أحدث الأخبار
طماي الزهايرة (الدقهلية)- محمد بازيد
أقارب أم كلثوم يتحدثون عنها باعتبارها "الجدة" للجميع في مسقط رأسها قرية طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية، ويشكون من انعدام اهتمام الدولة بالحفاظ على ما بقي من تاريخ كوكب الشرق ويذكرون أن أحدث زيارة قام بها مسؤول كبير للقرية كانت من 13 عاما.
الرحلة إلى طماي الزهايرة غالبا ما تكون عبر سيارة نصف نقل، يتراص الركاب في صندوقها لتتأرجح بهم عبر مطبات الطريق الوعرة في رحلة تمتد 20 كيلومترا من مدينة السنبلاوين التي تبعد بدورها نحو 35 كيلومترا من المنصورة عاصمة المحافظة.
سكان القرية يعانون مثل العديد من القرى بمحافظة الدقهلية، من تدني في الخدمات والمرافق، والشوارع غير المرصوفة.
في بيت طيني كان يجلس عدلي سمير الفنان التشكيلي بقصر ثقافة المنصورة، والبالغ من العمر 55 عاما، يسرد ذكرياته عن عمته الكبرى أم كلثوم وهو يسدد نظراته إلى شق في جدار المنزل الذي ولدت به "الست" ويقول إن كاميرات الصحفيين طالما أتت للمكان لإعداد تقارير عن عمته، ولكن دون فائدة على حد قوله. فالسيدة التي قامت بمجهود حربي، وجمعت الأموال أُثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1965 وحرب عام 1967 تقف قريتها وأهلها اليوم على حافة الفقر. القرية بها وحدة صحية ومدرسة ابتدائية وأخرى إعدادية.
يقول عدلي "لم تتذكرنا الدولة بأي شئ، وطالبنا بإنقاذ منزلها الذي ولدت وترعرت فيه، ولكن دون إجابة، والنداءات ذهبت مهب الريح.
خالد سمير (60 عاما) الشقيق الأكبر لعدلي، يعمل كفني زراعي، يعرف نفسه بأنه أحد أحفاد أم كلثوم وقال لأًصوات مصرية إنه رآها لأول مرة حين كان في الثامنة من العمر ولم يكن يراها كثيرا بسبب كثرة إرتباطاتها. ويتذكر أنها كانت تغني له بعض أغاني الأطفال التراثية فكانت تعتبره هو وأخيه الأصغر عدلي ابنيها، وتعتني بهما وتشتري لهما الملابس باستمرار.
يضيف خالد أن بعض السياح العرب يأتون إلى القرية بين الحين والآخر ويهتمون بذكرى أم كلثوم.
يسكت خالد لبرهة ويبتسم ابتسامة ساخرة قائلا إنه لم يتبق لهم بعد وفاة أم كلثوم سوى هذا البيت المبني من الطوب اللبن "سقفه من البوص وعروق الخشب وعلينا مهمة استقبال الضيوف في ذكرى ميلادها ووفاتها، والجري على مكاتب المسؤلين لترميم منزلها الأثري، والذي يأتيه الناس من كل حدب وصوب."
وعن ذكرياته مع عمته الراحلة يقول خالد إنه سافر معها في عام 1968إلى العراق، وتبرعت بكامل مستحقاتها في هذا الحفل، لصالح القوات المسلحة.
ويكشف خالد أن أم كلثوم كانت عصبية المزاج، وتنفعل لأقل الأسباب، ويمكن أن تتحدث بصورة حادة إذا ما استفزها أحد. ويضيف أنها كانت تحب الحياة البسيطة، وجسدت نموذجا للمرأة المصرية الفلاحة، وكانت تفخر بأنها خرجت من بيت فقير وقرية فقيرة.
بيت أم كلثوم الذي لازال على حاله بالطوب اللبن والبوص، والأثاث البسيط، لا يحوى شيئا من الكماليات لكن جدرانه تزدان بصور أم كلثوم. ويطل المنزل على فناء يستغل في تربية الدواجن. ويزوره ضيوف ومسؤولون بين الحين والآخر لكن أحدث زيارة من مسؤول قام بها محمد مصطفى الشناوي، محافظ الدقهلية الأسبق عام 2002، أي منذ مايزيد عن 13عاما.
وعن زيارة الشناوي تقول بثينة محمد السيد (72 عاما) وهي من أسرة كوكب الشرق إن المحافظ وعد في حينها بإنشاء متحف يضم مقتنيات أم كلثوم. واشترت المحافظة بالفعل أرضا لتخصيصها لإنشاء المتحف لكنها ما زالت أرضا بورا حتى الآن وسط الحقول.
وتضيف بثينة أن أم كلثوم أهدتها قلادة ذهبية قبل 12 عاما من وفاتها، وجهها الأول عليه صورة الست ومحفور عليها اسمها، ووجهها الآخر به رسم لطفل مجنح وبيده قوس وسهم وبعض علامات السلم الموسيقي. وقالت "أنا حاليا أعرضها للبيع، لمن يستطيع الحفاظ عليها من الشخصيات المشهورة، أوللدولة كي تضعها في متحف خاص، وسأقوم ببيعها بسعر عال، وأستغل هذا الثمن لبناء متحف، وسيشارك أهالي طماي الزهايرة الفقراء في بنائه، حفاظا على تراث وتاريخ جدتهم."
وعن حفلاتها خارج مصر تقول بثينة، ذهبت معها إلى المغرب في إحدى الحفلات، وكانت بدعوى من ملك المغرب شخصيا، بعد نكسة 67، ووصل سعر التذكرة في مؤخرةالمسرح إلى120 درهما مغربيا أي ما يعادل 23 دولارا في هذا الوقت،بينما الصفوف الأولى كانت تتراوح من 150 درهما إلى 200 درهم، وتبرعت بدخلها كاملا للقوات المسلحة.
وفي ذكرى ميلاد الست، يأمل أبناء طماي الزهايرة الحفاظ على مقتنيات أم كلثوم الأثرية وبناء متحف، ليكون شاهدا على تاريخ جدتهم.