أحدث الأخبار
فى أغسطس ٢٠٠٩ أصدر المجلس الخاص برئاسة المستشار محمد الحسينى، رئيس مجلس الدولة حينذاك قرار بقبول تعيين قاضيات لأول مرة فى تاريخ القضاء الإدارى.
كان ذلك القرار متفقا مع أحكام الدستور الذى ينص على المساواة بين المصريين، ومع أحكام القانون التى لم يكن فيها ما يمنع من تعيين النساء كقاضيات. قامت الدنيا ولم تقعد. رفض قضاة مجلس الدوله تنفيذ القرار.
عُرض الأمر على الجمعية العامة لمستشارى المحكمة، رفض ٣٣٤ منهم قرار المجلس الخاص مقابل ١٤ وافقوا. انعقدت الجمعية العمومية فى غياب رئيس المجلس احتجاجا منه على التصويت على أمر مخالف للدستور. قالت الجمعية العمومية إنها ترفض القرار «لأن استراحات المجلس فى المحافظات غير مجهزة لإقامة القاضيات»!!.
فى أكتوبر٢٠١٤ قرر مجلس القضاء الأعلى وقف تعيين ١٣٨ شابا فى وظيفه معاون نيابة. السبب أن «والديهم لم يحصلوا على مؤهل عال»!!، لم يسأل أحد أعضاء المجلس الموقر عن مؤهلات آبائهم، وعمن أعطاهم حق إضافه شرط للتعيين ليس منصوصا عليه فى القانون.
فى مايو 2015 قال وزير العدل فى معرض رفضه لتعيين أبناء الفقراء فى القضاء «مع احترامى لأبناء عمال النظافة لكن لابد أن يكون القاضى من بيئة محترمة تليق بشموخ القضاء»؛ لم يقل لنا الوزير ما هو تعريفه «للبيئة المحترمة»؛ ومنذ متى كان الفساد قرين الفقر والأصول الاجتماعية المتواضعة. لو راجع الوزير ملفات التفتيش القضائى لعلم بؤس منطقه.
يفهم البعض أن استقلال القضاء بشئونه يعنى قدرته على عدم التقيد بأحكام الدستور والقانون فى خصوص تعيين القضاة، مخطئون. القضاة ليسوا مستقلين عن القانون. القانون هو صاحب السلطان على عملهم بنص المادة 186من الدستور.
التعيين فى وظيفة القاضى وفقا لنص المادة 38 من قانون السلطة القضائية ليس من ضمن شروطه «الذكورة» أو «المستوى العلمى أو الاجتماعى للوالدين»، أو «القرابة حتى درجة معينة لأحد القضاة». التحايل على نصوص القانون يهز الثقة فى العدالة ويجعل المواطنين فى شك من الأحكام التى يصدرها قضاة لا يطبقون نصوص القانون على أنفسهم.
من ضمن المهام الدستورية لرئيس الجمهورية «رعاية مصالح الشعب». لفت نظر الهيئات القضائية ومراقبة التزامها بالدستور والقانون عند اختيار من يلتحقون بها تدخل فى صميم «مصالح الشعب» التى يتعين أن يرعاها الرئيس.
جاء الوقت ليفهم الجميع أن «توريث الوظائف العامة» أو «قصرها على الأغنياء» أو «الرجال» بالمخالفة للدستور والقانون يفتح بابا عظيما للفساد الذى يزعم الجميع محاربته.
استقالة وزير العدل لم تعد كافيه. يجب أن يتم استكمال إجراءات تعيين الـ١٣٨ شابا الذين حرموا من حقهم فى التعيين بالمخالفة للقانون. يجب أن نرى النساء قضاة فى مجلس الدولة. بالمناسبة هل أصبحت «استراحات المجلس فى المحافظات جاهزة لاستقبالهن»؟!!.