مقابلة-وزير مصري يخوض حربا ثقافية ويقول انه يواجه "هجمة بربرية مخيفة"

الأربعاء 19-06-2013 PM 07:54
مقابلة-وزير مصري يخوض حربا ثقافية ويقول انه يواجه

وزير الثقافة علاء عبد العزيز في مقابلة مع رويترز - رويترز

يبدو فيلم "عصابات نيويورك" مناسبا لوضع وزير الثقافة المصري الجديد علاء عبد العزيز المدرس بالمعهد العالي للسينما الذي يقدم نفسه في صورة مقاتل قادم من خارج الوسط لكسر هيمنة النخبة المميزة على الإنفاق على الفنون.

ومنع مثقفون عبد العزيز من دخول مكتبه بعد أن أغضبهم قراره بإنهاء انتداب رئيسة الأوبرا إيناس عبد الدايم وهي أستاذة جامعية وكذلك خشية أن يحظر الإسلاميون الأصوليون فن الباليه.

وجاءت هذه "الحرب الثقافية" لتكون رمزا لصراع أوسع بين الحكومة الإسلامية ومعارضيها قبل مظاهرات حاشدة دعا الجانبان لتنظيمها في الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الحالي بمناسبة الذكرى الأولى لتولي الرئيس محمد مرسي مهام منصبه.

وقال عبد العزيز في مقابلة مع رويترز أجريت في الهيئة المصرية العامة للكتاب التي تتبع وزارته والتي يمارس منها مهامه إنه لن يحظر شيئا. وأضاف أنه زيادة على ذلك سيدعم "قصور الثقافة" خارج العاصمة وسينهي الفساد الموروث من النظام القديم وسيجعل الإنفاق الثقافي مؤكدا للتغيير الذي أحدثته الثورة في المجتمع المصري.

وقال مبررا قرارات إنهاء انتداب كبار المسؤولين في الوزارة وهي القرارات التي كانت سببا في الاعتصام في وزارة الثقافة وفي اشتباكات ومشادات بين مؤيدين ومعارضين للوزير "ببساطة شديدة جدا ليس الغرض من وزارة الثقافة الربح ولكن الغرض منها توصيل الخدمة الثقافية للمواطن." وأضاف أن المعترضين عليه هم "أصحاب المصالح" الذين قال إنه أعاد النظر في الأموال التي يتقاضونها. وتابع أن هذا جعلهم يحتجون عليه.

ومن بين ما يعجب الوزير (52 عاما) وهو أستاذ جامعي أفلام المخرج الياباني أكيرا كوروساوا والسينما الإيرانية والسينما الفرنسية وأعمال المخرج الأمريكي تيرينس مالك. وأحد الأفلام المفضلة للوزير فيلم مارتن سكورسيسي "عصابات نيويورك" الذي يبدو مناسبا لوضعه لأنه يروى قصة تعود الى فترة الحرب الأهلية الأمريكية وتدور حول أشخاص وافدين واصحاب مصالح يتصارعون من أجل النفوذ في دولة جديدة.

وتذوق إنتاج هوليوود يجعل عبد العزيز مختلفا عن بعض حلفاء مرسي وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها والذين استخدموا السلطة التي وصلوا إليها بالانتخابات منذ ثورة 2011 في الدعوة لوقف عروض الباليه والرقص الشرقي وحتى فرض رقابة على المشاهد العاطفية في الأفلام السينمائية.

وفي نظر المعارضين يعتبر عبد العزيز مجهولا في المجال الثقافي وأداة للإخوان المسلمين ينفذ حملة إسلامية تهدد الوضع الثقافي والحضاري لمصر الذي ظل طويلا موضع حسد العالم العربي المحافظ. ويقول عبد العزيز إن الأمر في الحقيقة يتعلق بالمصالح القائمة أكثر مما يتعلق بالحرية الفنية.

وأضاف "ببساطة شديدة جدا أنا من خارج الجماعة الثقافية التقليدية اللي فضلت (ظلت) مسيطرة على الحياة الثقافية في مصر عقودا طويلة." ومضى يقول "أنت تهدد مصالح مالية."

واتهم معارضيه بنشر الأكاذيب عنه ووصف بعض الانتقادات الموجهة اليه بأنها "مخيفة وبربرية". وقال "الثورة قامت لإحداث تغيير في المجتمع ويجب أن تتغير الثقافة أيضا لتواكب التغيير الذي حدث في المجتمع." وبعد أن أقال عبد العزيز عازفة الفلوت التي تعلمت في فرنسا التي تدير دار الأوبرا منذ عام أوقف مغنون وموسيقيون عرض أوبرا عايدة لينظموا احتجاجا على "أخونة" الثقافة بدلا من العرض.

والآن لا يرجح أن يكون مصير الراقصات سببا لغضب الملايين الذين يقولون إنهم سينضمون لاحتجاجات الشوارع يوم 30 يونيو حزيران في الذكري الأولى لتنصيب مرسي. وخلال عام من حكم مرسي اشتكى مصريون من أن جماعة الإخوان المسلمين استغلت قدراتها التنظيمية في الهيمنة على المؤسسات السياسية وتريد الآن فرض رؤيتها الاجتماعية على الفصائل الليبرالية الأقل تماسكا والتي تحالفت مع الإسلاميين للإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.

لكن عبد العزيز الذي ينتمي لحزب التوحيد الديمقراطي وهو حزب إسلامي صغير سخر من المخاوف مما يسمى "بالاحتلال" الإسلامي لمؤسسات الدولة. وقال إن لديه معيارين للعمل في وزارة الثقافة هما "الكفاءة والأمانة". وأضاف "متى توفرتا في أي شخص من الأشخاص فمرحبا به في وزارة الثقافة حتى لو كان من الإخوان أو الجماعات الإسلامية أو أي تيار سياسي... يساري.. ماركسي.. ليبرالي."

وقال إنه لم يأت ليفرض رقابة كما يخشى معارضوه. وأضاف "فيما يتعلق بالباليه والأوبرا الأمر لا يتعلق بأن أنت ستريد إلغاء شيء... إنت بتتكلم أو بتمارس فعلك في الأخطاء الإدارية الموجودة." وأضاف "عندما يقام عرض للباليه على مسرح يسع 620 مقعدا ولا يتم حجز إلا ثمانية مقاعد فهذه كارثة." وتابع "عندما تقوم بإجراءات لإصلاح هذه الأخطاء تجابه بهذه الهجمة الشرسة المخيفة البربرية."

ولا تزال الميزانيات بمصر موضع مراجعة ومن غير الواضح إن كان عبد العزيز سينقل مزيدا من الموارد إلى خارج المدن الكبرى. وقال عبد العزيز إنه سيعطي أولوية لإعادة تأهيل هيئة قصور الثقافة التي تعمل في المحافظات. وأضاف "الدور (المطلوب) الآن هو إعادة تأهيل هيئة قصور الثقافة والاعتناء بالمواهب والتقاطها وإبرازها."

ويريد عبد العزيز مساعدة صناعة السيما المصرية لتعود إلى أيام مجدها وقت الأفلام غير الملونة. لكنه يقول انه يهتم بالسينما العالمية. وأضاف عبد العزيز "أهتم بكل أنواع السينما... السينما الهوليودية أتفرج عليها وأشاهدها مثلما أشاهد السينما الإيرانية مثلما أشاهد السينما الفرنسية."

وتابع "أهتم جدا بالسينما النقدية اللي تنقد المجتمع. يعني زي جانجز أوف نيويورك.. عصابات نيويورك... من الأفلام التي أحبها وأفضلها." وبينما يستعد الجيش لمنع مؤيدي مرسي ومعارضيه من إراقة الدماء في شوارع القاهرة قال عبد العزيز إن الاحتجاج جيد لكنه اتهم معارضيه بانتهاج سبل غير شريفة في الحرب ضده.

وقال "لا يوجد لدي اعتراض على الاعتصام. ولا يوجد لدي اعتراض على التظاهر لأني كنت (يوما ما) متظاهرا ومعتصما وبالتالي لا يمكن أن أنكر على أحد ما كنت أقبله لنفسي." وأضاف "لكن المشكلة عندما تكذب. هذا أكثر شيء يزعجني."

تعليقات الفيسبوك