أحدث الأخبار
كتب: الأب رفيق جريش
نسمع ونقرأ كثيرا هذه الأيام عن موضوع تجديد الفكر والخطاب الديني، وتذهب الأذهان إلى أن المقصود هو تجديد الفكر والخطاب الديني الإسلامي فقط، ولكن المجتمع المصري مكون من مسلمين ومسيحيين، وينسحب التجديد المنشود على عنصري الأمة.
فبالفعل الخطاب الدينى المسيحى يحتاج إلى مراجعة فهو خطاب يتأرجح ما بين خطاب متشددا وما وخطاب رخو، فالخطاب المتشدد يرفض الآخر أو يقبله على مضض، فيظن أن إيمانه فقط هو الإيمان القويم ومالك كل الحقيقة فيعمل على التحكم فى حياة الناس وعقولهم، ويركز على الحرف وليس الروح ويعظم الطقس ويجعل منه إلها رغم أن الطقس وسيلة للتعبير عن الإيمان وليس غاية فى حد ذاته، وينصب نفسه قاضيا بدلا من الله ويحكم على المؤمنين وينسى محبة الله ورحمته.
على النقيض الآخر نجد أيضا خطابا دينيا رخوا، ويقوم على مخاطبة عواطف الناس واللعب عليها ولا يغذى عقلهم، كما يقوم على هدم كل ماهو طقس وتقليد وروحانيات عميقة، ويبشر بأن رحمة الله واسعة جدا ويتناسى الدعوة إلى التوبة وضرورة أن يغير الإنسان مسار قلبه وحياته وذلك بسبب بعض الجماعات أو الحلقات التى تدعى تفسير الكتاب المقدس على هواها وتبتعد عن العقائد وأى سلطة أو موافقة كنسية أو حتى دراسة حقيقية عميقة.
الكنيسة فى احتياج حقيقى إلى خطاب متجدد وفكر منفتح يقبل الآخر فالكتاب المقدس يقول «فمن ادعى أنه يحب الله ولا يحب أخاه ــ أى إنسان ــ فهو كاذب» (يو4/20) خطاب يتسم بالتواضع ويدخل إلى العمق وخطاب تعليمى وتكوينى ويعلم ما أوصى به السيد المسيح وداعٍ إلى التوبة يصلح ويجدد الطقوس ويشرح ولا يهدم ويفتخر بتقليده وتاريخ وحياة الآباء الذين سبقوه ويطبقه فى الحياة اليومية مع شركاء الوطن.
إذا كان الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ووزارة التربية والتعليم تعمل لمراجعة المناهج الدراسية وتصويب الفكر والخطاب الدينى كذلك على الكنيسة ــ بجميع طوائفها ــ وهيئتها التعليمية تصويب خطابها الدينى أيضا.
لذا اقترح على إخوتى فى مجلس كنائس مصر والمنوط بهم التنسيق ما بين جميع الكنائس أن تضع معيارا لما يجب عليه أن يكون الخطاب الدينى ويكون هذا الخطاب نابعا من فكر مستنير ووطني.