أحدث الأخبار
هل هي حقًا «آخر الحروب»؟
كان السادات صادق النية، وباحثا بحق عن السلام حين أعلن تصريحه / أمنيته الشهيرة بأن حرب أكتوبر، التي نحتفل بها هذه الأيام هي آخر الحروب. فهل هي حقا آخر الحروب؟
تمنى السادات أن يكون السادس من أكتوبر «آخر الحروب»، كما لم يتمنَ بالتأكيد أن يكون السادس من أكتوبر ذاته هو اليوم الذي يصوب فيه ضابط من قواته المسلحة مدفعه الرشاش نحو المنصة المزدحمة برجال الدولة.
حجم «المفاجأة» ساعتها كان بعلو صوت القائد الأعلى للقوات المسلحة يصيح بقولته الأخيرة: «مش معقول».
والحاصل أن الذي ظنه الرئيس، صائحا «غير معقول» حدث بالفعل. والذي ظنه الرئيس متمنيا «آخر الحروب»، يبدو أنه لم يكن هكذا بالفعل.
***
قبل أيام، وفيما نحن نسترجع ذكرى وفاة عبدالناصر (٥٢ عاما من العمر)، ضحية معركته «العربية» الأخيرة للحفاظ على الأمل العربي المضرج بالدماء والمثخن بالقُطرية في تلك الأيام التي لا تُنسى من «أيلول الأسود»، حملت لنا الأنباء خبر وفاة شيمون بيريز (عن ٩٣ عاما).
حملت فيها تجاعيد وجهه القصة الطويلة للحرب والدماء التي شهد عبدالناصر أول سفور لوجهها في الفالوجة ١٩٤٨، قبل أن يذهب على مذبحها في تلك الأيام الماراثونية من سبتمبر ١٩٧٠، دون أن يتخيل للحظة أن ما بدا «أسود» في أيلول سينتهي بعرب يصطفون لتشييع جنازة آخر «المؤسسين» لما كنا في تلك الأيام الخوالي نسميه «بالكيان الصهيوني المغتصب».
هل تبدو النهايات لا منطقية؟ بالعكس. صحيحٌ أن أيا منا لم يتخيلها يومها (رغم هزيمة ١٩٦٧)، إلا أن المنطق يقول إن «لا نهايات بلا بدايات» ولا طريق بلا خطوات.
وما جرى في تلك الأيام من سبتمبر أيلول ١٩٧٠، لم يكن، بغض النظر عن التفاصيل إلا خطوة على طريق طويل لم تكن محاولة صدام غزو الكويت إلا إحدى محطاته. طريق طويل ذهبنا فيه بعيدا «في الحلم» مع عبد الناصر، إلى أن أفقنا على حقائق «اهتراء عربي» أخذتنا إليه أوليجاركيا السلطة الوارثة لحركات التحرر العربية هنا وهناك في النصف الثاني من القرن العشرين.
أيا ما كانت الذكريات المؤلمة لقصة طويلة، وبغض النظر عن كثير مما جرى بعده، مما نعلمه، ومما لم يكشف عنه الستار بعد، فقد كان مشهد «العبور المصري» الأسطوري من الناحية العسكرية في مثل تلك الأيام من أكتوبر ١٩٧٣ مبهرا. بالضبط كما كان مشهد المصريين الرافضين للهزيمة، رغم حقيقتها في ذلك اليوم الحزين؛ التاسع من يونيو ١٩٦٧. هل تذكرون «لا» محسنة توفيق في «عصفور» العبقري يوسف شاهين؟
***
بين ذلك اليوم العابر للصدمة في يونيو ١٩٦٧، وذلك العابر للقناة في أكتوبر ١٩٧٣ قصة لا يعرفها حقيقة إلا من عاشها من جيلنا؛ الذي كان «قدَرُه» أن يعيش الأمل.. فالانكسار.. فالانتصار؛ جموحا.. فمرارة.. فكرامة.
أيامها، كما ذكّرت هنا غير مرة، (ولكي تكتمل الصورة): كان أهل مدن القناة قد هجروا بيوتهم ضيوفا على مدن الدلتا المختلفة. وكان اللون الأزرق يغطي زجاج الشبابيك. والأضواء الشحيحة تُطفأ حين تُدوي صافرات الإنذار. ليلتف الناس حول أجهزة المذياع المتواضعة يستمعون إلى الراحل، ابن النوبة محمد حمام يغني «لبيوت السويس»، والى الصعيدي عبدالرحمن الأبنودي يحكي عن هؤلاء الذين ظلوا هناك؛ «وجوها على الشط».
ويتعرفون للمرة الأولى إلى الكابتن غزالي «بسمسميته» وفرقته الفطرية البسيطة «ولاد الأرض» يغني «وعضم ولادنا نلمه نلمه.. ونعمل منه مدافع» في صورة لا تختلف في صدقها وتلقائيتها «المصرية» عما رأيناه وسمعناه من «فناني التحرير» في أيام الميدان الثمانية عشرة.
يذكر تاريخنا كيف جابت أم كلثوم الأرض أيامها لتدعم بصوتها (الذي كفره الشيخ كشك) الوطن، «والمجهود الحربي». وكيف كانت «المصريات الحقيقيات»، بل وشقيقاتهن من الأقطار العربية يتبرعن بحليهن الذهبية «للمجهود الحربي» وإعادة بناء الجيش «لإزالة آثار العدوان».
هكذا كان «عالمنا العربي» الذي عرفناه، وكانت مصر التي عرفناها؛ رغم الهزيمة «يدًا واحدة» تخط طريقها إلى النصر... وتصل حبلا واحدا من يوليو ٥٢، إلى يونيو ٦٧، إلى أكتوبر ٧٣.. وقد كان.
وهكذا مصر التي نعرفها. يُظهر شعبُها أفضلَ ماعنده؛ «معدنه الأصيل» عندما يشعر بأن هناك ما يوحده (أو من يوحده). هكذا جرى أيام حرب الاستنزاف، وهكذا جرى في الأيام الثمانية عشرة التي أسقطت مبارك، وهكذا شهدنا في صبيحة الثاني عشر من فبراير ٢٠١١ حين نزل شبابه إلى الميادين ينظفونها، وهكذا جرى في التاسع من يونيو ١٩٦٧ حين اندفع إلى الشوارع رافضًا الهزيمة، (في مشهد جسدته المبدعة محسنة توفيق في «عصفور» يوسف شاهين) وهكذا يذكر جيلنا ــ ما كان في سنوات الصمود الصعبة (١٩٦٧ــ١٩٧٠) داعما بوحدة «جبهته الداخلية» تضحيات وبطولات جيشه المقاتل على جبهة عرضها الوطن كله في «حرب الاستنزاف» القاسية والمفتوحة.
ثم في سنوات الانتظار القلق (١٩٧٠ــ١٩٧٣) وصولا إلى لحظة «رفع العلم»، والذي عند رفعه فقط كان بإمكاننا بعد سنوات من الانكسار أن «نرفع رأسنا عاليا»، بالضبط كما كان في تلك اللحظات المجيدة من يناير ٢٠١١ حين رفع شبابنا «العلم ذاته» في ميدان التحرير، هاتفين: «ارفع راسك فوق.. أنت مصري»
***
أيا ما كان ما نذكره محفورا في وجداننا، ومسطورا في كتاب التاريخ، فقد ذهب عبدالناصر، بعد أن كنا قد قررنا معه جميعا أن «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، وبعد أن كنا قد عرفنا معه أن «ما يؤخذ بالقوة، لا يسترد بغير القوة»، ثم ذهب السادات بعد أن تمنى، ونحن معه أيضا أن تكون «حرب أكتوبر هي آخر الحروب»، ثم ذهب بيريز «الشريك المؤسس» للدولة التي فرض علينا وجودها، وأطماعها كل الحروب. فهل أكتوبر حقا هي آخر الحروب؟
عاموس يدلين؛ الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية «أمان»، والذي تتصدر سيرته الذاتية أنه شارك في العملية الاسرائيلية «أوبرا» التي استهدفت المفاعل النووي العراقي (يونيو ١٩٨١)، كان له محاضرة مهمة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في أبريل ٢٠١١ (لاحظ التاريخ).
وكان من الطبيعي أن يتحدث الرجل يومها عن «التحديات التي تواجه إسرائيل من جراء تحولات الربيع العربي». ولم يكن مفاجئا أن يشير رجل الاستخبارات المحنك يومها إلى أهمية العمل على «أن يتنامى الإدراك في الشارع العربي بأن إسرائيل ليست المشكلة الأساسية في الشرق الأوسط»
مع التطورات التالية «للالتفاف» على الربيع العربي عاد الرجل ليشرح بعدها بعامين، وفي تقرير مهم «لمعهد دراسات الأمن القومي» في إسرائيل INSS كيف نجحت اسرائيل هي أيضا في «الالتفاف» على التحديات الخمسة التي واجهتها مع التحولات «الشعبية» في المنطقة العربية، محافظة من ناحية على مكانتها الجيوسياسية»، معتمدة سياستها التقليدية «المراوغة» في إدارة الصراع مع تكريس الوقائع على الأرض، أو «التمكين» على الطريقة الاسرائيلية. والذي يجعل في النهاية «حل الدولتين» ضربا من المستحيل. ولا يخفي رجل الاستخبارات المحنك في تقريره سعادته بما أدت إليه تعقيدات الأزمة السورية من توجيه ضربة قاسية لمكانة ايران ومعها حزب الله في المنطقة.
مما يمحو عمليا الآثار المعنوية لنتائجحرب لبنان (٢٠٠٦)، فلم تعد صور حسن نصر الله تُطبع على قمصان الشباب في العواصم العربية المتشوقة لانتصار ولو رمزي على العدو التاريخي؛ اسرائيل. بل صار حسن نصر الله ذاته هو «العدو الأول» لدى لكثيرين.
***
بعد سنوات خمس، وفي معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى نفسه الذي شهد المحاضرة «المبكرة» للرئيس السابق المخابرات العسكرية الإسرائيلية في أبريل ٢٠١١ عن «كيف تواجه إسرائيل رياح التغيير في الشرق الأوسط»، تحدث موشيه يعلون وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، قبل أيام (١٥ سبتمبر ٢٠١٦) عن «استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي» في حديثه الذي أتمنى أن يكون هناك من استمع إليه جيدا، أشار الرجل إلى أهمية «أن ننظر في إسرائيل إلي ما يجري نظرة واقعية نتجنب فيها الاستخلاصات الخاطئة التي يمكن أن يأخذنا إليها التفكير بالتمني wishful thinking».
عن «محددات» الأمن القومي الإسرائيلي «الثابتة» لم يكن هناك جديد تقريبا فيما سمعناه من تكرار لثوابت إسحاق رابين غير التأكيد على أنها أصبحت الآن «واقعا»، لا مجرد هدفا نسعى إليه، وحددها فيما يلي:
١ـ «الكيان» الفلسطيني سيكون أقل من دولة.
٢ـ وادي الأردن سيظل تحت السيادة الإسرائيلية.
٣ـ القدس ستظل موحدة، وستظل عاصمة لإسرائيل.
٤ـ بناء «المستوطنات» حق لإسرائيل. Jews have the right to live everywhere in land of Israel
لا جديد في «المحددات الأربعة» ربما غير تذكيره لنا بأن واقع الشرق الأوسط اليوم يقدم «فرصة غير مسبوقة لإسرائيل»
كيف تُحقق / تضمن إسرائيل بقاء هذا الوضع «الاستراتيجي» الذي ترى فيه أمنها القومي؟ وماذا تغير إقليميا ليقدم للدولة العبرية تلك «الفرصة الاستراتيجية» strategic opportunities كما سماها؟
بعد أن يشير المسؤول الإسرائيلي إلى ما مؤداه أن الديمقراطية، ورغم أنها نظريا جيدة إلا أنها في دول الجوار لن تكون في صالح إسرائيل، يصف لنا ما صار إليه «حال الإقليم»، أو بالأحرى كيف يمثل ذلك الحال الفرصة الاستراتيجية التاريخية للدولة العبرية، فيعدد ذلك فيما يلي:
ــ انكشاف نظام الدولة الوطنية في المنطقة العربية كشف عن كل التناقضات الكامنة داخل وبين الدول العربية المختلفة.
ــ لا يمكن أن نخفي سعادتنا كإسرائيليين بما صارت إليه العلاقات الاستراتيجية «غير المسبوقة» مع مصر والأردن.
ــ لإسرائيل «الآن» علاقات استراتيجية على «أعلى مستوى» مع جيرانها العرب. المشكلة الآن في «الشعوب»، والجماهير التي تربت على كراهية إسرائيل. Israel has strategic relationships at high levels with Arab neighbors, but populations still educated to hate Israel
***
هل حرب أكتوبر إذن هي آخر الحروب؟
ربما كان في حديث وزير الحرب الإسرائيلي السابق بعض الإجابة: «لا مشكلة لنا مع الحكومات. المشكلة مع الشعوب»
وترجمة ذلك بوضوح، هي أنه بعد أربعة عقود من اللحظة التاريخية لرفع العلم على الضفة الشرقية للقناة في مثل هذه الأيام من أكتوبر ١٩٧٣، لم تعد إسرائيل تخشى غير أولئك الذين رفعوا العلم في التحرير في تلك الأيام من يناير ٢٠١١. وإذا كنا نعرف جميعًا أن أولئك الذين قادونا إلي التحرير يومها هم «المستقبل»، فإسرائيل رغم الـ strategic opportunities الذي تحدث عنها موشي يعلون تخشى المستقبل، أو على الأقل تحسب كل احتمالاته متحررة من الـ wishful thinking كما قال هو أيضا.
هل حرب أكتوبر إذن هي آخر الحروب؟
«الحرب القادمة بين إسرائيل ومصر» The Next War between Israel and Egypt هو عنوان كتاب لباحث إسرائيلي متخصص في الاستراتيجيات والأمن القومي، ويحمل درجة الدكتوراه، وعمل مستشارا للجيش الإسرائيلي. واسمه يهود إيلام Ehud Eilam
الكتاب الذي لا أعرف إن كان هناك من التفت إليه، وإن كان (على حد علمي، لم يحظ بتغطية تذكر في الصحافة العربية، المنشغلة «بالصراعات البديلة»؛ داخليا وإقليميا)، صدر قبل عامين كاملين وبالتحديد في الشهر الذي تولى فيه وزير الدفاع المصري موقع رئيس الجمهورية (يوليو ٢٠١٤).
الكتاب الذي يقدم تصورا «عسكريا» تفصيليا لحرب «محتملة» بين إسرائيل ومصر، والذي يعتمد فيه كاتبه على مقابلات شخصية ووثائق غير منشورة، ويفرد جانبا كبيرا لما قد يمثله الواقع الحالي لسيناء المحكومة باتفاقات كامب دافيد على المعطيات التقليدية للحروب السابقة بين مصر وإسرائيل ربما لا يكون «أكثر من كتاب»، مهما كانت خبرات وعلاقات كاتبه، ولكنه يقول لنا أيضًا: أن كل الاحتمالات واردة.. وكل السيناريوهات مفتوحة.
***
وبعد فليس معنى هذا بحال أننا نبحث عن حرب أو توتر إقليمي، تغيب فيه طموحات الاستقرار والتنمية والرخاء. ولكننا نعلم:
١ــ أن لا سلام بلا عدل، (بالضبط كما لا استقرار لوطن بلا عدل)
٢ــ أن لا استقرار مع شيوع الإحساس بالظلم والغبن وضياع الحقوق.
٣ــ أن لا سلام مع عنصرية دينية تجسدها «دولة يهودية نقية» كما يقول المشروع الصهيوني المعلن، حتى ولو كان لدينا من استدرج؛ مفتونا أو مخدرا إلى هذا الفخ «المعلن» بتكريس هويات طائفية تكون أساسا لصراعات المستقبل.
٤ــ أن لافتة «الحرب على الإرهاب»، وهو حقيقي ووحشي بلا شك، تخفي وراءها أيضا مصالح متضاربة ومتقاطعة. وأن إسرائيل، (كما المستبدين في العالم أجمع) كانت أكثر المستفيدين من «الشعار» وبالطبع الانشغال به.
نحن هنا لا نبحث عن حرب، ولكننا نعلم أن القوات الإسرائيلية، على حدودنا الشرقية، هي حسب قواعد القانون الدولي «قوات احتلال» وأن اسرائيل «المحتلة» هى «الجيش» الذى خاض معه الجيش المصرى خمس حروب، وأن سيناء مازالت ناقصة السيادة بسبب قيود وضعها الطرف «الاسرائيلى» ومازال يتمسك بها حتى الآن. وأن تحت رمالها الطاهرة رفات ٢٥٠ أسيرا مصريا «أعزل» قامت الفرقة العسكرية الإسرائيلية «روح شاكيد» بقتلهم بل ودفن بعضهم أحياء (كما تقول الرواية الإسرائيلية ذاتها).
نحن هنا لا نبحث عن حرب، ولكننا نعلم ما يفعله «المحتل» في المواطنين الفلسطينيين، ونعلم أن الواقع اليائس الذى لا أفق له يوفر بالضرورة التربة الأكثر ملاءمة للعنف والتطرف. حيث يتزايد الشعور بأنه لم يبق غيره سبيلا للحياة، مجرد الحياة. ناهيك عن الكرامة والإنسانية. وهو الوضع الذى، مع الوقت سيدفع ثمنه «الجميع». أكرر: «الجميع». وأن حسابات الأمن القومى «الواعية» ينبغى أن تضع ذلك رقما فى المعادلة.
نحن هنا لا نبحث عن حرب، ولكننا قرأنا لمحمد حسنين هيكل، ولطارق البشري (على اختلاف مدارسهما الفكرية)، كما كنا قد تعلمنا من التاريخ أن «الشرق» هو محور الأمن القومي المصري. وأن الأمن القومى «ليس اختصاص الرؤساء، وليس اختصاص الملوك بل هو ملك لكل الناس» (هيكل في حديثه للجزيرة ـ يناير ٢٠٠٨) . وأن مسائل الأمن القومى وعلى رأسها بالنسبة لنا هذا الصراع العربى الإسرائيلى، «لا يصح أن تتباين فيها مصلحة الدولة عن مصلحة جماعة المواطنين» (البشري: «وجهات نظر» ـ يونيو ٢٠٠٢)
نحن هنا لا نبحث عن حرب، ولكننا نعلم أن معايير الأمن القومي لدولة «مثل مصر» ذات حدود ثابتة منذ مئات السنين، لا تتغير هكذا بين ليلة وضحاها. ونعلم أن قرار عبدالناصر بإغلاق مضايق تيران لم يدفع إسرائيل يومها إلى الحرب، إلا بسبب الأهمية الاستراتيجية لتلك المضايق في ميزان التوازن الاستراتيجي في المنطقة. ثم كان أن قرأنا في حديث الإسرائيليين، وفي تقاريرهم الاستراتيجية، وكتبهم المنشورة، ثم فى كثير من مما يجري رسميا، من المبادرات والزيارات والاتفاقات (تيران ومضايقها نموذجا) ما إن لم يدفع بالقلق إلى النفوس، فعلى الأقل سيطرق الطاولة بعديد من علامات الاستفهام حول المعايير التى نعرف لأمننا القومي «العربي» وليس فقط المصري ما لسنا بحاجة إلى تفصيله.
……
هل هي حقا آخر الحروب؟
نتمنى لو كانت كذلك ولكن التاريخ لا تكتبه الأمنيات، بل الحقائق على الأرض. ويقول لنا التاريخ وحقائقه أن السلام لا يأتى إلا بالعدل. أما «الاستسلام» فهذه قصة أخرى.
- المقال منشور بصحيفة الشروق في عددها الصادر يوم الأحد 9 أكتوبر 2016