أحدث الأخبار
الشرق الأوسط مشتعل بالنيران. ومثلما كان الإرث الذي تركه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في العراق كارثة، سيكون كذلك الإرث الذي يتركه الرئيس الحالي باراك أوباما في سوريا. وأحدثت خطايا بوش فيما ارتكبه بيديه فوضى لا تقل عما أحدثته خطايا أوباما فيما تغافل عنه، بما في ذلك فشله في استغلال وجود خصوم مشتركين لاسرائيل ومصر والسعودية ليتوصل لاتفاق لحل القضية الفلسطينية حسب تقرير نشره موقع ديلي بيست الأمريكي.
وافاد التقرير أنه رغم وقف اطلاق النار في سوريا أظهرت أحدث احصاءات المنظمات الحقوقية أن 470 ألف شخص قتلوا في الحرب الأهلية التي اندلعت قبل خمس سنوات. والأنكى من ذلك أنه لا يمكن التأكد من دقة هذه الأرقام لأن الأمم المتحدة تخلت 18 شهرا–ربما بدافع اليأس- عن جمع احصاءات. وأصبحت سوريا أكبر تحد أمني وسياسي وانساني في زمننا. إنها أزمة صواريخ كوبية لعام 2016 .
وقد نجحت ايران –حسبما يقول التقرير- في اشعال المنطقة من خلال التوليفة الطائفية الشيعية الاسلامية في اليمن ولبنان، والترويع "الارهابي" عبر حزب الله، والتدخل في العراق وسوريا.
وليست السعودية أقل تورطا بعدما أمضت عقودا في تمويل رؤيتها الطائفية للوهابية السنية. وفي مواجهة توسع النفوذ الايراني، هددت السعودية بارسال قوات برية إلى سوريا مثلما فعلت في البحرين واليمن.
وأما تركيا التي ترزح تحت أوهام العظمة العثمانية الجديدة للرئيس رجب طيب اردوغان، فهي تحاول باستماتة وقاية نفسها من تهديد ثلاثي عبر موجات اللاجئين، وتعافي نظام الرئيس الأسد المعادي في سوريا، وبروز منطقة كردية مستقلة على حدودها. وهدد رئيس الوزراء احمد داود أوغلوا بأن تركيا لن تتردد في التحرك عسكري لوقف لطموحات الكردية. ومع قصف المعاقل الكردية في سوريا، أشار الأتراك إلى أنهم سيرسلون قوات برية للانضمام للسعودية.
ومع سماع رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف عن القوات البرية السعودية والتركية، هدد بشن "حرب دائمة". والمفارقة أن روسيا ذاتها أرسلت بالفعل قوات برية وتنفذ ما يصل إلى 510 طلعات قتالية أسبوعيا في سوريا انطلاقا من قاعدتها الجوية قرب اللاذقية.
ويسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتحقيق هدفه بتقسيم أوروبا وتقسيم حلف الأطلسي بالدفاع عن الأكراد. وحصلت منطقة روج آفا الكردية شبه المستقلة في شمال سوريا على أول مكتب تمثيل خارجي لها في موسكو. وهناك أيضا حكومة كردستان المستقلة في شمال العراق. ومن المستبعد الآن أن يقبل الأكراد مجددا حكما سوريا أو عراقيا أو كرديا بصرف النظر عما يعنيه اتفاق وقف اطلاق النار.
وبعد اسقاط تركيا عضو الأطلسي لطائرة روسية العام الماضي حشدت روسيا قواتها على الحدود التركية لتأمين قاعدة في المنطقة الكردية السورية. وأصبح جيشا البلدين على مسافة كيلو مترات من بعضهما البعض الآن. وإذا حدث صدام فسيجد حلف الأطلسي نفسه مرغما على الدخول في حرب أو فقدان كل مصداقيته كاتفاقية للدفاع المشترك، وهو ما سيسعد بوتين.
وهكذا أصبحت المنطقة تقف على شفا حرب عالمية ثالثة، وهو ما كان يمكن تجنبه إلى حد كبير لو أظهر اوباما في سياسته الخارجية قدرة على القيادة والرؤية الاستراتيجية.
واعترف أوباما بأن ادارته لم تضع بعد استراتيجية لمواجهة تنظيم داعش. ولا يمكن نسيان أن الرئيس السوري بشار الأسد تجاوز "الخط الأحمر" الذي حدده أوباما في ملف الأسلحة الكيماوية دون أن يمسه أذى.
وبصر النظر عن السجل الداخلي لأوباما، سيبقى كثير من نقاده في السياسة الخارجية يعضون على أسنانهم من اللامبالاة المغرورة التي أظهرها وهو يرى تفكك الشرق الأوسط وصعود الدب الروسي. لقد حدق بوتين في أوباما وتراجع اوباما وطرفت عيناه.
وكان يمكن للاستراتيجية الأمريكية أن تستغل فرصا كثيرة في المحادثات النووية مع ايران للتوصل إلى تسوية بشأن الأسد. وكان يمكن أن تستغل ايران والأسد كخصمين مشتركين للمصريين والسعوديين والاسرائيليين لتوحيدهم حول اتفاق بشأن فلسطين. ويضيف التقرير أنه كان يمكن ايضا، قبل أن تستغل روسيا الفرصة، أن تدعم الاستراتيجية الأمريكية دولة كردية مستقلة كانت ستمثل الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط العلمانية الديمقراطية ذات الأغلبية المسلمة وكان يمكن أن تضرب المثل للمنطقة في التصدي للاسلاميين.
لم يحدث أي من ذلك لكن أوباما حصل على جائزة نوبل.. تهانينا.