أحدث الأخبار
جددت واقعة الاعتداء على "سعاد" المسيحية السبعينية في المنيا جرح الاحتقان الطائفي بمصر، وهددت بإثارة أزمة جديدة ضمن سلسلة الأزمات التي تعاني منها البلاد وسط انتقادات من نشطاء لما وصفوه بعدم تطبيق القانون في مثل هذه الحالات.
السيدة التي تبلغ من العمر سبعين عاما قالت أمام النيابة، مساء الأربعاء أثناء تقديم بلاغ بالواقعة، إن 3 رجال من قريتها قاموا بهتك عرضها وتعريتها وسحلها أمام منزلها بالقرية.
وشهد مركز أبو قرقاص قبل ستة أيام أحداث عنف، حيث اعتدى نحو 300 شخص على 7 منازل لمسيحيين وقاموا بحرقها بسبب ما قالت مطرانية المنيا إنه "شائعة علاقة بين مسيحي ومسلمة".
وقالت المطرانية، في بيان لها اليوم، إن "نحو 300 شخص تعدوا بالأسلحة على 7 منازل لأقباط، وقاموا بسلبها وتحطيم محتوياتها وإضرام النار في بعضها، عقب تلقي والد ووالدة الشاب تهديدات عقب انتشار شائعة العلاقة العاطفية"، مضيفة أن المعتدين قاموا بتجريد سيدة مسيحية مسنّة من ثيابها مشهّرين بها أمام حشد كبير بالشارع.
وروت السيدة المسنّة في أقوالها أمام النيابة عن تفاصيل الواقعة، قائلة "بهدلوني.. حرقوا البيت ودخلوا جابوني من جوه، ورموني قدام البيت ومزّعوا هدومي زي ما ولدتني أمي وأنا بصرخ وأبكي، وبعدين ربنا خلصني من إيدهم".
وأضافت باكية "ناس جيراني خدوني جوه بيتهم أخدت جلبية قديمة ولبستها"، وأشارت إلى أنها تعاني من الإعياء الشديد والوهن منذ يوم الواقعة جراء الضرب والسحل والإهانة التي تعرضت لها.
* رد فعل الكنيسة
وقال البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في بيان له اليوم، إنه "يتابع عن كثب ما جرى للسيدة القبطية في حادث المنيا، ويطمئن على حالتها الصحية والنفسية، كما يتابع أحوال المتضررين في الأحداث والخسائر التي لحقت بهم".
وطالب البابا "الجميع بضرورة ضبط النفس والتزام التعقل والحكمة للمحافظة على السلام الاجتماعي والعيش المشترك، وغلق الطريق على من يحاولون المتاجرة بالحدث لإشعال الفتنة الطائفية"، مضيفا أن القيادات الأمنية والسياسية وعدوا بتتبع الجناة وتسليمهم للعدالة.
واستقبل الأبناء مكاريوس أسقف عام المنيا لايبارشية الأقباط الأرثوذكس السيدة المسنة للاطمئنان عليها والتخفيف عنها.
كانت قوات الأمن ألقت القبض على 5 أشخاص عقب أحداث العنف في قرية الكرم، وفرضت كردونا أمنيا حول القرية.
وقال المحامي إيهاب رمزي، رئيس هيئة الدفاع عن المتضررين الأقباط، إن موكليه وجهوا الاتهام -في أقوالهم بالتحقيقات- إلى 23 متهما بينهم الخمسة المحبوسون، مضيفا أنه صدرت قرارات ضبط وإحضار بحق 18 شخصا آخرين.
وبحسب مطرانية المنيا، فإن التكلفة المبدئية للخسائر التي لحقت بالمنازل والأشخاص نتيجة أعمال العنف تقدر بنحو"350 ألف جنيه".
* ردود الفعل الرسمية
طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي الأجهزة المعنية بالدولة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لمحاسبة المتسببين في أحداث قرية الكرم بمحافظة المنيا وإحالتهم للسلطات القضائية المختصة، وقال إن "مثل هذه الوقائع المثيرة للأسف لا تُعبر بأي حال من الأحوال عن طبائع وتقاليد الشعب المصري".
فيما قال مجلس الوزراء، في بيان اليوم تعقيبا على الحادث، إن الأجهزة الأمنية قامت فور حدوث الواقعة بالتحرك وضبط عدد من الجناة بينهم المتهم الرئيسي في الواقعة التي وصفها بـ"المشينة"، وإن النيابة بدأت التحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالهم، مشيرا إلى أن "أجهزة الأمن تواصل جهودها لضبط باقي الجناة لينالوا العقاب الرادع".
وشدد المجلس على إلتزام الدولة بتطبيق أحكام القانون وحماية أرواح وممتلكات كافة المواطنين.
وعقد محافظ المنيا اللواء طارق نصر لقاء مع أسقف المنيا وعدد من كبار العائلات بالقرية على خلفية الأحداث، وأكد على عدم قبول أي تجاوزات أو سلوكيات غير مسؤولة "تقع من بعض المسلمين ضد أشقائهم المسيحيين"، مشددا على أن الدولة لن تقبل بحدوث مثل هذه التجاوزات، وستتم محاسبة أي متسبب أو مقصر أو مخالف للقانون.
وطالب المحافظ جميع الحاضرين بضرورة إحتواء الأزمة وتهيئة الأجواء لإزالة أي خلاف بين المسلمين والمسيحيين بالقرية لعدم الإضرار بالنسيج الوطني.
* إدانات ومطالبات باستجواب
وأدان الأزهر في بيان على صفحته على فيسبوك ما وقع من أحداث، وقال إن "أبناء مصر نسيج واحد لا يجب أن تؤثر فيه أفعال آحاد الناس ممن لا يحكمون عقولهم عند نشوب خلافات قد تحدث بين أفراد الأسرة الواحدة."
وعبر الأزهر عن ثقته بأن السلطات ستقوم بواجبها كاملا مشددا على "ضرورة الالتزام بوحدة الصف وإعمال القانون وتفويت الفرصة على أولئك المتربصين بأمن وطننا واستقراره."
وقالت النائبة مارجريت عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إن اللجنة انعقدت بشكل طارئ، وتم تشكيل وفد لمقابلة وزير الداخلية بشكل عاجل لمحاسبة المقصرين في هذه الواقعة.
وعلقت عازر على الواقعة قائلة "لا يجب أن نصمت عن تلك الفعلة المشينة، فمهما كان الخطأ لا يستدعي ذلك العقاب، فهتك عرض تلك السيدة هو هتك عرض مصر، وإذا تم السكوت على الأمر، مصر ستدخل نفقا مظلما من الأخلاقيات المنحدرة".
وشددت على أن "أي سيدة مصرية لن تقبل أن يحدث لها ما حدث من فعل مشين كهذا".
وقال النائب شريف نادي، نائب دائرة بندر ملوي وعضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، إنه أودع طلبا لاستجواب لوزير الداخلية بمجلس النواب حول ما شهدته قرية الكرم بالمنيا، مشيرا إلى أن عددا من نواب لجنة حقوق الإنسان طلبوا التضامن معه في استجوابه للوزير.
وأضاف "هناك لقاء مرتقب سيعقد بين وفد من النواب ووزير الداخلية لمواجهة الوزير بحقائق القصور في المنظومة الأمنية للمنيا في الوقت الحالي، بعد معرفة أن المجني عليهم حرروا محضرا شرطيا في اليوم السابق للأحداث، يثبتون فيه تلقيهم تهديدات، ومع ذلك غاب الأمن في يوم الأحداث".
وأدان المجلس القومي للمرأة الواقعة، مطالبا بإنزال "العقاب الرادع على المذنبين والمتسببين في ذلك دون تردد وإنفاذ أحكام القانون لضمان عدم تكرار مثل هذا الحادث".
واستنكر المجلس القومي لحقوق الإنسان الواقعة أيضا وطالب بالتحقيق العاجل فيها، كما قرر إرسال بعثة تقصي حقائق لمحافظة المنيا للوقوف على حقيقة الأحداث وإعداد تقرير لاتخاذ الإجراءات اللازمة.