أحدث الأخبار
كتبت: أمنية طلال
دينا وادي واحدة من ملايين النساء اللاتي يعانين من عدم وجود حضانات في مؤسساتهن، ونظرا لطبيعة عملها في الصحافة تحتاج وادي إلى البقاء في العمل لساعات طويلة أو العمل في ورديات مسائية، كما تقول.
وجدت وادي نهاية لمعاناتها في واحدة من الحضانات التي تقدم خدمة ليلية بأسعار مناسبة، مؤكدة أنها كانت بمثابة حل سحري لمشكلة يومية تستهلك قرابة الأربع ساعات من يومها، مشيرة إلى ندرة الحضانات التي تقدم خدمة ليلية تمتد حتى منتصف الليل.
قالت وادي "أخيرا أستطيع أن أترك ابنتي في مكان آمن بدون قلق"، لافتة إلى أنها كانت تضطر لترك العمل في السابق "حتى لا أجد ابنتي في الشارع بعد موعد انتهاء الحضانة".
لم يكن الهدف من إنشاء حضانة أطفال تعمل حتى منتصف الليل، مجرد هدف تجاري، لكن المعاناة التي تواجه النساء العاملات دفعت سالي أسامة لإنشاء حضانة بمواصفات مختلفة تراعي آدمية الأطفال وحقوقهم، على حد قولها.
وأضافت أسامة "جاءت فكرة إنشاء الحضانة نتيجة معاناة شخصية عشتها لكوني صحفية ومعدة برامج، فلم أجد مكانا مناسبا لترك ابني لحين انتهاء عملي"، موضحة أن مشكلة الأطفال تتحملها المرأة وحدها في معظم الأسر المصرية.
وأوضحت أسامة أن الحضانة تعمل فترتين صباحية ومسائية طوال أيام الأسبوع، مشيرة إلى أنها تقدم خدمة للعاملات في مهن تستدعي البقاء لساعات طويلة في العمل مثل الصحافة والطب والتمريض، وأيضا لمن يعملن في أيام الإجازات الأسبوعية التي عادة ما تكون فيها الحضانات العادية مغلقة.
قررت أسامة معالجة كل أخطاء الحضانات الأخرى من انتهاكات يتعرض لها الأطفال نتيجة غياب المعاملة التربوية –مثل استخدام ألفاظ غير لائقة، واستخدام العنف مع الأطفال، وغرس أفكار سلبية لديهم-، فكانت البداية بالاستعانة بإخصائية نفسية واستخدام منهج علمي في التعامل مع الأطفال في الحضانة.
واختارت أسامة وسط القاهرة ليكون مقر حضانتها، نظرا لقربه من خمس مؤسسات صحفية، وعدد كبير من الهيئات والشركات، موضحة أنها استقبلت في أسبوعها الأول 13 طفلا، بالإضافة إلى 20 طفلا سيلتحقون بالحضانة بدءا من الشهر المقبل.
وقررت أسامة إعطاء امتيازات في السعر للصحفيات لتكون رسوم الاشتراك 600 جنيهاً بدلا من 800 هي قيمة الرسوم للفئات الأخرى والتي تتضمن تقديم الوجبات.
ورأت أسامة أن هذه الحضانة حلت مشكلات صديقاتها من العاملات في مهنة الصحافة والطب وغيرها، مؤكدة أن آلاف النساء يحرمن من العمل بسبب الإنجاب.
ولا تختلف مشكلة سارة سرحان التي تعمل صحفية أيضا، عن مشكلة دينا، فهي الأخرى تعمل في وردية مسائية تبدأ من الرابعة حتى الحادية عشر، ولا تجد من يرعى ابنتها خلال فترة عملها.
واعتبرت سرحان الحضانة الليلية حل حقيقي لكثير من النساء العاملات في ورديات ليلية وفي أيام الإجازات، مؤكدة أنها كادت تفقد عملها بعد مرض والدتها التي لم تعد تستطيع رعاية ابنتها خلال فترة عملها.
هذه المعاناة التي تعيشها آلاف العاملات دفعت 50 نقابية من عدة مواقع عمالية بالقطاعين الخاص والحكومي من مختلف المحافظات، لإطلاق حملة نهاية سبتمبر من العام الماضي لتحسين أوضاع العاملات في ضوء التعديلات التي تناقش حالياً على قانون العمل 12 لسنة 2003، وفي القلب من هذه التعديلات المقترحة إلزام أصحاب الأعمال بإنشاء دور حضانة في أي منشأة تضم 50 عاملة فأكثر.
ويكفل قانون العمل الحالي بعض الحقوق للمرأة العاملة منها إنشاء حضانات لأطفال العاملات، إلا أن الأزمة الحقيقة هي عدم إلزام أصحاب العمل سواء في الحكومة أو القطاع الخاص بهذه الحقوق أو تحديد عقوبة لمن يخالف القانون كما أوضحت منى عزت، مسؤول ملف العاملات بمؤسسة المرأة الجديدة، قائلة "أصحاب الأعمال يلجأون عادة إلى تعيين عدد قليل من النساء غير المتزوجات للإفلات من هذا الالتزام".
ويشترط قانون العمل 12 لسنة 2003 وجود 100 عاملة بالمؤسسة أو الشركة لإنشاء حضانة داخل مكان العمل أو التعاقد مع حضانة خاصة.