أحدث الأخبار
مع بدء حملة نقابة الأطباء لعلاج المواطنين مجانا في المستشفيات العامة ظهرت مبارزة في التصريحات بين النقابة ووزارة الصحة.
فبينما تحث النقابة الأطباء على عدم تحصيل رسوم من المواطنين مقابل العلاج، معتبرة ذلك حقا قانونيا، فإن الوزارة تحذر الأطباء من رفض الرسوم الذي تعده إهدارا للمال العام. أصوات مصرية تعرض تفاصيل النزاع بين الطرفين.
"يوم الكرامة" هو الاسم الذي أطلقه الأطباء على 12 فبراير الماضي والذي شهد اجتماعا ضخما لهم في جمعية عمومية للنقابة.
وجاءت الدعوة للجمعية في أعقاب حادث اعتداء أفراد من الشرطة على طبيبين بأحد المستشفيات العامة، ولم تركز قرارات الجمعية على تدابير حماية الأطباء في مواقع عملهم فقط ولكن تطرقت أيضا لحقوق المرضى.
ومن ضمن قرارات الجمعية "أن يقوم الأطباء بالامتناع عن تقديم أى خدمة طبية أو فحوصات أو عمليات مقابل أجر.. ويبدأ تنفيذ هذا القرار اعتبارا من يوم السبت الموافق 27 فبراير 2016، ويستمر حتى صدور قرارات أخرى من مجلس النقابة أو لحين العرض على الجمعية العمومية بتاريخ 25 مارس"، بحسب موقع النقابة.
لكن وزارة الصحة أصدرت بيانا الأسبوع الماضي تقول فيه للمواطنين إن ما يدفعونه في المستشفيات العامة "مقابل التذكرة الطبية ما هو إلا رسم تستأديه (تحصله) الدولة، ويدخل فى الموازنة العامة للدولة للصرف على باقى الأغراض، وليس مقتصرا على قطاع الصحة فحسب".
بل وحذرت الوزارة من أن "الدعوة إلى عدم أداء الرسم المقرر قانونا هي دعوة إلى عدم تطبيق القانون" بحسب نص البيان.
وتوضح منى مينا، وكيلة نقابة الأطباء، لأصوات مصرية، أن ما تقصده النقابة بالعلاج المجاني هو الالتزام بعدم تحميل المريض بأي رسوم إضافية سوى التكلفة الرمزية لتذكرة الكشف في العيادة الخارجية فقط، والتي تتراوح عادة من جنيه إلى ثلاثة جنيهات.
ولا تقتصر الخدمات التي يحصل عليها المريض مقابل تكلفة التذكرة الرمزية على الكشف فقط، ولكن ما يتبعها أيضا من إجراءات مثل التحاليل والعمليات الجراحية، كما تقول منى مينا.
وفي مقابل العلاج المجاني تقدم المستشفيات العامة علاجا بتكلفة أعلى يسمى "الاقتصادي"، والمسموح بتقديمه بعد مواعيد العمل المجانية، بعد الثانية ظهرا، أو في عيادات أخرى بالمستشفى غير عيادات العلاج المجاني، أو في خدمات ذات طبيعة اختيارية داخل أقسام الاستقبال التي يفترض أن تكون مجانية على مدار 24 ساعة.
لكن النقابة تقول إن المستشفيات تُجبر المرضى في بعض الأحيان على الحصول على العلاج المجاني بتكلفة اقتصادية.
ووفقا لمنى مينا، فإن "تعليمات تقديم الخدمة (بالمستشفيات) رقم 48 و42 لسنة 1998 جعلت العلاج الاقتصادي اختياريا .. لكن (عمليا) تحدث حالات إجبار للمواطنين على دفع تكاليف علاج اقتصادي في أوقات العمل المجاني، أو دفع رسوم للتحاليل والفحوص المجانية".
وتضيف منى مينا "يستطيع المستشفى أن يمتنع مثلا عن إصدار التذاكر المجانية مما يضطر المواطن لدفع التكلفة الاقتصادية".
ويقول إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء، لأصوات مصرية إن مخالفات المستشفيات العامة كانت تتنامى تدريجيا على مدار السنوات الماضية حتى أصبحت هي القاعدة و"المجاني هو الاستثناء".
وبمقارنة تصريحات النقابة بتصريحات وزارة الصحة يتضح أن الطرفين لا يختلفان على وجود تشريعات حاكمة للعلاج في المستشفيات والتي تمنح المواطن الحق في العلاج بأجر رمزي.
لكن النقابة تقر بوجود مخالفة لهذه التشريعات وتعارض تلك المخالفات، بينما تقول الوزارة إنه لم يتم رصد "أي مخالفات في المستشفيات"، بحسب تعبيرها في بيان لها الاسبوع الماضي.
وتعلق منى مينا على ذلك بقولها إن بيانات وزارة الصحة تحتاج "للتدقيق".
ولم يستجب المتحدث باسم الوزارة لطلب أصوات مصرية بالتعليق على انتقادات النقابة لأداء المستشفيات، حيث حاول المحرر الاتصال به اكثر من مرة كما أرسل له عدة رسائل لكن لم يتلق ردا.
ويقر علاء غنام، مسؤول الملف الصحي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بأن العديد من المستشفيات العامة تجبر المواطنين على دفع التكلفة الاقتصادية للعلاج المجاني.
وأرجع ذلك لحاجة المستشفيات إلى التمويل في ظل عدم ملائمة ما تنفقه الحكومة عليها لاحتياجاتها الفعلية.
ويضيف غنام أن "الأصل في العلاج في المستشفيات العامة هو المجانية منذ الستينات حتى بدأ تقنين العلاج الاقتصادي في التسعينات".
ويرى غنام أن العلاج المجاني بالمستشفيات العامة ليس حلا مستداما لتوفير الخدمة للمواطنين، "من الأجدى الضغط لتطبيق نظام تأمين صحي جديد يشمل كل المواطنين وتتوفر له مصادر مستدامة لتمويل العلاج المجاني لغير القادرين".