أحدث الأخبار
كتب: خالد أبوبكر
آفة بلادنا في هذه الأيام المناكفات السياسية، التي تهدر الجهد وتقلل منسوب الفرحة بأي إنجاز يتحقق على أرض الوطن. ويتابع جميعنا تلك المناكفات الدائرة بشأن مشروع قناة السويس الجديدة، ومحاولة البعض تصويره على أنه معدوم القيمة الاقتصادية والتقليل منه بالحديث عن كونه مجرد «تفريعة»، فيما يرى الفريق الآخر أنه سيفتح خزائن السماء على مصر، وهو ما يرفع سقف توقعات الناس، فيربط بعض البسطاء بين افتتاحه وعموم الرخاء على البلاد والعباد.
والحقيقة أن المشروع أهم وأكبر من كونه «تفريعة»، كما يحاول المعارضون تصويره، ذلك أن قناة السويس كشريان استراتيجى لحركة التجارة العالمية كانت فى مسيس الحاجة إليه للحفاظ على مكانتها، والحقيقة أيضا أنه خطوة أولى ضمن مشروع أكبر وهو «تنمية محور قناة السويس» الذى يستهدف إقامة مشاريع عملاقة غرب خليج السويس، وشرق بورسعيد، وفى الإسماعيلية الجديدة، مع إنشاء منطقة لوجستية متكاملة.
وبعيدا عن هذه المناكفات العقيمة، أود أن أطرح 5 أسباب أراها أسبابا وجيهة للفرحة بإنجاز هذا المشروع، الذى أعلن عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل 11 شهرا لتطوير قناة السويس، عبر إنشاء قناة موازية للقناة الحالية بطول 34 كم، بجانب تعميق وتوسيع المجرى الملاحى الحالى بطول 72 كم، بهدف تقليص الفترة الزمنية لعبور السفن، على أن يتم هذا المشروع فى غضون عام واحد، والأسباب الخمسة للفرحة هى:
ــ إن تنفيذ مشروع بهذا الحجم فى هذه المدة الزمنية القصيرة، هو إنجاز على أى مقياس علمى موضوعى، يجعلنا نثق فى قدراتنا وإمكاناتنا متى حطمنا الروتين، وملكنا إرادة تطوير الوطن للأفضل.
ــ تزيد الفرحة بإنجاز هذا المشروع، نظرا لحجم التهديدات التى تعرضت لها مصر خلال فترة تنفيذه، فبينما كان القتال شرسا فى الحرب على الإرهاب، التى يتحمل الشعب والجيش سقوط شهداء فيها بكل صبر وإصرار على دحر الإرهابيين، كانت هناك أياد أخرى تبنى وتعمر دون كلل، متحدية قوى الشر التى تريد العودة بالوطن إلى الوراء.
ــ علينا أن نفرح؛ لأننا نجحنا فى تطوير قناة السويس وتعظيم دورها فى حركة التجارة العالمية، فى ظل ظهور مشاريع منافسة مثل مشروع (إيلات ــ أسدود) الذى تعده إسرئيل ليكون بديلا لقناة السويس، من خلال الربط بين قارتى آسيا وأوروبا عبر خط سكة حديد يصل طوله نحو 300 كيلومتر.
وفى إطار المنافسة العالمية، نجد أن قناة بنما التى تربط بين المحيط الأطلنطى والهادى، تعالج الآن أهم عيوبها، وهو قلة قدرتها الاستيعابية؛ لأن حاويات البترول الضخمة والسفن الحربية وحاملات الطائرات لا تستطيع عبورها.
ولذلك قررت إدارة قناة بنما تنفيذ مشروع لتوسعة القناة بدأت فيه عام 2007، ومن المقرر الانتهاء منه فى أبريل ٢٠١٦ بتكلفة 5،25 مليار دولار، ويشير تقرير لمجلة «إيكونوميست» البريطانية إلى أنه حتى فى حالة تضاعف القدرة الاستيعابية لقناة بنما فإن خطوط الشحن تصنع حاليا سفنا لها قدرة على نقل أكثر من 18 ألف حاوية، وهى حمولة لن تستطيع قناة بنما تحملها حتى بعد عملية التوسع، بينما تستطيع أن تتحملها قناة السويس.
ــ أظهر هذا المشروع التفاف المصريين حول أى عمل يستشعرون أنه سيسهم بأى قدر فى تقدم وطنهم، ذلك أنهم قدموا فى أيام معدودات 64 مليار جنيه من خلال شهادات استثمار، وارتفاع عوائد هذه الشهادات لا يقلل أبدا من قيمة حرصهم على نجاح مشروع مفيد للوطن.
ــ علينا أن نفرح؛ لأن هذا المشروع غيّر نسبيا الصورة النمطية التى سادت وسائل الإعلام العالمية عن مصر طيلة الفترة الماضية؛ فحلت صورة البناء والتعمير والإنجاز بديلا عن صورة الإرهاب والاضطرابات، ومصر فى أمس الحاجة لذلك.