أحدث الأخبار
أثناء الصلح المُسلم يضع يده على المصحف والقبطي على الإنجيل
يتدخل القضاء العرفي لوأد صراع الدم في العديد من النزاعات سواء كانت جنائية أو مدنية، وشارك التحكيم العرفي إلى جانب قضاء الدولة للفصل في نزاعات طائفية حدثت في ربوع محافظات مصر المختلفة.. محافظة المنيا كانت من بين المحافظات التي شهدت نزاعات طائفية مختلفة جعلتها في الصدارة.
غالبية النزاعات الطائفية في محافظة المنيا تَدخل التحكيم العرفي لحلها وحقن الدماء بين أقباط ومسلمين وعلى الرغم من ذلك لا تزال المحافظة تلتهب من حين إلى آخر.
ويظن البعض أن القائمين على التحكيم في جلسات المصالحات العرفية هم من رجال الدين وحفظة القرآن أو من المسلمين فقط. أصوات مصرية حاورت عبر الهاتف القاضي العرفي القبطي أيمن شكري، الذى يعمل بلجنة مصالحات لفض المنازعات بمنطقة الصعيد، ليحكي كيف يتم التحكيم بشكل عام، وشروطه، ومواصفات المشاركين فيه، وبشكل خاص التحكيم في النزاعات الطائفية.
تشكيل المجلس
يقول شكري إن هيئة مجلس القضاء العرفي يتم تشكيلها من عدد فردي لا زوجي ومن الطرفين، بمعنى أن كل طرف من المتنازعين يكون له مجلس قضاء عرفي، ولذلك يتكون مجلسا التحكيم من عدد فردي حتى إذا صدر الحكم وتعادل المجلسان في التصويت على الحكم يكون هناك شخص فردي يتم اختياره من قبل الحاضرين بالمجلسين ليحسم أمر الحكم ويكون نهائيا.
ويضيف أنه عادة ينعدم التعادل وينتهى التصويت على الحكم بكافة مرجحة.
ويؤكد على أن اختيار ممثلي مجلس القضاء العرفي يكون بناء على عدة معايير منها حسن الخلق، والأمانة، وعدم العصبية، وحب الناس له، وأن لا تكون له ميول لجهات أو أحزاب أو غيرها، وأن يمتلك القدرة المالية، والاستماع إلى الآخرين، والشجاعة.
صدور الحكم
ويضيف أن مجلس القضاء العرفي قبل التحرك إلى مكان الجلسة العرفية يُبلغ قسم الشرطة التابع له مكان عقد الجلسة العرفية وعمل محضر بذلك، حتى يوفر قسم الشرطة الحماية اللازمة للحاضرين بالجلسة.
ويوضح أن "أطراف النزاع توقع على إيصالات أمانة على بياض يتم حفظها كأمانة مع شخص موثوق به ومعروف بين الناس بحسن خُلقه لحين الفصل في الحكم".
ويقول إنه بعد نجاح عملية الصلح بين الأطراف المتنازعة وفض جلسة الحكم العرفي وحقن الدماء يوقع طرفا النزاع أيضاً على تعهدات يشهد عليها الحضور "بعدم تعرض أي طرف للآخر وإلا سيكون مخالفا للعهد" وحينها يطبق عليه المجلس العرفي الشروط التي وضعها في التعهد الموقع عليه من الطرفين.
ويضيف أن الشروط التي يتم كتابتها في التعهد بين الطرفين تختلف من حالة نزاع إلى أخرى، فمن الممكن أن تكون مالية وأحياناً تصل إلى التهجير من مكان إلى مكان آخر، حقناً للدماء.
نزاعات طائفية
يقول شكري إن داخل مجالس القضاء العرفي يوجد ما يسمي ببيت العائلة، مهمته قبل عقد جلسة التحكيم الذهاب إلى منازل أطراف النزاع والتعامل معهم كبيت عائلة لمحاولة إقناعهم بالصلح وتمهيد الطرفين للموافقة على قبول التراضي عن طريق القضاء العرفي، لأن لجوءهم للقضاء العادي يزيد العداوة بسبب القبض على أطراف النزاع وإيداعهم الحجز على سبيل المثال.
ويضيف أن ما يسمى ببيت العائلة داخل القضاء العرفي يتكون من أقباط ومسلمين من المعروفين لدى الطرفين (أقباط - مسلمين) بحسن الخلق والأمانة وعدم التعصب سواء للدين أو للعرق أو للون.
ويؤكد على أن المحكمين في جلسات القضاء العرفي التي يتم عقدها لفض منازعات طائفية ينظرون إلى حالة النزاع وحقن الدماء فقط، ولا يضعون في أذهانهم أن هذا قبطي وذاك مُسلم.
الأحكام العرفية
يقول شكري إن الأحكام العرفية يتم إصدارها بحسب حالة النزاع، فعلى سبيل المثال حالات القتل تقدر فيها الدية بمبلغ مليون جنيه أو يزيد، وأحيانا كثيرة يتم تقديم كفن من عائلة القاتل إلى عائلة المقتول، والإصابات يتم تقديرها حسب نوع الإصابة وخطورتها، أما حالات التعرض للأعراض فيتم الحكم فيها بالزواج إذا كان الطرفان من المسلمين، أو غرامات مجحفة قد تصل إلى 100 ألف جنيه إذا كان الأمر غير ذلك.
قضاء الدولة
يقول شكري إن هناك تعاملا للقضاء العرفي مع قضاء الدولة فيما يخص القضايا المدنية، ويكون التعامل عندما يتم قبول الصلح بين الأطراف المتنازعة ريحرر محضر تحكيم مثبت به ما تم الاتفاق عليه من شروط وسبب النزاع والحكم الصادر.
ويضيف أن محضر التحكيم الذي يحرر يتم إرساله إلى المحكمة المسئولة، ليتم التنازل عن جميع القضايا التي تخص النزاع لصدور حكم عرفي فيها بالتراضي بين الطرفين.
ويضيف أن القضايا الجنائية مثل القتل حتى وإن تم الصلح فيها بين الطرفين بمعرفة القضاء العرفي لا يتسامح فيها القانون أو القضاء فيما يخص الشق الجنائي، ويتم محاكمة المتهم وسجنه.