أحدث الأخبار
إعداد- مي قابيل
قالت دراسة للبنك الدولي إن الربيع العربي لم يحقق التغيير الذي طمح الناس إليه، ومازال الكثير من العوامل التي أثارت سخطهم قائمة، وعلى رأسها شعور المواطنين بتراجع مستويات معيشتهم، والنقص في الوظائف المتوافرة في القطاع الرسمي، وجودة الخدمات العامة، وقابلية الحكومات للمساءلة.
وأكدت الدراسة التي صدرت مساء أمس الأربعاء بعنوان "عدم المساواة، والثورات، والصراع في العالم العربي"، أن المواطنين العاديين شعروا بالسخط، لكن الإحباط الأكبر كان من نصيب أبناء الطبقة المتوسطة.
ويعرض البنك الدولي أسباب نزول المواطنين إلى الشوارع في عدد من الدول العربية للمطالبة بالتغيير، رغم أن الأداء الاقتصادي لبلادهم، بحسب ما تظهره الأرقام، كان يبدو "مشرقا".
وقال "من منظور البيانات الاقتصادية وحدها، ما كان ينبغي أبداً أن تحدث ثورات الربيع العربي"، حيث حققت المنطقة تقدما مطردا نحو القضاء على الفقر المدقع، وزيادة معدلات الالتحاق بالتعليم، وخفض أعداد الجوعى ووفيات الأطفال، ومعدلات النمو الاقتصادي كانت معتدلة.
إلا أن هناك اختلافا بين إدراك المواطنين لمستوى الرفاه الذي يتمتعون به وبين ما تعكسه الأرقام والمؤشرات الاقتصادية.
"ففي عام 2000 كان كثير من المصريين يرون مستوى معيشتهم أفضل مما تعكسه المؤشرات، بينما انقلب هذا الوضع في 2008 رغم أن البيانات كانت تشير إلى أنهم صاروا أكثر رفاهية، فقد رأى كثيرون منهم أن أوضاعهم المعيشية تتراجع"، يقول البنك.
وبنهاية العقد الأول من الألفية كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "الوحيدة في العالم" التي شهدت تراجعا حادا في الشعور بالرفاه (الرضى عن مستوى المعيشة وجودة الحياة)، وكان التراجع أكثر قوة في الدول التي شهدت لاحقا الربيع العربي، وخاصة مصر وتونس والعراق واليمن وسوريا.
ويضرب التقرير المثال بمصر، التي تراجع فيها تقييم الناس لمستوى معيشتهم من 5.5 على مقياس الرفاه الشخصي في عام 2007، إلى 4.4 في عام 2010، وهو ما يعتبر تراجعا كبيرا بالنظر إلى ما أظهرته الإحصاءات في تلك الفترة من تحسن في المؤشرات الاقتصادية – الاجتماعية وفي متوسط دخل الفرد.
وكانت أكثر العوامل التي تساهم في شعور الناس بعدم الرضى، بحسب ما أظهرته المسوح التي اعتمدت عليها الدراسة، هي عدم الرضى عن مستوى المعيشة أو "جودة الحياة"، والبطالة، و"الواسطة" التي عرفها التقرير بأنها عدم القدرة على التقدم في العمل بدون علاقات.
كما ظهر أيضا عدم الرضى عن جودة الخدمات الحكومية، وزادت بدرجة كبيرة نسبة المعترضين على عدم توافر سكن بتكلفة يمكن تحملها، كما ارتفعت أيضا نسب غير الراضين عن المواصلات العامة، وجودة الرعاية الصحية، وتوافر الوظائف "الجيدة".
وتشير الدراسة إلى أن هذه العوامل نفسها هي التي أثرت وبشكل واضح على رضى الناس عن حياتهم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الفترة التالية لثورات الربيع العربي.
وانعكس سخط المواطنين على أوضاعهم على علاقتهم بالدولة، والتي كان يحكمها فيما سبق عقد اجتماعي يقوم على توزيع جزء من الموارد العامة عليهم في مقابل عدم تعبيرهم عن رأيهم في السياسات العامة، كما تقول الدراسة.
إلا انها تخلص إلى أن العمل بهذا العقد الاجتماعي القديم قد توقف بالنسبة للطبقات المتوسطة، التي أصبحت تريد التعبير عن رأيها والحصول أيضا على فرص حقيقية.