أحدث الأخبار
يقول الباحث المصري احمد محمد بكر موسى في كتاب له إن قضايا حقوق الانسان هي شأن عقائدي فلسفي يصعب ان يخضع للبرهان والدليل المادي والايمان بها ايمان عاطفي.
في مقدمة الكتاب الذي حمل عنوانا هو (الابعاد الاعتقادية لحقوق الانسان) قال الباحث متسائلا "كيف ينظر مفكرو حقوق الانسان الى فلسفة حقوق الانسان؟ كيف ينظر نشطاء حقوق الانسان الى نصوص حقوق الانسان؟ هل يشك المفكرون في صلاحية الفلسفة لكل زمان ومكان؟ هل يقبل النشطاء حدوث تعديل في النصوص؟ هل نستطيع حصر النظريات التي تتكون منها فلسفة حقوق الانسان؟ هل يمكن فك الارتباط بين الفلسفة والنصوص؟" وقد جاء الكتاب في 112 صفحة متوسطة القطع وصدر عن (الدار العربية للعلوم-ناشرون) في بيروت.
واشتمل الكتاب على ثلاثة فصول اولها (حقوق الانسان-الاعتقاد: تدقيق المفاهيم) والثاني هو (الابعاد الاعتقادية لحقوق الانسان) والثالث هو (التعذيب الحقيقي: بين الحظر والاباحة) وفي خلاصات البحث قال احمد محمد بكر موسى "فلسفة حقوق الانسان ذات ثلاث شعب هي: القانون الطبيعي. النزعة الانسانية والعقد الاجتماعي. "وهذه النظريات تفتقد ادلة الصحة وانما صدّق بها الفلاسفة عاطفيا ومن هنا فان حقوق الانسان تشكل عقيدة في حق الفلاسفة وذلك على ما عرفنا الاعتقاد بانه 'كل تصديق قام لا يقبل التشكيك من دون ان يكون له دليل' ومن زاوية الفلسفة ايضا فان حقوق الانسان تعد عقيدة في حق النشطاء لانهم لم يعوا الفلسفة.. ولا تعنيهم الفلسفة في شيء."
اضاف يقول "وتتشابه دعوة حقوق الانسان مع العقيدة في أمور كثيرة منها قيام أنصار هذه الدعوة بالتبشير لها... هذه الدعوة تعطي مثلا عليا من خلال فلسفتها. لا يجري تطبيق هذه المثل على ارض الواقع. تولد هذه الدعوة اخوة بين المؤمنين بها مثل باقي العقائد. يضحي المؤمنون بحقوق الانسان في سبيل نصرة المظلومين وقد تصل التضحية الى حد الحياة نفسها..."
وقال الكاتب انه يزعم "ان دعوة حقوق الانسان بدأت تتطور من عقيدة حول فكرة مجردة وهي صلاحية مباديء حقوق الانسان لكل زمان ومكان لتأخذ بعض ابعاد العقيدة الدينية..."
وقال وسط سلسلة من الاخطاء اللغوية التي لا تليق بالبحث "فانني ادعو فلاسفة حقوق الانسان والنشطاء الى التخلص من اسر النظرية الاعتقادية لحقوق الانسان ولنقر ان الفلسفة والنصوص عملان بشريان يحتملان الخطأ وليتخلوا عن النصوصية والتعصب لان في ذلك ضمان لتقدم مسيرة حقوق الانسان."
ومن الواضح ان الكاتب وبحجة البحث الموضوعي يقف من مسائل حقوق الانسان موقفا "حياديا" بل نقديا الى درجة ان القارىء قد يتوهم احيانا ان المؤلف خصم لافكار حقوق الانسان تلك.
وباختصار فالكتاب على ما فيه من جهد ومن كونه دراسة قيمة يصعب ان يضيف قيمة الى قضية حقوق الانسان وهو في كل حال لم يدع انه يسعى الى ذلك. الكاتب في النتيجة لم يذكر حلولا واضحة لتلافي ما أخذه على افكار حقوق الانسان من مآخذ ولو جاءت في شكل "وصفي" موضوعي.
ويقدم المؤلف عرضا مختصرا لتارخ نشوء افكار حقوق الانسانوالادعاءات المختلفة في هذا المجال. يقول "تدعي الكثير من الامم السبق في ميدان حقوق الانسان. الانجليز يدعون ان أول وثيقة عرفتها البشرية هي "الماجنا كارتا" 1215 ميلادية. الامريكيون يدعون ان اول اعلان لحقوق الانسان هو اعلان الاستقلال الامريكي 1776 للميلاد والفرنسيون يرون ان اول وثيقة لحقوق الانسان هي اعلان حقوق الانسان والمواطن 1789 ميلادية بل ان العرب يدعون انهم اسبق الامم في هذا الميدان فهم يرون ان حلف الفضول في نهاية القرن السادس الميلادي هو ميثاق لانشاء اول جمعية لحقوق الانسان عرفتها البشرية..."
يضيف ان قصة هذا الحلف هي "ان رجلا يمنيا من قبيلة زبيد أودع تاجرا مكيا بضاعة على ان يبيعها له وعاد الى بلده ثم رجع الى مكة ليطلب ثمنها فرفض التاجر المكي ان يعطيه حقه فصعد الرجل جبل قبيس ونادى الا يوجد في مكة من ينصر المظلوم فاجتمع عدد من فضلاء مكة فاوصلوه الى حقه ثم تعاهدوا ...الا يدعوا في بطن مكة مظلوما من اهلها او غيرهم من سائر الناس الا وكانوا معه على ظالمه حتى ترد مظلمته.
وعرف هذا الحلف باسم "حلف الفضول" اي حلف فضلاء مكة." وانتقل الى القول "وبالطبع فقد نسب اهل الاديان السماوية لنصوص دياناتهم السبق في ميدان اقرار حقوق الانسان حتى ان (الفيلسوف الفرنسي هنري) برجسون اكد ان المسيحية هي التي اقرت فكرة المساواة في الحقوق واحترام الشخصية الانسانية وعنده ان رسالة المسيحية هي التي انتهت بعد ثمانية عشر قرنا من الجهود الى اعلان حقوق الانسان والمواطن في فرنسا."
وفي الدين الاسلامي هناك عشرات الكتب عن حقوق الانسان في الاسلام. لكن دعاوى اهل الاديان لا تثبت امام التحديد الدقيق لمفهوم حقوق الانسان بل نجدها تتحدث عن مفهوم الكرامة الانسانية الذي كان بينه وبين مفهوم حقوق الانسان ارتباط نظري وثيق الا ان لكل منهما كيانا مستقلا... فروح حقوق الانسان هي فلسفة حقوق الانسان وتلك الفلسفة ذات ثلاث شعب: القانون الطبيعي والنزعة الانسانية والعقد الاجتماعي وجسد حقوق الانسان هو مواثيق حقوق الانسان واعلاناتها ومعاهداتها واتفاقياتها..."