أحدث الأخبار
كتبت: فيولا فهمي
استبعد خبراء ومحللون أن يتمرد حزب النور السلفي على آخر مراحل خارطة الطريق بعد فقدانه حظوظ الفوز بمقاعد البرلمان في المرحلة الأولى، وعدم اتساع نفوذه بمحافظات المرحلة الثانية، لكنهم توقعوا قيام السلطة بمواءمة سياسية لصالح "النور" بعد الانتخابات.
وتبدأ جولة إعادة المرحلة الأولى من الانتخابات يوم الثلاثاء 27 أكتوبر وتستمر يومين في 14 محافظة، بينما تجرى المرحلة الثانية يومي 22 و23 نوفمبر المقبل في 13 محافظة.
وتشهد محافظة الإسكندرية - أضخم معاقل السلفيين - ظروفا مناخية استثنائية بعد موجة الأمطار الغزيرة التي ضربت المحافظة وأدت إلى شلل مروري بسبب غرق الشوارع، ما يعزز احتمالات استمرار ضعف المشاركة في جولة الإعادة.
مرارة وإحباط
وقال القيادي بحزب النور السلفي، ياسر برهامي، إن أعضاء حزبه يشعرون بمرارة وإحباط من محاولات إقصائهم من المشهد السياسي، لكنهم لن يسعوا إلى هدم الدولة.
وأضاف برهامي، في مقابلة هاتفية مع أصوات مصرية، أن النور لا يزال في مرحلة تقييم الموقف من الانتخابات وسيحسم موقفه بعد نتائج جولة الإعادة للمرحلة الأولى.
واتهم القيادي السلفي بعض أجنحة داخل النظام السياسي بمحاولة إقصاء حزب النور من المشهد السياسي، إضافة إلى ما سماه بـ"معاداة بعض الأجهزة الأمنية لأعضاء الحزب وإلقاء القبض عليهم دون اتهامات".
وأوضح برهامي أن حزب النور لن يكمل الانتخابات إذا استمرت سياسة "ترهيب وتخويف المواطنين من انتخاب أعضاء الحزب وقمع رموزه وسيطرة رأس المال السياسي على العملية الانتخابية".
على قيد الحياة
قال الباحث في علم الاجتماع السياسي، عمار علي حسن، إن ما يشغل حزب النور الآن هو أن يظل باقيا على قيد الحياة السياسية، لأن قيادات الحزب تعلم جيدا أن التمرد على آخر مراحل خارطة الطريق سيكتب شهادة وفاتهم سياسيا.
وأضاف حسن، في تصريح لأصوات مصرية، أن غضب حزب النور من السلطة في هذا التوقيت لن يتجاوز حدود "العتاب" ولا يعكس روح التمرد، مؤكدا أن قادة السلفيين هم الأشد حرصا على عدم إغضاب السلطة السياسية.
واستبعد أن يغامر حزب النور بالانزلاق إلى العمل العنيف أو المواجهة السافرة مع السلطة مثلما فعل الإخوان المسلمون، خاصة وأن قيادات "النور" يعلمون أن التقرب من السلطة سيوفر لهم الحماية واستمرار المنافع، على حد تعبيره.
وكان حزب النور لوح بالانسحاب من خوض المرحلة الثانية من الانتخابات بعد إعلان نتائج المرحلة الأولى، لكنه عاد وقرر الاستمرار في العملية الانتخابية رغم ما سماه بـ"التجاوزات والخروقات الشرسة ضده".
ولم يتسن لحزب النور الحصول على نسبة تصويت مرتفعة في باكورة معاركه للوصول إلى البرلمان، حيث خسر قائمته الانتخابية في قطاع غرب الدلتا، وتهاوى معظم مرشحيه على المقاعد الفردية والبالغ عددهم 90 مرشحاً، باستثناء 24 فقط يخوضون جولة الإعادة.
خلل بنيوي
وأوضح حسن، وهو متخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، أن النور يعاني من خلل بنيوي داخلي منذ إزاحة حكم الإخوان المسلمين في عام 2013، خاصة وأنه يعجز في كثير من الأحيان عن إقناع قواعده الشعبية بصحيح مواقفه السياسية.
ورجح حسن أن يكون ما ناله "النور" حتى الآن هو الانعكاس الحقيقي لحجم تواجده ونفوذه في الشارع، مشيرا إلى فشل الحزب خلال العامين الماضيين في إقناع التيار العريض من المواطنين بأهمية وجوده داخل المشهد السياسي في مصر.
ويخوض النور جولة الإعادة للمرحلة الأولى في محافظات يبسط فيها نفوذه بشكل كبير، ومنها الإسكندرية والبحيرة ومرسى مطروح على 14 مقعدا بالنظام الفردي فقط.
وقال حسن إن السلطة السياسية لم ترغب في إزاحة حزب النور من المشهد، مؤكدا أن السلطات في مصر والعالم العربي تميل إلى السلفيين أكثر من المدنيين، بسبب تغاضيهم عن المطالبة بتداول السلطة واحترام الحريات العامة.
وتوقع أن يقدم النظام السياسي مواءمة مُرضية لحزب النور ليظل متواجدا داخل المشهد السياسي، سواء من خلال تعيين رئيس الجمهورية لعدد من أعضاء الحزب في البرلمان أو إسناد بعض المهام التنفيذية لقياداتهم، بهدف استيعابهم في العملية السياسية.
وشارك الحزب السلفي في خارطة الطريق التي أعلنها وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي في يوليو 2013، والتي عزل بموجبها الرئيس الإسلامي الأسبق محمد مرسي وأوقف العمل بدستور 2012 الذي هيمن الإسلاميون على كتابته.
تنازلات متبادلة
قال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتجية، عمرو هاشم ربيع، إن نفاد رصيد حزب النور في الشارع وتراجع نتائجه في الانتخابات سيجعل الدعوات إلى حل الحزب ومنع الأحزاب ذات المرجعية الدينية من المشاركة السياسية على المحك.
وأوضح ربيع أن المردود السلبي لتحجيم النفوذ السياسي للإسلاميين بشكل عام سيكون أكبر من طاقة الوطن على الاحتمال في الظرف السياسي الحالي، لأن انسداد القنوات الشرعية سيدفعهم إلى العمل "تحت الأرض".
وتوقع ربيع أن يقدم حزب النور والنظام السياسي تنازلات متبادلة خلال المرحلة المقبلة، لتهدئة الأجواء واستمرار ما سماه بـ"تبادل المنافع السياسية".
وتأسس حزب النور - الذراع السياسية للدعوة السلفية - بعد ثورة 25 يناير 2011، وحصل على المركز الثاني من حيث عدد المقاعد في برلمان عام 2012، لكنه فض تحالفه مع جماعة الإخوان المسلمين بعدما بات واضحا أنها غير قادرة على الاحتفاظ بالسلطة.