أحدث الأخبار
وصلت أسعار الفائدة على الودائع البنكية بالعملة المحلية لمستويات قياسية لم تبلغها منذ فترة طويلة، لكن النقص الحاد للدولار يجعل الادخار بالنقد الأجنبي أكثر جاذبية للمواطنين من الادخار بالجنيه.
كانت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي قد أصدرت منذ تولي طارق عامر إدارة البنك ثلاثة قرارات بزيادة سعر العائد اليومي على الإيداع والإقراض، كان أخرها خلال الشهر الجاري، بنحو نقطة مئوية، لتصل الفائدة على الودائع بالجنيه إلى 11.75%، وهي الأعلى في عشر سنوات على الأقل.
لكن تلك الفائدة المرتفعة لن تُغري دينا سليمان، التي تحتفظ بمدخرات دولارية خارج القطاع المصرفي، بتحويل جزء من تلك المدخرات إلى الجنيه وإيداعها في أحد البنوك، حيث تقول "لن أستغنى عن مدخراتي الدولارية، لأنني احتاجها في شراء أدوية من الخارج لم تعد موجودة في مصر بسبب تعطل حركة استيراد الدواء".
واعتبرت نادية رمسيس، استاذة الاقتصاد بالجامعة الأمريكية والتي تحوز مدخرات دولارية، إن المستويات الحالية للفائدة وإن كانت مرتفعة، إلا أنها لا تضمن الحفاظ على القدرة الشرائية لمدخراتها بالجنيه في ظل التراجع المستمر للعملة المحلية مقابل الدولار، "لن أفكر في تحويل مدخراتي للجنيه إلا إذا وصل سعر الفائدة لنسبة 17 أو 18%".
وتعتبر أسعار الفائدة المعلنة من البنك المركزي استرشادية للقطاع المصرفي، ورفع البنك الأهلي المصري، أكبر بنك حكومي، الفائدة على الودائع عقب قرار المركزي الأخير بنسبة 0.75% بينما رفعها بنك مصر، ثاني أكبر بنك حكومي، بنسبة 1%.
ويقول محمد أبو باشا، محلل الاقتصاد الكلي بالمجموعة المالية هيرميس، "لا أعتقد أن زيادة أسعار الفائدة سيكون لها تأثير كبير على تحويل الودائع الأجنبية إلى أخرى بالعملة المحلية في ظل النقص في المعروض من العملة الصعبة".
وأضاف "غالبا ما سيسعى حائزو الدولار إلى الحفاظ عليه وعدم التفكير في بيعه طالما ظل هناك فارق سعري بين السوق الرسمية والموازية".
كان البنك المركزي خفض قيمة العملة المحلية بنحو 14% في مارس الماضي، ليصل السعر الرسمي للدولار إلى 8.78 جنيه، لكن لا تزال الفجوة كبيرة بين السعرين الرسمي والموازي، حيث تجاوز سعر الدولار 11 جنيها في السوق السوداء.
ويقول مسؤول سابق في غرفة التداول بأحد البنوك، طلب عدم نشر اسمه، إن "زيادة الفائدة كانت خطوة جيدة لكبح التضخم، لكنها لن تؤثر على قرارات المدخرين في ظل التوقع بانخفاض جديد للجنيه".
وقال البنك المركزي في مارس الماضي إنه يتبني سياسة مرنة في تحديد سعر الصرف، ويتوقع محللون ببنوك الاستثمار خفضا جديدا للجنيه في ظل اتساع الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي للدولار.
"الفائدة الحالية على المدخرات بالعملة المحلية تبلغ 12.5%، بالنسبة للشهادة الثلاثية، وهذا ربح جيد، لكن في الأغلب سينتظر البعض مزيدا من التراجع في قيمة الجنيه قبل تحويل الحيازات الدولارية إلى العملة المحلية" كما يقول أبو باشا.
ويعد القطاع العائلي هو المدخر الأكبر للودائع بالعملات الأجنبية، حيث بلغت ودائعه 196 مليار جنيه في مارس الماضي، يليه القطاع الخاص بنحو 100.5 مليار جنيه، ثم القطاع العام 17.3 مليار جنيه، وفقا لبيانات البنك المركزي، التي تظهر قيمة الودائع بالعملات الأجنبية بالجنيه.
ويقول يوسف بشاي، مدير الأعمال المصرفية ببنك بي إن بي باريبا مصر، "عادة ما تتجه غالبية المدخرات العائلية لشهادات الاستثمار أو الودائع محددة الأجل، وفائدة هذه الأوعية الادخارية لا تتغير إلا بانتهاء آجالها، لذا فأغلب المدخرات الحالية للعائلات في البنوك لن تستفيد من قرارات المركزي الأخيرة".
وبحسب أبو باشا، فإن مؤشرات البنك المركزي لا تعبر عن الصورة الكلية لحركة الادخار الدولاري في البيوت المصرية "ودائع القطاع العائلي بالعملات الأجنبية لم تشهد تغيرات كبيرة في الفترة الاخيرة لأن نسبة مهمة من القطاع العائلي تفضل الاحتفاظ بالدولار خارج البنوك حتى تضمن مرونة في سحبه وإيداعه في ظل نقص الدولارات في السوق".
وبرأي المسؤول ببنك بي إن بي باريبا، "إذا تم تقليل الفارق بين سعري الصرف الرسمي والموازي، واستمرت فائدة الودائع بالعملة المحلية مرتفعة سيصبح الادخار بالجنيه مغريا".