أحدث الأخبار
يقطرون عرقا وهم سائرون في طريقهم اليومي للحصول على لقمة العيش، واقفون في العراء يواجهون سقوط أشعة الشمس الحارقة فوق رؤوسهم التي لا تحميها المظلات الشمسية، وأجسادهم التي لا مكان لها داخل الغرف المكيفة.
كثيرون من أصحاب مهن متواضعة لا يعنيهم بيانات هيئة الأرصاد الجوية أو درجات حرارة اليوم الذي يتركون فيه منازلهم فجرا ليعودوا إليه مساءً، فارتفاع درجات الحرارة مهما بلغ مداه لا يمنعهم من القيام بأعمالهم للحصول على قوت يومهم.
وتشهد البلاد ارتفاعا في درجات الحرارة شكلت على أثره وزارة الصحة غرفة أزمات لمتابعة الحالة الصحية للمواطنين والتنسيق مع المستشفيات وهيئة الإسعاف والقطاع الوقائي لاستقبال أي بلاغات لحالات مصابة بالإجهاد الحراري والتعامل الفوري معها.
وعزت هيئة الأرصاد الجوية أسباب ارتفاع درجات الحرارة في مصر إلى تأثر البلاد برياح شرقية إلى شمالية شرقية قادمة من شبه الجزيرة العربية.
"أصوات مصرية" رصدت المهن التي تفرض على أصحابها الوقوف لفترات طويلة في الشارع أو في غرف ساخنة، دون الالتفات لتحذيرات وزارة الصحة بعدم التعرض للجو الحار أو أشعة الشمس المباشرة.
خباز العيش
يقف محمود أحمد "26 عاما" أمام فرن آلي طوال 12 ساعة يوميا، ما يضاعف درجات الحرارة حوله لأضعاف الدرجة العادية.
يقول محمود إنه يتقاضى نظير عمله في مخبز العيش 45 جنيها لليوم الواحد، مضيفا "مش مكفيين حاجة في الغلا دا لكن هانعمل أية مفيش وظايف في الحكومة".
وتابع "معايا دبلوم تجارة وبشتغل خباز بقالي أكتر من 10 سنين.. بشتغل قدام نار جهنم 12 ساعة في اليوم وبيجيلي هبوط واضطر اريح شوية علشان آكل واشرب شاي وأكمل تاني".
ويعمل في مخبز عيش بلدي صغير بمنطقة عابدين 8 عمال منهم 5 يعملون في غرفة مغلقة لإنجاز مراحل العجن والتسوية أمام الأفران.
عامل النظافة
يسير عمر إبراهيم "46 عاما" مترجلا في الشوارع يدفع أمامه عربة معدنية متوسطة الحجم لجمع القمامة، ويحتمي من سخونة أشعة الشمس بقبعة مهترئة.
يقول إبراهيم إنه يعمل في شركة نظافة خاصة من الساعة 7 صباحا إلى 3 عصرا مقابل 820 جنيها في الشهر، مضيفا "بترزق من الناس اللي عايزين اشيلهم أكياس الزبالة بجنيه أو 2 جنيه من هنا وهناك.. واهو ربنا بيراضينا".
ويستطرد إبراهيم الذي كان يتصبب عرقا "بمشي شوية في الشمس وشوية اقف في الضل آخد نفسي واشرب شوية ميه من القهاوي اللي بعدي عليها... وساعات بيعملولي كوباية شاي".
ولمواجهة ارتفاع درجات الحرارة يقول عمر إبراهيم "بغسل دماغي بشوية ميه في الشارع لما بحس أن جسمي سخن من الحرارة".
عامل البناء
يجلس زياد سمير "18 عاما" على كرسي خشبي أمام أحد محلات مواد البناء، ممسكا بمقص معدني يفصل به "شكاير" الرمل في انتظار اعتلاء سيارة نقل مواد البناء التي تتخذ طريقها إلى موقع العمل.
يقول سمير –من محافظة المنيا ويعمل في القاهرة- "بشتغل 12 ساعة يوميا من 8 الصبح لغاية 8 بالليل.. بأخد 75 جنيها في اليوم... رضا الحمد لله الدنيا كلها تعب".
يضيف أن طبيعة عمله مرتبطة بالشارع لأنه يرفع الرمال والطوب والزلط والأسمنت لتوصيل مواد البناء إلى الطوابق العليا بالعمارات السكنية، قائلا "الشغل في الصيف صعب أوي لكن أكل العيش عايز كدة".
وتابع "ربنا بيراضينا برضه من أصحاب الشقق والعمارات اللي بنرفع لهم الشغل"، مؤكدا أنه اعتاد العمل في ظل تقلبات الطقس سواء الحرارة المرتفعة أو البرد القارس.
ويقول سمير "أنا متغرب ورا لقمة العيش علشان البناء والمعمار أكتر في القاهرة عن المنيا وباقي المحافظات... واهو ربنا يطريها علينا".
جامع الكرتون
يحمل خلف ظهره "شيكارة" كبيرة لا يتناسب حجمها مع قصر قامته، يسير في الشوارع لجمع "علب الكرتون" من صناديق القمامة والمحلات خلال فترة الصباح وحتى العصر.
يقول فادي "13 عاما" إنه يساعد والده في مهنة جمع الكرتون من الشارع خلال فترة الإجازة، تمهيدا لفرزه وتوريده إلى المصانع لإعادة تدويره مرة أخرى.
ويضيف فادي -الذي يدرس في المرحلة الإعدادية- "بجمع الكرتون من منطقة عابدين.. ساعات مابقدرش اشتغل في الحر بس أديني بحاول وبشرب مياه كتير أكتر من الأكل".
بائعة الصحف
تجلس على كرسي وتمدد قدميها على كرسي آخر، تنتظر زبونا ذا نوعية خاصة يهوى القراءة ومتابعة الصحف اليومية لمساعدة زوجها الذي يعمل معها في نفس المهنة.
وتقول السيدة الأربعينية أم محمد "بساعد جوزي واقعد على فرشة الجرايد لغاية ما يوزع المجلات والجرايد على سكان العمارات والمحلات ويرجع تاني".
وتضيف "جوزي بيخرج من البيت بعد صلاة الفجر علشان يستلم الجرايد من المندوبين... وأنا بنزل من الساعة 8 الصبح لغاية 2 الضهر"، موكدة أنها تعمل طوال الأسبوع حتى يوم الجمعة الذي تعتبره من أفضل أيام بيع الصحف خلال الأسبوع.
وتابعت أم محمد "عندي الضغط وجلطة في رجلي ومش بقدر على الشغل في الجو الحر دا.. لكن لازم انزل اشتغل رغم أن تجارة بيع الجرايد في النازل".