أحدث الأخبار
ينظر "أحمد طلال" إلى "شغل البيت" باعتباره مسؤولية مشتركة بين الزوج والزوجة، بخلاف كثير من الأزواج المصريين الذين لا يشاركون زوجاتهم في أعمال المنزل بحسب دراسة حديثة لمؤسسة المرأة الجديدة.
وقدرت الدراسة التي أجرتها الخبيرة الاقتصادية سلوى العنتري عام 2015، متوسط عدد ساعات العمل المنزلي الأسبوعية للنساء في مصر 30.25 ساعة، مقابل 4.19 ساعة للرجال في الأسبوع.
وقال أحمد طلال، مترجم واخصائي تربوي، لأصوات مصرية، "شغل البيت مش وظيفة الست لوحدها والرجالة اللي بيقولوا إنه عيب يقوم بيه الراجل مكسلين أو مش عاوزين يشاركوا في المسؤولية".
وأضاف "مش من العدل إن الست تبقى تعبانة في الطبخ وتنضيف البيت بعد ما ترجع من شغلها، وجوزها قاعد على القهوة مع أصحابه، وبشوف إن ده فيه امتهان لكرامة الست".
تقسيم المهام اليومية
وأشار أحمد طلال إلى اتفاقه مع زوجته في بداية زواجهما قبل عام ونصف على تقاسم أعمال المنزل، قائلا "أنا عليا المواعين وهي عليها الغسيل وبنشترك إحنا الاتنين في التنضيف والطبخ".
وأضاف "بنبقى مبسوطين وإحنا واقفين نطبخ سوا، وهو ده أساس الجواز، وكتير من العلاقات بتنتهي بالطلاق لأن مفيهاش تفاهم ومشاركة، ولما قررت أتجوز من سنتين كنت عاوز أعمل علاقة ناجحة".
وأشار أحمد إلى أنه شارك في كثير من المعسكرات خلال مرحلة الجامعة اعتاد خلالها على القيام بالتنظيف والطبخ لذلك لم تكن مهام العمل المنزلي جديدة بالنسبة له بعد زواجه.
وقال "مكنتش بعمل حاجات كتير في بيتنا قبل ما اتجوز، كنت ممكن أنضف أوضتي أو أعمل الأكل لنفسي لو رجعت ملقتش حد، بس دلوقتي فيه تغيير ثقافي بيحصل في العالم كله، ولو عاوزين نطور مجتمعنا ونعمل علاقات ناجحة لازم نبدأ من بيوتنا".
وأضاف "الست وهي بتعمل شغل البيت بتبذل مجهود وبتدي من وقتها عشان تخدم أشخاص تانيين والراجل لما بيشارك في شغل البيت هو كده مش بيساعدها لكن بيقوم بدوره في الحياة المشتركة".
تمييز عالمي
وقالت فكتوريا تيماير زوجة أحمد وهي ألمانية الجنسية وتستقر في مصر منذ خمس سنوات، إنها حين كانت تذهب إلى منزل أحمد قبل الزواج كانت تجد أن والدته هي التي تقوم بعمل المنزل بأكمله، وناقشته في هذا الأمر.
وأضافت "من صغري اتعودت في بيتنا أن كل فرد له دور في شغل البيت واتفقت مع أحمد أننا هنعمل كل حاجة سوا لما نتجوز".
وأشارت فكتوريا إلى أن إلقاء عبء العمل المنزلي على الزوجة بمفردها لا يحدث في مصر فقط وإنما في "أغلب البيوت في العالم".
وأرجعت ذلك إلى "التمييز ضد المرأة"، قائلة "التمييز ده مش بيحصل بسبب القوانين والدستور ولكن ده تمييز بيحصل ضدها كل يوم في الحياة".
وأضافت "القانون مثلا مبيمعنش أن الست تمارس العمل السياسي لكن لما ترجع من شغلها وتتحمل لوحدها كل شغل البيت مش هيكون عندها وقت تعمل حاجة تانية".
يحدث في أغلب البيوت
على عكس تجربة أحمد وفيكتوريا، نجد هالة ماجد، وهي ربة منزل، تقول إنها لم تناقش فكرة تقسيم عمل المنزل مع زوجها حتى بعد إنجاب طفلين، وإن هذا ما يحدث في أغلب البيوت.
وبررت ذلك بقولها "ده اللي اتعودنا عليه في بيوتنا من قبل ما نتجوز أن رعاية البيت والأطفال مسؤولية الأم والراجل ممكن يساعد أحيانا لو هي تعبانة رفقا بيها".
وأشارت إلى أنها توقفت عن العمل بعد إنجاب طفليها، قائلة "لو الست بتشتغل بيبقى الوضع أصعب ولو في يوم مثلا معملتش أكل ممكن يقولها ما أنتي عشان بتشتغلي ومش فاضية للبيت".
وتختلف ندى "اسم مستعار" صحفية وأم لخمسة أطفال، مع هالة في الرأي فهي لا ترى أن عمل المنزل هو وظيفة المرأة بمفردها، قائلة "الجواز مشاركة في كل حاجة والرسول نفسه كان بيساعد زوجاته في شغل البيت".
وأرجعت مشاركة الزوج من عدمه في عمل المنزل إلى التربية، قائلة "لو الزوج اتربي من صغره على المشاركة في شغل البيت هيشارك زوجته والعكس صحيح".
وأضافت "أنا وجوزي متفقناش أول ما اتجوزنا أنه هيشارك في شغل البيت لكن حصل الأمر بشكل طبيعي لأنه شايف أن مش طبيعي أبقى بعمل لوحدي شغل البيت وهو قاعد هارون الرشيدي".
وتابعت "الست حتى لو مش بتشتغل أو بتشارك في مصروف البيت مفروض الزوج يشاركها في مسؤولية البيت وتربية الولاد والمذاكرة ليهم".
قهر ذكوري
وأرجعت سلوى العنتري الخبيرة الاقتصادية تحميل المرأة مسؤولية العمل المنزلي بمفردها في أغلب الحالات التي شملتها الدراسة إلى "القهر الذكوري" عبر مؤسسة الزواج.
ووصفت ما يشاع عن عزوف النساء عن العمل وتفضيلهن البقاء في المنزل وأداء العمل المنزلي غير المدفوع الأجر بـ"الأكذوبة".
وطالبت خلال دراستها بضرورة اعتراف الأجهزة الإحصائية الرسمية بالعمل المنزلي غير المدفوع للنساء، ودعت الحركة النسوية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب لتوعية المجتمع بأهمية هذا الدور في رفاهية المجتمع والمساهمة الحقيقية للنساء في النشاط الاقتصادي.
وقالت المحامية انتصار السعيد، مديرة مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، إن فكرة المسؤولية المشتركة لأعمال المنزل غير معتادة في مصر نتيجة التربية والعادات والتقاليد التي ترى أن المنزل مسؤولية الست، وبسبب النظرة الدونية لبعض الرجال لأعمال المنزل.
وأضافت:"تحمل المرأة كافة أعباء المنزل وتربية الأطفال بمفردها يؤثر على صحتها وعلى مشاركتها في المجال العام".