أحدث الأخبار
رغم شهرتها بعروس الصعيد، إلا أن محافظة المنيا نادرا ما ترتدي ثوب البهجة بسبب مرورها بتاريخ طويل من الاحتقانات والتوترات الدينية.
فالمحافظة التي تمتد على طول نهر النيل تشهد أعلى معدل في الحوادث الطائفية على مستوى الجمهورية، حيث استحوذت المنيا على 33.3% من إجمالي عدد الجلسات العرفية للحوادث الطائفية من يناير 2011 وحتى ديسمبر 2015، بحسب تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وشهدت قرية الكرم بالمنيا، يوم الجمعة الماضي، واقعة عنف طائفي أسفرت عن حرق عدة منازل وتجريد سيدة مسنة من ملابسها قِيل إن نجلها ارتبط بعلاقة عاطفية مع فتاة مسلمة، لكن مسيحيي القرية ينفون هذه الرواية.
وتقول دراسة للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن 29% من أحداث العنف الطائفي في مصر -خلال الخمس سنوات الماضية- ناجمة عن علاقات بين رجال وسيدات مختلفي الديانة "رغم أن أغلبية منها كانت رضائية بموافقة الطرفين".
ويقول مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة، إسحق إبراهيم، إن نمط الاعتداء الجنسي على النساء في الحوادث الطائفية ليس جديدا على المجتمع المصري، مدللا على ذلك بتكراره في أحداث مشابهة شهدتها قرية البدرمان في المنيا.
ويضيف إبراهيم، في مقابلة مع أصوات مصرية، أن الخوف من التشهير والتجريس داخل القرى الريفية يمنع معظم النساء اللاتي تعرضن لاعتداءات جنسية في الحوادث الطائفية من إبلاغ الشرطة وتحرير محاضر بتلك الوقائع.
ويوضح إبراهيم أن معظم الحوادث الطائفية غالبا ما يصاحبها عقاب جماعي للأقباط بسبب غياب تطبيق القانون على الجناة، مستشهدا بحرق عدد من منازل المسيحيين بالقرية رغم عدم وجود علاقة مباشرة بينهم والحادث.
وبحسب شاهد من أصوات مصرية، فإن عائلة السيدة المسنة بقرية الكرم -والتي تم تجريد ملابسها- رحلت عن القرية بعد حرق منزلها، وأقامت عند أقارب لها في قرية أخرى بالمنيا، لكنها لم تفصح عن مكان إقامتها الحالي.
وتعرض أقباط لوقائع عقاب جماعي في العديد من الأحداث الطائفية، بدت من خلال الاعتداء على ممتلكاتهم والتهجير من منازلهم، وكان من أبرزها تهجير أسر قبطية في رفح في سبتمبر 2012، إثر هجوم مسلحين مجهولين على ممتلكاتهم وتهديدهم بالقتل.
ويقول مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن "التركيبة السكانية لمحافظة المنيا ذات الكثافة السكانية من الأقباط ساهمت في تأجيج الاحتقانات الدينية في معظم الحوادث".
وكما تصدرت المنيا قائمة المحافظات الأكثر احتقانا طائفيا، كانت أيضا أكثر المحافظات التي تعرضت لاعتداءات وعمليات نهب وتخريب لممتلكات أقباط بالتزامن مع فض قوات الأمن لاعتصامي رابعة والنهضة في أغسطس 2013.
وعاب إسحق إبراهيم على مؤسسات الدولة عدم وجود استراتيجية لمواجهة الاحتقانات والتوترات الدينية، واستمرار تغليب القضاء العرفي وتولي الجهات الأمنية زمام الأمور عوضا عن تطبيق القانون.
سنوات طويلة من احتقان ديني وحوادث طائفية دامية شهدتها المنيا –معبودة تحوت إله الحكمة والمعرفة عند الفراعنة- تجبرها على سير في دروب وعرة تفتقر للحكمة والتعقل.