بالفيديو - صناعة الآلات الموسيقية الشرقية في شارع "محمد علي" تواجه خطر الاندثار

الخميس 07-11-2013 PM 09:59
 بالفيديو - صناعة الآلات الموسيقية الشرقية في شارع

في شارع محمد علي... صناعة الآلات الموسيقية الشرقية تواجه خطر الاندثار. 7 نوفمبر 2013، تصوير: أحمد حامد - أصوات مصرية

كتب

كتب - هدير الحضري وأحمد حامد

"شارع محمّد علي كان معروفاً بشارع الفنانين، ولم تكن قد اقتحمته بعد محلات الأثاث والعطارة".. هكذا يتذكّر محمّد ماركو صاحب محل لبيع الآلات الموسيقية ما كان عليه الشارع المتفرع من ميدان العتبة في القاهرة.

يقول ماركو إن الشارع كان به منذ 30 عاماً قهوة يطلق عليها اسم قهوة التجارة،  وكان يجلس عليها الملحنون والمغنون حتى بدأت تلك المحلات تزحف عليه من شارع المناصرة الجانبي، لتختفي محلات وورش الآلات الموسيقية تدريجياً.

على زائر محمد علي أن يمشي طويلاً ليعثر على إحدى ورش صناعة العود التي لا يتعدى عددها الثلاث، وبضعة محلات متجاورة لبيع الأدوات الموسيقية التي تشغل حيزاً محدوداً من الشارع.

يتابع ماركو أن آلات الموسيقى القديمة لا تزال موجودة ولكن أصبح لكل آلة مكان متخصص في صناعتها بعد أن كانت أغلب الورش الخاصة بها موجودة في محمد علي، مضيفاً أن مدينة الأسكندرية مثلاً تختص بصناعة الطبول والمناطق الريفية بصناعة المزامير فيما تختص محافظات الصعيد بصناعة الدفوف.

ويعلق "مصر أفضل البلاد التي تصنع (القانون)، وكان بها شخصان مشهوران في العالم كله أحدهما يدعى جابي وكانت ورشته في شارع رمسيس لكنه توفي عام 1980، والآخر يدعى رجاء شرف في منطقة حلمية الزيتون وتوفي العام الماضي بعد أن علّم أشخاصا قليلين مهنته".

ويستنكر ماركو ما وصفه بـ"الفن المستهلك" الذي يشهده البلد الآن والذي يستهدف الضحك دون أن يحاول تقديم فكرة، معربا عن اعتقاده بأن "الثورة الأخيرة لم يعقبها فن حقيقي لأنها قادت مصر نحو الأسوأ ووضعت المصريين تحت ضغط الظروف اليومية".

ويعلق "الورش الآن انقرضت لدرجة أننا أصبحنا نطلق على آلات الموسيقى أنتيكات".

لكن الصورة ليست قاتمة كلياً فلم تزل الأغاني القديمة تستهوي الشباب مثل رنا  الجميعي، وهي طالبة عمرها 22 سنة، تحب الاستماع إلى أغنيات أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد فوزي ونجاة الصغيرة وفريد الأطرش، وتفضل من الملحنين القدامى القصبجي، الذي لقبه النقاد بزعيم التجديد في الموسيقى المصرية، وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وسيد مكاوي.

وترى  "الجميعي" أن المدارس بحاجة إلى الاهتمام بتعليم مادة الموسيقى من جديد، وتوعية الطلاب بقيمتها  ليخرج منهم من يؤثر في وطنه كما فعل سيد درويش الذي استطاع أن يحوز لقب فنان الشعب في حياته القصيرة التي لم تتجاوز 31 عاماً.

أمّا إبراهيم المصري، صاحب ورشة تصنيع آلات العود، فيقول إن القاهرة الآن تضم ثلاث ورش رسمية لصناعة العود، فيما تعمل البقية لحساب بعض المراكز التي تقوم بتدريب الراغبين في تعلم العزف.

وينتقد الأسطى إبراهيم التعليم المصري لأنه "لا يدرك قيمة الموسيقى وبالتالي لا يهتم بتدريسها، وهو ما ساعد على اختفاء الآلات الموسيقية بشكل كبير"، مطالباً بتدريس النغمات العربية الأصيلة في المدارس خاصة أن بعض عازفي العود الوافدين على مصر يحاولون الآن إدخال النغمات الغربية إلى الموسيقى الشرقية وهو ما يضر بالثقافة الوطنية، على حد وصفه.

ويقول إن أسعار آلات العود التي يبيعها تترواح ما بين 100 جنيه و3000 آلاف جنيه وفقاً لنوع الخشب، ما يعني أن أي فرد يستطيع شراء عود وفقاً لإمكانياته.

ويقول عبد الهادي أحمد، مهندس عمره 55 سنة، إن المصريين كانوا يهتمون بالفن كثيراً في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، حيث كانوا يتجمعون في الليلة التي توافق الخميس الأول من كل شهر وينتظرون صوت أم كلثوم ليخرج من الراديو ويستمتعون به.

ويعلق "كان لدينا شغف لنتعرف على القصيدة التي ستغنيها أم كلثوم لأول مرة، وعلى اللحن المكتوب من أجلها".

ويطالب عادل عبد المجيد صانع آلات إيقاع شرقي وصاحب احد المحال بشارع محمد علي الدولة بدعم الخامات التي يعمل بها، خصوصا "في ظل الأزمة التي يعيشها، بعد الثورة، سوق السياحة التي كنا نعتمد عليها كثيرا في بيع الآلات الموسيفية الشرقية".

ويقول "سوق صناعة الآلات الموسيقية تعرض للكثير من الهزات التي جعلته يتدهور حيث كان بالشارع قرابة 32 محلا وورشة وأصبح لا يزيد عدد المحال على 6 محلات وورشتين للوتريات وورشة للآلات الإيقاعية".

ويرى عبد المجيد إن صناعة الآلات الموسيقية مازالت متميزة للغاية رغم دخول العديد من الدول في المنافسة وحضور اشخاص يريدون نقل الصناعة للخارج في اليابان وألمانيا، محذرا من أن يأتي الوقت الذي تجد الفرق الموسيقية الشرقية نفسها مضطرة لشراء آلاتها من المانيا او إليابان.

ويقول "في ظل الأزمة أصبحت الورش معرضة للبيع وأغلب الشباب يهربون من تعلم الصنعة لقلة العائد الذي يأتي من صناعة الآلات الموسيقية"، لدرجة أنه فشل في إقناع إبنه بتعلم صناعة آلات الإيقاع الشرقي، لأنها أصبحت صناعة غير مشجعة للعمل بها بسبب قلة العائد".

وقال "نحتاج إلي تدخل سريع لإنقاذ الصناعة اولا بإنعاش سوق السياحة بأسرع وقت ممكن وفتح أسواق ومعارض في الخارج لبيع المنتجات واستغلال المناسبات مثل مهرجان الموسيقى العربية الذي يقام حاليا بدار الأوبرا المصرية بالقاهرة لعمل سوق للآلات الموسيقية الشرقية على هامش المهرجان وكذلك دعم الحكومة للصناعة ولتاريخ الفن الذي أختفي الكثير من معالمه بإنهيار ابرز شوارع صناعة الفن في مصر مثل شارع محمد علي وشارع عماد الدين وشارع الهرم".

 

تعليقات الفيسبوك