أحدث الأخبار
تجريم ختان الإناث
عاد الحديث مرة أخرى عن ختان الإناث، ربما بفعل عدد من الحوادث، وكذلك نتيجة للتصريح الجدلي الذي أدلى به طبيب عضو مجلس النواب، هو الدكتور أحمد الطحاوي، الذي أكد فيه أن ترك الأنثى بلا ختان أمر غير صحيح، ودعا إلى سؤال «أهل الحديث وأهل العلم» بالإفتاء في القضية، الذي عاد وتراجع عنه، لكنه بالتأكيد يكشف أن كل ما جرى في مياه محاربة ختان الإناث على مدى سنوات لم يكن كافيا.
فقد قاد المجلس القومي للطفولة والأمومة، برئاسة السفيرة مشيرة خطاب، خاصة منذ منتصف عام 2005، حملة شديدة ضد ختان الإناث أسفرت عن ظهور تعديلات تشريعية تجرم ممارسة هذه العادة، التي تبرأ منها علماء الدين بكافة مناحيهم، من شيخ الأزهر إلى الشيخ القرضاوي، فضلا عن المفتي ووزير الأوقاف، والكنائس، وأعلن أساتذة الطب أن ممارسة هذه العادة لا علاقة لها بالعلم، كل كان ملء السمع والبصر.
وفي أعقاب ثورة 2011، وعلو صوت التيارات الإسلامية المحافظة، تراجع المجلس القومي للطفولة والأمومة، وظهرت تصريحات من قبيل أن محاربة الختان ليست أولوية، ولم يكن خافيا أن تيارات سلفية قامت بتعليق لافتات في قرى مصرية تؤيد ختان الإناث، وظهرت اتجاهات مع هذه الثورة تريد الانتقاص من حقوق الطفل والمرأة، باعتبارها من إرث نظام مبارك، فى حين أنها على محدوديتها من مكتسبات الشعب المصري.
وفي السنوات الماضية، تحول ملف ختان الإناث إلى المجلس القومي للسكان، وهو ما يحاول الآن استعادة الزخم حوله، بغية إصدار قانون يجرم ختان الإناث، وينص على عقوبة السجن للشخص الذي يمارسه طبيبا أو داية أو حلاق صحة أيا كان، باعتبار أن في هذه الممارسة البغيضة تشويه وقطع لجسد المرأة، وإحداث عاهة مستديمة عن قصد وعمد، قد تنجم عنها وفاة الطفلة المسكينة، فضلا عن الأضرار الصحية والنفسية التي تلاحقها في حياتها إذا ظلت على قيد الحياة.
هل يستطيع مجلس النواب أن يفعلها؟ لا أعرف، خاصة في ضوء تصريح النائب أيمن أبو العلا، عضو لجنة الصحة، الذي قال إن البرلمان فشل إلى الآن فى سن تشريع يمنع ختان الإناث، الذي تقول الصحة إن معدل ممارسته يصل إلى 61% من الفئة العمرية 15 إلى 17 سنة. ولا توجد لدينا جرأة أن نفعل ذلك، وكأن من يقترب من هذا الملف يرتكب معصية أو خروجا على الدين. الثابت، أن دول الخليج بما في ذلك السعودية، التي ترعى أعظم المقدسات الإسلامية، لا تمارس فيها ختان الإناث، وكذلك دول المشرق العربي، ودول المغرب العربي، ولا تٌعرف هذه العادة الرديئة سوى في أفريقيا، ومنها زحفت إلى مصر، التي يميل المجتمع إلى وضعها في رداء ديني وأخلاقي، تحيط به الأساطير والشبهات، لا علاقة له بالدين، وشكك العلماء في أي سند ديني لختان الإناث.
ولكن نحن دائما ندخل في «لعبة القط والفأر»، تسأل أهل الدين يقولون لك اذهب إلى أهل العلم، وتسأل أهل العلم يقولون لك نستفتى أهل الدين، وختان الإناث لا وجود له لا في علم ولا في دين.