أحدث الأخبار
كتبت: ياسمين علي
مع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد، لجأ عدد من الجامعات المصرية إلى وضع شروط وضوابط جديدة للسكن في مدنها الجامعية بغرض الحد من إمكانية تنظيم المظاهرات أو اندلاع أعمال العنف.
وشملت الضوابط الجديدة شروطا من قبيل ضرورة توقيع الطالب وولي أمره على تعهد بعدم التظاهر، وحرمان الطالب المخالف للتعليمات من السكن في المدينة الجامعية فورا بدلا من الانتظار إلي العام التالي كما جرت العادة.
وأثارت بعض هذه الشروط رد فعل رافض من قبل ممثلين للطلاب، وتعهد رئيس اتحاد طلاب عين شمس بأن يكون هناك تحرك طلابي للاحتجاج عليها.
وكانت الجامعات شهدت خلال العام الدراسي السابق مظاهرات نظمها طلاب من أنصار جماعة الإخوان، للمطالبة بعودة الرئيس الاسبق محمد مرسي، كما وقعت أحداث عنف في جامعات الأزهر وعين شمس والقاهرة وغيرها، شملت وقوع قتلى ومصابين فضلا عن إحراق عدد كبير من المباني والكليات.
وقرر المجلس الأعلى للجامعات رفع رسوم الإقامة هذا العام في المدن الجامعية من 65 جنيها إلى 165 جنيه سنويا. إذ قال المستشار الإعلامي لوزير التعليم العالي عدلي رضا-لأصوات مصرية- إن "قرار الزيادة جاء لكي يساهم الطالب في جزء من المصروفات التي تنفقها الدولة عليه أثناء سكنه في المدينة".
لكن بخلاف قرار رفع الرسوم، ترك المجلس الأعلى حرية تحديد شروط السكن الجامعي - بما فيها الشروط الهادفة إلي وقف التظاهرات - لكل جامعة على حدة. وقال أشرف حاتم أمين عام المجلس الأعلى للجامعات إن "المجلس لم يضف أية شروط جديدة خاصة بأمر تسكين الطلاب في المدن الجامعية، والأمر شأن داخلي لكل جامعة تضع الشروط المناسبة لها لضبط الأمر".
جامعـــة القاهــــرة
في جامعة القاهرة قال عز الدين أبو ستيت، نائب رئيس الجامعة والمعنى بشؤون الطلاب، إن "الجامعة وضعت شرطا جديدا ينطوي على استبعاد أي طالب وحرمانه من السكن الجامعي إذا كان قد سبق وتم توقيع جزاء تأديبي عليه خلال الأعوام الماضية، وأنه في حالة تسكين طالب وثبوت قيامه بأعمال تظاهر سيتم إحالته لمجلس تأديب فوري".
وأضاف أبو ستيت، في تصريح خاص لأصوات مصرية، أن مجلس التأديب هو المنوط به معاقبة الطالب المخالف سواء في المدينة أو الجامعة، وهو الذي يقرر ما إذا كان الطالب المفصول من السكن يمكن أن يكمل دراسته في الجامعة أم لا، حسب النتيجة التي تتوصل إليها التحقيقات، على حد قوله.
جامعــة عيــن شمـــس
كما هو الحال في جامعة القاهرة، قررت إدارة جامعة عين شمس أيضا حرمان الطلبة الذين تم توقيع جزاءات عليهم العام الماضي، من السكن داخل المدينة الجامعية.
لكن جامعة عين شمس أضافت شرطا آخر للراغبين في السكن بمدينتها الجامعية، يتمثل في ضرورة أن يوقع الطالب وولي أمره تعهدا مكتوبا ينص على الالتزام بنظام الجامعة وعدم المشاركة في تظاهرات أو أعمال شغب، حسبما قال محمد الطوخي نائب رئيس الجامعة والمعني بشأن تسكين الطلاب.
وأضاف الطوخي، في تصريح خاص لأصوات مصرية، أن "الجامعة ليس لديها جهاز استخباراتي أو أمني لتحدد هوية الطلبة الذين يرغبون في السكن بالمدينة، ولا نستطيع تحديد الهوية السياسية للطالب أو انتماءاته، ولكن كل ما نستطيع فعله هو توقيع الجزاءات المناسبة عليه فى حالة مخالفته للوائح".
وأوضح الطوخي أن النظام المتبع خلال الأعوام السابقة في معاقبة طالب المدينة الذي يرتكب مخالفات، كان يتمثل في إحالته للتحقيق، وفي حالة ثبوت الادعاء عليه يتم حرمانه من السكن الجامعي العام الذي يليه.
ولفت الطوخي إلى أن "الجامعة طورت هذا الأمر بجعل العقوبة فورية هذا العام ويتم التحقيق مع الطالب وإحالته لمجلس التأديب، وإذا ثبت ارتكابه مخالفة للوائح والقوانين فيما يمس المدينة الجامعية فقط يتم حرمانه فورا من السكن، وإذا تعدى الأمر إلى المساس بالكلية التابع لها، تكون العقوبة أكبر وربما تصل للاستبعاد من الكلية، وهذا يتوقف على نتائج التحقيق".
إلا أن اتجاه إدارة الجامعة إلي إجبار الطلاب على توقيع تعهد بعدم التظاهر، يصطدم مع موقف بعض ممثلي الطلبة. إذ قال محمد مطر، رئيس اتحاد طلاب جامعة عين شمس، إن "مثل هذه الإجراءات تؤكد تناقض سياسات الدولة.. فكيف يقر الدستور حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي بآليات معينة، في حين نجبر الطالب على التوقيع على تعهد يقيد ممارسة حقه في التعبير؟"
ووصف مطر، في تصريح لأصوات مصرية، وضع الضوابط الجديدة للسكن في المدن الجامعية بأنه "يتناقض مع نصوص الدستور"، لافتا إلى أنه سيكون هناك تحرك من الطلاب لرفضه، على حد قوله.
وتحدثت "أصوات مصرية" مع ثلاثة من أعضاء حركة "طلاب ضد الانقلاب" المؤيدة لجماعة الإخوان، والمنظمة للكثير من التظاهرات الطلابية خلال العام الدراسي الماضي، إلا أنهم رفضوا التعليق على شروط السكن الجديدة وامتنعوا عن الإدلاء بأية تصريحات.
جامعـــة الأزهــــر
أما في جامعة الأزهر، والتي تعد من أكثر الجامعات المصرية التي شهدت أعمال عنف من قبل طلاب من أنصار جماعة الإخوان في العام الدراسي السابق، فإنه ليس من الواضح بعد ما إذا كانت المدينة الجامعية ستفتح أبوابها لسكن الطلاب هذا العام أم لا.
إذ قال الدكتور توفيق نور الدين نائب رئيس الجامعة، لأصوات مصرية، إن مجلس إدارة الجامعة تسلم تقريرا من لجنة هندسية أكد أن هناك مبنيين في المدينة الجامعية بمدينة نصر غير صالحين للسكن وأن أعمال الصيانة تحتاج لوقت كبير.
وقال نور الدين إن هناك عدة بدائل الآن أمام إدارة الجامعة من بينها إلغاء تسكين الطلاب وتعويضهم ماديا، أو تقليص عدد الطلاب.
وأضاف أن الأمر لم يتم البت فيه بعد، ولكن المؤكد هو أنه سيتم على الأقل تأجيل عملية التسكين، وأن إدارة الجامعة تنسق مع وزارتي الداخلية والمالية فى هذا الشأن.
وفي حال اتخذت جامعة الأزهر قرارا بفتح المدينة الجامعية للسكن هذا العام، فإن هناك عدة شروط ستطبق على الطلاب من بينها شرط التوقيع على تعهد بعدم التظاهر كما هو حال جامعة عين شمس.
وقال محمد عبد الشافي، رئيس جامعة الأزهر بالإنابة، إن "الجامعة ستحصل على تعهد مكتوب من الطالب بأن يحترم نظام المدينة مقابل أن تقدم له خدمة راقية، وفي حالة ثبوت اشتراك الطالب - ساكن المدينة - في التظاهر، لا يسكن طوال مدة الدراسة داخل المدينة ويتم تحويله لمجلس تأديب وإلغاء إقامته بشكل فوري".
وقال عبد الشافي إن "الجامعة لديها كشف بالذين أحدثوا أعمال شغب (العام الماضي) ولن يتم قبولهم بأي حال من الأحوال داخل المدينة الجامعية".
وقال عبد الشافي إنه "لا يتم تصنيف الطلاب حسب الانتماء السياسي ولكن حسب الالتزام باللوائح، فلا مانع من وجود طلاب لهم توجه سياسي طالما أنهم ملتزمون باللوائح والقوانين التي وضعناها، نحن نقيّم الطلبة بمدى التزامهم بالنظام والقوانين".
وردا على سؤال عن حجم عقوبة الطالب المخالف وهل تتوقف عند حد استبعاده من المدينة فقط أم تصل إلى حد استبعاده من الكلية، قال عبد الشافي إن "هذا الأمر تحدده اللوائح القانونية، وممثل الشؤون القانونية هو الذي يستطيع تقدير المخالفة والعقوبة المناسبة لها".
ومن جانبه، قال حسين ياسين - مدير المدن الجامعية بجامعة الأزهر - إنه تم إضافة صيغة جديدة على لوائح وضوابط قبول التسكين في مدن الأزهر بالتحديد، وتتمثل تلك الإضافة في وضع عبارة على ظهر المظروف الذي يقدم الطالب من خلاله بياناته لللسكن في المدينة، تنص على أنه "ممنوع التظاهر داخل حرم المدينة، والقيام بأعمال تظاهر وتوزيع منشورات سيحرم الطالب من السكن".
وبرر ياسين سبب إضافة الجامعة لهذه العبارة، بأنه إجراء احترازي إذا لجأ الطالب للقضاء عقب استبعاده، ففي هذه الحالة ستقدم الجامعة التعهد والمظروف للمحكمة للتأكيد على التحذير المسبق له.
وشدد ياسين على أنه "إذا خالف الطالب شرط عدم التظاهر، فلا يكون على الجامعة أدنى مسؤولية تجاهه، وعليه أن يوفر سكنا له بنفسه".
جامعـــات خاصـــة
من جهة أخرى لا تبدو الجامعات الخاصة قلقة من اندلاع مظاهرات أو أعمال عنف في السكن الجامعي. واستبعد أحمد عطية، رئيس جامعة أكتوبر الخاصة، أن تلجأ الجامعات غير الحكومية إلي وضع شروط مشابهة للجامعات الحكومية، وقال" الجامعة لا تحاسب أحدا على الأفكار والمعتقدات ولكنها تحاسب على الأفعال والقيام بأعمال تخريب".
وأضاف عطية، في تصريح لأصوات مصرية، أن الجامعات الخاصة تحصل على مبالغ مالية كبيرة مقابل الموافقة على تسكين الطالب بالسكن الجامعي التابع لها.
ورصدت اشتباكات محدودة للغاية في جامعات مصرية خاصة بين قوات الأمن وطلاب من أنصار جماعة الإخوان، كان أبرزها تلك التي وقعت في أبريل الماضي بجامعة 6 أكتوبر وقامت القوات بفضها على الفور.
ويبلغ عدد الجامعات الحكومية في مصر حاليا نحو 26 جامعة حكومية ونحو 27 جامعة خاصة، تضم جميعها مئات الكليات التي يدرس فيها أكثر من مليوني طالب وطالبة.
وأعلن وزير التعليم العالي الدكتور السيد عبد الخالق – في وقت سابق - تأجيل الدراسة بالجامعات إلى 11 أكتوبر بسبب أعمال الصيانة الخاصة بالمدن الجامعية، مشيرا إلى أن تقارير بعض المدن الجامعية أكدت عدم جاهزيتها لاستقبال الطلاب في العام الدراسي الجديد.
وكانت السلطات الأمنية سبق وأن وضعت بعض الإجراءات لمواجهة أي أعمال عنف بالجامعات، تضمنت تفتيش الطلاب والطالبات ذاتيا، لمنع دخول أي أدوات تستخدم في تعطيل الدراسة، والسماح لقوات الأمن بدخول الجامعات من جديد لحماية وحراسة المنشآت، وذلك بعد ثلاث سنوات من إبعاد الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية عن الجامعات واستبدال الأمن الإداري به.