حكومة مصر تقرر إغلاق المتاجر في العاشرة مساء لتوفير الطاقة

الثلاثاء 30-10-2012 PM 06:00
حكومة مصر تقرر إغلاق المتاجر في العاشرة مساء لتوفير الطاقة

متسوقة داخل متجر فى مركز تجارى بالقاهرة - تصوير ناصر نورى - رويترز

كتب

 انتعش نشاط أصحاب المتاجر والباعة المتجولين في شوارع القاهرة منذ الانتفاضة الشعبية التي أعقبها 20 شهرا من التراخي الأمني ولكن فترة الرواج والازدهار قد تنتهي قريبا. 

 تقول حكومة جديدة تسعى حثيثا لإنهاء الفوضى الإدارية التي أعقبت الإطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك إنها ستبدأ في تطبيق حظر على التسوق في وقت متأخر من الليل في جميع أنحاء البلاد وإعادة النظام في الشوارع التي صارت أشبه بأسواق كبيرة مفتوحة. 

 وإذا طبق هذا الحظر فقد يخفض تكاليف الطاقة التي تنوء بتكاليفها الدولة وذلك بتحويل المزيد من النشاط البشري إلى ساعات النهار وخفض عدد ساعات عمل المتاجر ومراكز التسوق التي تستهلك قدرا كبيرا من الكهرباء. 

 ويرحب بعض عمال المتاجر في القاهرة بفكرة تقليص مدة العمل اليومي ولكن التجار يقولون إن هذا الحظر لا معنى له لأن أجور العمال تحدد على أساس العمل في مناوبات وإذا قلصت ساعات العمل فستقل أجور العمال تبعا لذلك. 

  وقال تاجر في وسط القاهرة يدعى محمد "القرار دا سييء جدا جداجدا. يعني كل المحلات اللي في الشارع دي فيها عدد من العمال معين.لما يكون محل بيفتح الساعة عشرة الصبح ويقفل الساعة اثنين، ثلاثة أو أربعة، بيبقى فيه عدد معين. نصف العمال دي ح يمشي لوالمحل قفل الساعة عشرة. يعني احنا مثلا لو عندنا 20 عامل.. صاحب المحل لو قفل من عشرة لعشرة خلاص مش عايز أكثر من عشرة. قرارسييء." 

 وعبر سعيد صانع الفطائر عن رأي مماثل. وقال "ما هو المحلات فيه عمالة وناس بتأكل عيش. لما يقفلو االمحلات بالليل الناس اللي اتقفل عليها دول وأولادها.. يأكلوا منين. فيه هل حد ح يغطيهم.. وبعدين المحلات دي.. المفروض ما يتقفلش اللي هي المحلات زي ورشة.. حاجة بتعمل إزعاج للناس. إنما محلات الأكل والأجزخانات والأفران  والكلام دا لازم تغطي الناس وتؤكل الناس علشان الناس تعيش." 

  وبينما يخيم الهدوء على مدن أخرى في شمال إفريقيا بعد الساعة العاشرة مساء تنبض معظم أنحاء القاهرة بالحياة وتتعالى فيها أصوات أبواق السيارات ونداءات الباعة المتجولين في الشوارع وتصدح الموسيقى من داخل قوارب النزهة في نهر النيل. وتعمل أجهزة تكييف الهواء بلا توقف في متاجر القاهرة خلال شهور الصيف وتسطع الأضواء داخلها وفي واجهاتها طوال الليل. 

 ويبقى بعض الأسر في شوارع القاهرة حتى وقت متأخر من الليل وغالبا ينام الأطفال على أكتاف آبائهم أثناء جولات التسوق وأمام واجهات المتاجر. ويستمتع كثير من الزائرين بصخب المدينة التي تنبض بالحياة وسط أجواء الليل المعتدلة. غير أن محافظ القاهرة أقل تأثرا بذلك.   

وذكر المحافظ أسامة كمال أن المصريين يجب أن يخلدوا إلى النوم مبكرين ويستيقظوا مبكرين لتتمكن البلاد من التركيز على الإنتاج. وقال "طبعا هو ح يبقى فيه أولا توفير وترشيد للطاقة..الكهرباء.. ثانيا ودا ح يبقى بشكل مباشر عن طريق الكهرباء.. بشكل غير مباشرعن طريق وسائل النقل لما تقف.. دا ح يبقى برضه ترشيد آخر للطاقة. ح يبقى فيه حل لمشكلة المرور على الأقل في الساعات الليلية.. بتوع هيئة النظافة ح تعرف يشتغلوا بالليل بحيث أن احنا صباحا نلاقي القاهرة نظيفة قدر الإمكان." 

 وتقدم الدولة دعما كبيرا لاستهلاك الطاقة لكن تكلفة الدعم زادت بصورة حادة وتحتاج الحكومة إلى تقليص النفقات المخصصة للطاقة لسد العجز وتعزيز احتمال الموافقة على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار تسعى للحصول عليه من صندوق النقد الدولي. 

 وقال محافظ القاهرة إنه بدءا من الثلاثاء (30 أكتوبر) أول أيام العمل بعد عطلة عيد الأضحى ستوقع الشرطة غرامات على المتاجر التي تظل مفتوحة بعد الساعة العاشرة مساء وعلى المقاهي والمطاعم التي ستواصل عملها بعد منتصف الليل. وبعد فرض غرامة ثانية ربما تسحب الحكومة رخصة المتجر المخالف. 

  ولن تسري هذه القواعد خلال العطلات الأسبوعية أو العامة. وقال مصري يدعى محمد عبد الحميد إنه يوافق تماما على إغلاق المتاجر في وقت مبكر.  وأضاف "هو الصح كدا. المحلات المفروض تقفل زي البلاد الأوروبية والعربية. وبعدين الواحد دلوقتي بشتغل 12 ساعة أو 13 ساعة. يعني المفروض والعدل بتاع ربنا كل المحلات اللي هي تجارية تقفل الساعةعشرة." 

 لكن أما تعمل موظفة عارضت بشدة قرار الإغلاق وقالت إن تنفيذه غير ممكن.  وقالت "ما ينفعش. ولا حتى يوم إجازة ما ينفعش. هي المفروض المحلات بتفتح لحد 11 .. 12.. معقول. لكن عشرة دي صعب ومستحيل جدا.دا على بال ما بتروح بيتك بعد الظهر من الشغل.. بتخلص شغلك خمسة وبيكون وراءك أولاد.. تؤكلهم وتشربهم.. عيال بتذاكر لهم.. بتخلص..بتلاقي بقت الساعة سبعة.. ثمانية." 

  وسيعني نجاح هذه الخطة أن حكومة الرئيس المصري الإسلامي محمد مرسي تمثل تغييرا واضحا عما سبقها من حكومات. أما فشلها فسيعني استمرار تباطؤ الجهات الرسمية والعداء الشعبي للشرطة وهو ما من شأنه أن يصبح سابقة سيئة لإصلاحات أكثر حيوية مثل تحسين البيروقراطية المتضخمة وخفض دعم الطاقة وترشيد الضرائب. 

 ويقول البعض إن الحكومة تخطو نحو الانهيار بمثل هذه القواعد الجديدة الخاصة بإغلاق المتاجر. ذلك أن الحكومة تعتمد على قوة الشرطة التي لم تستعد بعد سلطتها الكاملة على الشعب منذ الانتفاضة التي قامت العام الماضي لأسباب منها الغضب من المؤسسة الأمنية التي كانت تحرم المواطنين في كثير من الأحيان من حقوقهم الأساسية في عهد مبارك. 

  ورغم ذلك يقول المعارضون إن الحكومة اختارت أن تخوض المعركة الخطأ، وقال الاتحاد العام للغرف التجارية في مصر إن الحكومة لم تنتظرلمعرفة رأيه قبل أن تتخذ قرار الإغلاق المبكر للمتاجر. بينما أشارخبير اقتصادي إلى أن ما ستوفره الحكومة من تكاليف الطاقة قد تخسره في ناحية أخرى.

تعليقات الفيسبوك