أحدث الأخبار
"دي شغلانة ستات".. "دي كلية بنات" .."دي كلية لتعليم الطبيخ" هذه العبارات يعتبرها بعض الرجال إهانة، وتقليلاً من شأنهم، فلا تزال الموروثات الثقافية والنظرة النمطية عن المرأة والرجل تحصرهم في أدوار بعينها.
ولم يسلم الطالب "رامز ناجي" من سخرية أصدقائه بعد التحاقه بكلية الاقتصاد المنزلي، بسبب فرق ضئيل في مجموع الثانوية العامة منعه من الالتحاق بكلية أحلامه وجعله ينضم "مجبرا" إلى كلية الاقتصاد المنزلي، ليصبح واحدا ضمن 5 ذكور فقط في دفعة تضم 33 فتاة.
وقال ناجي، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الاقتصاد المنزلي جامعة حلوان، لأصوات مصرية، "كان نفسي أدخل كلية فنون تطبيقية بس فرقت معايا على نص درجة ودخلت اقتصاد منزلي".
*كلية بنات
يبرر ناجي، الطالب بقسم الملابس والنسيج، نفوره في البداية من الانضمام للكلية قائلا، "في ناس كتير بتقول على كليتنا كلية البنات وفاكرين أننا بنتعلم فيها الطبيخ وبس رغم أن الكلية فيها أقسام تانية".
تلك الصورة النمطية أزعجت ناجي وزملاءه، ودفعهم للمطالبة بتغيير اسم الكلية خوفا من نظرة المجتمع لهم.
وكان اسم الكلية في بداية إنشائها عام 1939 "المعهد العالي للتدبير المنزلي للبنات"، وفي عام 1975 ضُمت إلى جامعة حلوان باسم "كلية الاقتصاد المنزلي".
وقادت ظروف مشابهة الطالب براء علام، إلى الالتحاق بكلية الاقتصاد المنزلي، ويقول "مكنتش مبسوط في الأول لكن لما دخلت الكلية حبيتها وحبيت مجال دراستي ونفسي أبقى مصمم أزياء مشهور".
وعن إحساسه وزملائه من الذكور وهم "أقلية" مقارنة بعدد الفتيات، "الموضوع ده مش بيضايقنا وكلنا إخوات وبنتعاون مع بعض".
*أقسام الكلية
وتضم كلية الاقتصاد المنزلي خمسة أقسام هي الاقتصاد المنزلي والتربية، وإدارة المنزل والمؤسسات، والملابس والنسيج، والتغذية وعلوم الأطعمة، وتصنيع الجلود.
وطالب عدد من الأساتذة بالكلية بفصل الأقسام إلى عدة كليات، مشيرين إلى أن اسم "كلية الاقتصاد المنزلي" هو السبب الأساسي في عزوف الطلاب الذكور عن الانضمام إليها.
وقال الدكتور حازم عبد الفتاح، أستاذ الملابس والنسيج بالكلية، لأصوات مصرية، "مابقاش فيه كلية على مستوى العالم اسمها "اقتصاد منزلي" أو بتجمع بين تخصصات ملهاش دعوة ببعض زي التغذية وتصميم الملابس".
وتابع "مش فاهمين إيه سر التعنت وعدم تغيير اسم الكلية أو فصل أقسامها لكليات مختلفة وكل تخصص يأخد حقه في الدراسة عشان نطلع شباب مؤهل للانضمام لسوق العمل".
وأوضح عبد الفتاح أن "اسم الكلية بيخلي أي طالب يحجم عن الانضمام لها، حتى البنات بتتكسف من اسمها".
*مطالب بتغيير الاسم
واتفقت الدكتورة نعمة يوسف، معيدة بالكلية، مع الرأي المطالب بفصل أقسام الكلية قائلة، "كل قسم فيه أكتر من تخصص وقسم الملابس مثلا الطلاب بيدرسوا فيه النسيج وتصميم الأزياء والتصنيع وكل تخصص محتاج لتعمق في الدراسة".
وأشارت إلى أن مسمى "اقتصاد منزلي" ليس شاملا وجامعا لكل التخصصات الموجودة بالكلية ويرتبط في أذهان الناس بمادة التدبير المنزلي التي كانت تدرس للطالبات في المدارس، قائلة "عشان كده الولاد بيهربوا من دخول الكلية وفاكرين إنهم هيدرسوا الطبخ وبس".
وقال الدكتور يسري معوض، الأستاذ بقسم ملابس ونسيج، إن الفصل سيجذب الطلاب الذكور للانضمام للكلية لأن "اسمها لا يعادل مخرجاتها حاليا"، مشيرا إلى أن نسبة الذكور بالكلية تتراوح من 40 إلى 50% في الوقت الحالي وكانت النسبة لا تجاوز 30% في السنوات السابقة.
وأضاف أن الكلية لا تحظى بدعاية جيدة، لذلك لا يجد كثير من الخريجين فرصة عمل ملائمة.
وأشار معوض إلى أن أقسام الكلية المتنوعة من شأنها أن تساعد الدولة في النهوض بمجال الصناعات الصغيرة.
*شغلانة ستات
من جانبها قالت المحامية انتصار السعيد، مديرة مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان، "لابد من تغيير الموروثات الثقافية والنظرة النمطية عن المرأة والرجل، وأن يكون دخول الطلاب لسوق العمل قائما على المساواة دون تفرقة بين ولد وبنت".
وأضافت أنه في الوقت الذي ترتبط فيه كلية الاقتصاد المنزلي بالفتيات يحظر عليهن العمل في بعض التخصصات التابعة لكلية الهندسة مثل هندسة البترول والتعدين والميكانيكا، قائلة "لو دخلت الفتاة الأقسام دي مش هتلاقي شغل لما تتخرج لأن المجتمع قرر أن الشغلانة دي للرجال فقط"، معربة عن رفضها لتحديد وظائف للرجال وأخرى للنساء.
وأوضحت انتصار أن المرأة لا تزال تعاني من النظرة النمطية ومن حصرها في أدوار معينة، ولا يزال هناك تصنيف للمهن بين "شغلانة للستات" و"شغلانة رجالة".
*عمل المنزل مسؤولية المرأة
وقالت الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن الواقع أثبت أن كثيرا من الطهاة ومصممين الأزياء الناجحين من الرجال.
وأضافت هدى أنه رغم إقبال رجال على هذه المهن لارتفاع أجورها، إلا أن الرجل لا يقوم في منزله بهذا الدور، قائلة "الطباخ المشهور مبيعملش في بيته كوباية شاي لنفسه وبيخلي مراته تعملها".
وأضافت أن المرأة يتم حصرها في مجال العمل الخدمي وأنه من غير الانصاف أن يتم ربط العمل المنزلي بالمرأة فقط، مشيرة إلى ضرورة تقاسم الأعمال المنزلية بين الرجل والمرأة.
وقالت دراسة أجرتها الخبيرة الاقتصادية سلوى العنتري عام 2015، إن أغلب الرجال لا يشاركون زوجاتهم في الأعمال المنزلية.
وقدرت الدراسة متوسط عدد ساعات العمل المنزلي الأسبوعية للنساء في مصر بحوالي 30.25 ساعة، مقابل حوالي 4.19 ساعة للرجال في الأسبوع.