أحدث الأخبار
- الأسر الأشد فقرا تعتمد على العيادات الخارجية لوزارة الصحة بنسبة 15% فقط
- أقل من نصف مشتركي التأمين الصحي لا ينتفعون فعليا بخدماته
- مصاعب إدارية تعطل صيانة الخدمات وتتسبب في إعادة مخصصات إلى وزارة المالية
كتب – محمد جاد
مخلفات معمل تحاليل في الشارع، محرقة للقمامة بجوار مستشفى الصدر، قطط داخل غرف المرضى وبين معدات الأطباء أو صرصار على أحد أكياس الدم، لقطات رصدتها صفحة "عشان لو جه ميتفاجئش" على فيسبوك بعد زيارة لرئيس الوزراء للمعهد القومي للقلب يوم السادس من يونيو واجتذبت خلال أيام أكثر من 300 ألف متابع.
الحملة اعتمدت على مئات الصور ساهم بالتقاطها متضررون من سوء الخدمات الصحية في مختلف المحافظات، ويأتي إطلاقها في العام المالي الأول لزيادة وزارة المالية للإنفاق على الصحة بأكثر من المعدلات الطبيعية بحسب ما قالته في بيان موازنة 2014-2015، فلماذا يشكو الناس من سوء الخدمات الصحية في الوقت الذي يزيد فيه الإنفاق على الصحة؟
ما هي الخدمات الحكومية للمواطنين في الصحة؟.. وإلى أي مدى يعتمدون عليها؟
تتمتع وزارة الصحة بشبكة ضخمة من الخدمات الصحية تقدم خدماتها بمعدلات دعم عالية، بحسب دراسة أعدها الباحثان أحمد شكري رشاد ومايكل كيرك في جامعة ماربورج بألمانيا، وتقول الدراسة إن وزارة الصحة المصرية لديها 441 مستشفى و4839 مركز رعاية صحية أولية ، مشيرة إلى أن 80% من خدمات وزارة الصحة مجانية والنسبة الباقية تتطلب بعض الرسوم.
كما تقدم خدمات مجانية للمواطنين عبر المستشفيات الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالي، التي تقول الدراسة إنها تتركز في القاهرة والمدن، بجانب المستشفيات والمعاهد التعليمية، التي تقدم نصف خدماتها مجانا، ووحدات التأمين الصحي التي تغطي بخدماتها التأمينية العمالة في القطاع الرسمي والأرامل وأصحاب المعاشات وتلاميذ المدارس والمولودين حديثا.
وتعمل مستشفيات الرعاية العلاجية تحت إشراف وزارة الصحة، وهي مؤسسات غير هادفة للربح وتغطي تكاليفها بنسبة 100%، وفقا للدراسة.
لكن الدراسة التي حمل عنوانها سؤالا "هل النفقات الصحية العامة في مصر لصالح الفقراء أم الأغنياء؟" تقول إنه بالرغم من الدعم المقدم للخدمات الصحية فمعدلات استخدام المواطنين لخدمات الزيارات الخارجية للمرضى ضعيفة.
وتضيف الدراسة أن "البيانات المتعلقة باختيارات (المواطنين) لمقدمي الخدمات مدهشة لأنها تشير إلى ارتفاع معدلات استخدام خدمات القطاع الخاص بين الفقراء"، مشيرة إلى أن الأسر في الشريحة الأفقر قالت إن 15% فقط من زياراتها الخارجية للخدمات الصحية كانت لوحدات تابعة لوزارة الصحة.
وبالرغم من تغطية نظام التأمين الصحي بخدماته أكثر من نصف المواطنين تقول دراسة شكري وكيرك إن أقل من نصف المشتركين في تلك الخدمات لا يستفيدون منها فعليا.
هل تعاني الخدمات الحكومية من سوء الخدمة؟
يقول الدكتور علاء غنام، رئيس وحدة الحق في الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن الوحدات الصحية الحكومية في المناطق النائية لا يتوفر بها في كثير من الأحيان كوادر مدربة بالشكل الكافي "إذا أردت مثلا أن تأخذ حقنة قد تتعرض للعديد من محاولات الحقن الفاشلة بسبب عدم مهارة الممرض".
ويشير غنام إلى تردي مستوى إدارة العديد من الوحدات الحكومية، محذرا من أنه قد يتسبب في زيادة مخاطر صحية مثل انتشار العدوى.
هل نعاني من سوء توزيع الموارد؟
يقول علاء حامد، خبير الصحة بمكتب البنك الدولي بالقاهرة، إن الاتجاه العام لتخطيط الخدمات الصحية في مصر كان يقوم على تأسيس وحدات صحية مجهزة أو إعادة تأهيل الوحدات القائمة بالفعل لكن لم تكن هناك آليات لمتابعة نظم التشغيل والصيانة "في البداية يفتتح الوزير الوحدة وتكون بها كافة التجهيزات ثم تتجه إلى التدهور".
ويرجع حامد تدهور نظم التشغيل والصيانة بالوحدات الصحية الحكومية لعدة عوامل، منها الصعوبات الإدارية التي تواجهها في حالة الحاجة للتعاقد على خدمات قد تحتاجها أو تعيين كوادر كالعاملين المسؤولين عن النظافة، فالوحدات لا تتمتع بالسلطة التي تمكنها من اتخاذ القرار بالتعاقد على تلك الخدمات، إذ يرتبط هذا القرار أيضا بوزارة المالية، وهناك حاجة للتنسيق بين وزارتي المالية والصحة في هذا المجال.
وفي ظل صعوبة إجراءات التعاقد "تتم إعادة نسبة كبيرة من مخصصات التشغيل والصيانة لوزارة المالية بالرغم من احتياج هذه الوحدات لتلك المبالغ"، إلى جانب عدم وجود دليل إجراءات تشغيلي فعال يضع قواعد يتم اتباعها لضمان النظافة والأمان وغيرها من المعايير المطلوبة، علاوة على عدم قيام المحافظة بكامل مسؤوليتها في متابعة كفاءة التشغيل وإلقاء اللوم على وزارة الصحة في القاهرة، حسب رأي حامد.
ويشير حامد إلى ضرورة أن تطور وزارة المالية من طريقة تخصيصها للموارد المالية للوحدات الصحية بحيث تكون مبنية على نتائج متوقعة وأن تستطيع تتبع مدى تحقق تلك النتائج.
هل توجه الحكومة الإنفاق الكافي للصحة؟
بحسب البيان المالي لموازنة العام المالي الجاري فقد زادت الحكومة من الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي في 2014-2015 بـ 11 مليار جنيه إضافية عن الزيادة الطبيعية في هذه القطاعات، للوفاء بالالتزام الذي وضعه دستور 2014 بزيادة ما يتم إنفاقه على هذين القطاعين كنسبة من الناتج الإجمالي، بحيث تصل نسبة نفقات الصحة من الناتج الإجمالي خلال ثلاث سنوات إلى 3%، ولم تذكر الحكومة في البيان المالي تقديراتها لنسبة الإنفاق الصحي من الناتج الإجمالي في العام المالي السابق.
ويستحوذ بند الأجور على أكثر من 60% من موازنة الصحة بينما تصل نسبة بند شراء السلع والخدمات إلى 15.8% من الموازنة وبند الاستثمارات العامة إلى 13.4%.
لكن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية اعتبر في ورقة أصدرها في أبريل الماضي أن معدلات الإنفاق على الصحة في مصر "منخفضة بشكل صادم"، مشيرا إلى أن موازنة الصحة في العام الجاري مثلت حوالي 5.37% من إجمالي الإنفاق الحكومي وهو ما "يمثل نصف متوسط ما تنفقه الدول من نفس مستوى الدخل".
كما أن تعقيبات نقابة الأطباء على زيارة رئيس الوزراء لمعهد القلب تظهر عدم إتاحة الموارد بشكل كاف للوحدات الحكومية، فبحسب ما نقله موقع النقابة عن مؤتمرها المنعقد قبل أيام تقول منى مينا أمين عام النقابة إن "هناك نحو 500 وحدة صحية بالصعيد والمناطق النائية لا يوجد بها أطباء رغم إنفاق المليارات عليها".