوقيين وسياسيين بسبب القيود التي يفرضها على التظاهر، حيث يفرض على منظمي المظاهرات الإخطار بها قبل الموعد بثلاثة أيام على الأقل وأن يحددوا الغرض من المظاهرة والشعارات التي ستردد خلالها.
ومن بين التوصيات التي وجهتها اللجنة إلى سلطة التشريع، التي تلاها خلال المؤتمر إسكندر غطاس نائب رئيس اللجنة، مطالبة جهات التحقيق بسرعة الكشف عن نتائج التحقيقات في الأحداث الهامة "درءاً للفتن ومنعاً للدعوات الخارجية بتشكيل لجان تحقيق دولية".
وأوصى التقرير الحكومة بترسيخ دعائم دولة القانون، ومراعاة المعايير الدولية للعدالة الجنائية، وسرعة إنشاء المفوضية المستقلة لمنع التمييز والحض على الكراهية وإعادة النظر في تأسيس مفوضية مستقلة لمكافحة الفساد.
كما أوصى الحكومة بدعم استقلال المؤسسات الوطنية والمجالس القومية المتخصصة وإلزام أجهزة الدولة بإتاحة المعلومات اللازمة لأداء مهامها، وتأسيس مرصد لتعزيز احترام حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب.
"وينبه المرصد أجهزة الدولة للأعراض الجانبية لمكافحة الإرهاب، ويقترح الإجراءات المناسبة لتلافيها وجبر الأضرار التي تقع على المضارين، ويمكن أن يتبع هذا المرصد الأمانة العامة لمجلس الدفاع الوطني أو أمانة مجلس الوزراء أو مجلس الأمن القومي".
كما أوصي التقرير، بضرورة "تعويض كل الضحايا الذين سقطوا نتيجة الاشتباكات المسلحة ممن لم يثبت تورطهم في أعمال عنف أو التحريض".
وأوصى التقرير الشرطة بتطوير مهاراتها خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع فض التجمعات والحشود الجماهيرية بالطرق السلمية ومهارات التفاوض والحلول الودية، وإعادة النظر في استخدام طلقات الخرطوش وذلك لكثرة الاصابات التي تحدثها إذ كثرت حوادث فقدان البصر والعاهات المستديمة.
موضوعات متعلقة: