نيزاڤيسمايا جازيتا: "عام يمر على الربيع العربي .. الإسلاميون المعتدلون يحلون محل الأنظمة العلمانية"

الخميس 09-02-2012 AM 08:38
نيزاڤيسمايا جازيتا:

طفل يقف بجوار جدار عليه دعاية لحزب النور السلفي بمحافظة البحيرة. صورة عمرو دلس من رويترز.

كتب

كتب: ڤاليري ڤاسيليڤسكى (مؤرخ ومتخصص في الشئون العربية)

 بدأت منذ عام انتفاضات لم يكن يتوقعها أحد فى العالم العربي الذي بدا متجمدا؛ وبدأت بتونس – البلد الأكثر ثراء بمعايير المنطقة ذاتها – التي كانت تعد دائما جزيرة للاستقرار والتعقل، الأمر الذي رشحها يوما لأن تنتقل إليها أنشطة "هونج كونج" – المركز المالي الهام – إبان عودة الأخيرة إلي سيطرة الصين.

 وبعد تونس، تلتها مصر ثم البحرين وليبيا واليمن وسوريا، واضطرت الأنظمة الملكية في المغرب والأردن إلى إجراء إصلاحات دون أن تنتظر التمرد في الشارع، و أجبرت حتى ملكيات النفط في منطقة الخليج الفارسي على إنفاق مليارات الدولارات على برامج اجتماعية.

 سمى كل ذلك بالربيع العربي، رغم أن أحدا لم يكن ليعلم ما سيحدث لاحقا، ورغم أن الربيع حسب التقويم لم يحن أوانه إلا بعد أسابيع وشهور.

 وفي مصر قام الجيش بتولي السلطة وخلع الرئيس العجوز المريض الذي كان يخطط لتوريث الحكم، وكان في كل بلد مشاكله الخاصة وأسبابه للانتفاضة، ومساره التفاعلي للأحداث، لكن يبقى السؤال هو كيف تفجرت الأمور في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نفس الوقت تقريبا، وما وجه الشبه في السيناريوهات المتباينة للأحداث، ربما كان الركود الإجتماعي والسلطة الفاسدة وغياب أي استشراف للمستقبل لدي غالبية السكان  وراء خروج عشرات أو مئات الآلاف للشارع في نفس الوقت وفي كل مكان.

 لم نصل بعد إلى تفسير شامل لما حدث، رغم الحديث عن الدور الذي لعبته الشعوب الناهضة المتطلعة إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان، إلا أن ذلك لا يبدو مقنعا تماما وعلى الأخص ونحن بالفعل نرى ما وصل إليه الربيع العربي، والذي يسميه البعض – كتعبير عن مدى الإحباط تجاهه – بالـ "خريف" أو الـ"شتاء" العربي.

 قد يجب علينا أن نضع في الاعتبار توجه الولايات المتحدة المعتاد في الأعوام الأخيرة لتصدير الديمقراطية، وهى بالفعل تمتلك الوارد المادية والتقنية والثقافية لقيادة مثل هذه العملية، والسؤال هو ما الذي يجعل الأمريكيين ينقلبون على الأنظمة سهلة المراس ومأمونة الجانب التي ظلت لأعوام طويلة تحمي المصالح الأمريكية في هذه المنطقة الغنية بالنفط.

 في مصر، قام الجزء الأكثر تعليما من المصريين بالإطاحة بالنظام الفاسد، وواكب ذلك حياد الجيش، ثم أتى الفلاحون الأميون عبر انتخابات نزيهة بثلاثة أحزاب ذات توجه إسلامي. وهنا نتذكر كيف بين الرئيس المصري المخلوع للإدارة الأمريكية في وقت سابق أنه لا يمكن إجراء انتخابات حسب المعايير الديمقراطية، فسيكسبها "الإخوان المسلمون"، وقد فعلوا.

 لم يكن ممكنا أن يحل محل الطغاة القدامى طغاة جدد، وكذلك أصبح الإسلام المتطرف مهمشا في الشارع العربي، وكان الحل هو الإسلاميون المعتدلون المدعومون من الملكيات النفطية وبالتقنيات اللوجستية الأمريكية، الذين سيصونون مصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة، والذين سيحققون قدرا من الاستقرار الاجتماعي – ولهم باع طويل في تقديم الخدمات الاجتماعية – وفوق كل ذلك ذوو توجه سني معاد لإيران الشيعية.

رابط المقال المنشور فى "نيزاڤيسمايا جازيتا" الروسية بتاريخ 6 فبراير 2012

تعليقات الفيسبوك