أحدث الأخبار
حين تصل إلى أحد مطارات الولايات المتحدة، ستكون الرحلة الطويلة قد نالت منك، وهذا ما قد يجعلك الصيد الذي يبحث عنه ضباط مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي (اف.بي.آي) لتجنيد عملاء من الخارج.
العملية تبدأ من خلال نظرة فاحة للقادمين من دول أجنبية. وفي المطار، يكون الشخص متعبًا لطول الرحلة، قلقًا على أمتعته، مشغول الذهن بأسرته. وقد تكون أول زياراته لأمريكا. وربما لا يتحدث الإنجليزية، وربما أيضا يعتزم طلب اللجوء السياسي.
ووفقًا لوثائق حكومية حصل عليها موقع ذا انترسبت الأمريكي، يعمل مكتب التحقيقات في تعاون وثيق مع إدارة الجمارك وحماية الحدود، لاقتناص فرصة جمع المعلومات من خلال من يجدون أنفسهم في أوضاع حرجة.
مخبرون محتملون
وكشفت الوثائق عن مساعدة إدارة الجمارك وحماية الحدود لمكتب التحقيقات في استهداف المسافرين الداخلين للبلاد "كمخبرين محتملين"، وتقديمها لقوائم الركاب إلى المكتب، وإدخالها بعض الأشخاص في استجوابات مطولة من أجل جمع معلومات منهم لصالح المكتب.
وحين يحتاج مكتب التحقيقات للعثور على "مخبر" ذي سمات محددة، كأن يكون مثلًا من دولة معينة وفي شريحة عمرية معينة، يجد عند أطراف أصابعه ثروة من البيانات تقدمها الهيئات الحكومية مثل إدارة الجمارك وحماية الحدود.
ويقدم المكتب إلى الإدارة قائمة بالبلدان الأصلية التي ينتمي لها الركاب لمتابعة القادمين منها ويحدد لهم أحيانًا بعض الصفات الأخرى، مثل الأماكن التي سافروا إليها من قبل أو العمر.
ويقدم المكتب لضباط الجمارك وحماية الحدود تفاصيل حول متطلباته الاستخباراتية. فتفحص الإدارة بياناتها لمد مكتب التحقيقات بقائمة المسافرين القادمين في دائرة اهتمامه. ويمكن أن يطلب المكتب حينها من الجمارك وضع إشارة على بعض الأشخاص لإخضاعهم لمزيد من الفحص والاستجواب والقيام بزيارات متابعة لهم.
ووفقًا للوثائق، يستخدم مكتب التحقيقات الاستجواب عند دخول الحدود كذريعة لفتح تواصل مع أشخاص يريد تحويلهم إلى مخبرين، كما يتدخل في إجراءات الهجرة بإعطاء تعليمات لعملائه حول كيفية عرض "إغراء تخليص الهجرة."
وقال الموقع في تقرير إنه لا عجب في تطبيق القانون بحرص بشأن عبور الحدود في حالة المجرمين أو المشكوك في كونهم إرهابيين. إلا أن الخطوات المتخذة المشار إليها في تلك الوثائق، تتعلق بوضوح بجمع معلومات استخباراتية وليس تطبيق القانون.
البحث عن الأخيار وليس الأشرار
وليس من الضروري أن تكون هناك صلة للأفراد بتحقيقات جارية، ولا أن يكونوا من المشكوك في أمرهم بشأن جريمة، حتى يؤشر أمام اسمهم.
وربما يستهدفهم مكتب التحقيقات لقدرتهم المحتملة على تقديم معلومات استخباراتية عامة حول دولة أو منطقة أو جماعة بعينها.
ووفقًا لمستند من مكتب التحقيقات بخصوص مبادرة في مطار لوجان في بوسطن، يتمثل الهدف في البحث عن "الأخيار" وليس "الأشرار".
وحصل موقع ذا انترسبت على المستندات الخاصة بهذا الشأن من قبل مصدر استخباراتي على اطلاع بالعملية، ومهتم بمعاملة مكتب التحقيقات للمجتمعات المسلمة.
ووفقًا للمصدر، يصل هذا النظام إلى إعداد قائمة مراقبة غير رسمية تضم أشخاصاً يهتم بهم مكتب التحقيقات، ليس لأنهم يقومون بشيء خطأ، أو خطرين، بل لأنهم قد يكونوا مفيدين للحكومة.
ولوحظت الدلائل على تجنيد المخبرين بهذه الطريقة من خارج الحكومة. وقال محامون في مجال حقوق الإنسان والهجرة، أجرى معهم موقع ذا انترسبت مقابلات، إنه من المألوف جدًا بالنسبة لعملائهم المسلمين بوجه خاص، أن يستجوبوا عند الحدود أثناء عودتهم من رحلة دولية، وبعدها يتصل بهم ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي خلال أيام.
بعد شهر العسل
وقالت ديالا شماس، المحاضرة في كلية ستانفورد للحقوق، والمحامية في مبادرة كلير CLEAR، التي تقدم الخدمات القانونية للمجمتعات المتأثرة بسياسات مناهضة الإرهاب في نيويورك، إن "أحد زبائنها اتصل به عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي مباشرة في المطار عند عودته من شهر العسل."
وتشير الوثائق التي استعرضها ذا انترسبت إلى أن البرنامج يطبق بمطارات في أنحاء الولايات المتحدة، وهذا ما أكده المصدر. والوثائق لا تشتمل على بيانات موسعة حول عدد الركاب المستهدفين لأغراض استخباراتية، باستثناء فترة قصيرة استغرقت شهرين بمطار لوجان الدولي في بوسطن.
ووفقًا لتلك البيانات، تم في يناير 2012 فحص حوالي 6000 مسافر من خلال قواعد بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي، وأجرت إدارة الجمارك وحماية الحدود 47 عملية تفتيش. وأُحيل 32 من هؤلاء الأفراد إلى "فرق التحقيقات،" ولكن اثنين فقط منهم انتجاً تقريراً استخباراتياً ذا قيمة.
ويساعد استهداف المسافرين المنظم للأغراض الاستخباراتية الخاصة بمكتب التحقيقات في تفسير التقارير واسعة الانتشار عن تعرض مسافرين مسلمين، مهاجرين ومواطنين أمريكيين على السواء، لاستجوابات عدائية في المطارات وعند عبور الحدود.
وتوجد تقارير عن قيام مكتب التحقيقات بتهديد أفراد بالترحيل أو إرجاء طلباتهم للحصول على تأشيرة إلى أجل غير مسمى، بينما يحاول عملاؤه إقناعهم بالتعاون. وزعم آخرون أنهم وضعوا على قائمة المنع من الطيران بعد رفضهم التحدث إلى مكتب التحقيقات.
ويعطي هذا الاستهداف مثالًا أيضًا على الطريقة التي عبأ بها مكتب التحقيقات الفيدرالي هيئات أخرى، مع تحوله بعد هجمات 11 سبتمبر إلى هيئة استخبارات شاملة وهيئة لتنفيذ القانون، حيث أصبحت مكافحة الإرهاب أولوية قصوى.
وتضخم استخدام المكتب للمخبرين بعد 11-9، ليزيد العدد عن 15000 شخص خلال حوالي ستة أعوام، ولا يتضمن ذلك سوى الأشخاص المسجلين رسميًا بشكل صريح لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي باعتبارهم مصادر بشرية سرية.
ولم يرد مكتب التحقيقات، ولا إدارة الجمارك وحماية الحدود، على الأسئلة المحددة الموجهة بشأن الوثائق. ولكن أحد المتحدثين باسم المكتب قال إن "مكتب التحقيقات الفيدرالي يستخدم عددا ضخما من أساليب التحقيق ومصادر المعلومات القانونية لمساندة التحقيقات، بما فيها استخدام مصادر بشرية سرية".
وأضاف "كافة علاقات المصادر البشرية السرية مع مكتب التحقيقات الفيدرالي تطوعية."
وفي بيان، شرحت إدارة الجمارك وحماية الحدود تفاصيل عملية فحص المسافرين بسبب التهديدات المحتملة، وقالت "ينتج عن بعض عمليات التفتيش الثانوية معلومات لاتقدر بثمن بالنسبة لشركائنا. وتشارك الإدارة المعلومات مع شركائها في تنفيذ القانون وفقًا لقانون الولايات المتحدة، وسياسة (وزراة الأمن الداخلي) بشأن الحقوق المدنية والحريات المدنية".
المطارات المكان المناسب
ورد في مستند من إدارة الجمارك وحماية الحدود صادر في أبريل 2012، موجه إلى عملاء مكتب التحقيق الفيدرالي، بعنوان "الرؤية العامة.. القدرت لدى إدارة الجمارك وحماية الحدود في أمريكا،" أن "المطارات تعتبر مكانا مهما لاكتشاف وتقييم المصادر". "المسافرون يتوقعون بالفعل تدخل هيئات تنفيذ القانون"، ومع "التنوع الهائل في المسافرين"، يمكن للعملاء "البحث عن المسافرين المتوافقين مع السمات الديموجرافية الأساسية المطلوبة."
وحتى يتمكن من عمل هذا، يستخدم مكتب التحقيقات كمية هائلة من المعلومات التي تقوم إدارة الجمارك وحماية الحدود بجمعها عن المسافرين والبضائع الداخلة والخارجة من البلاد باعتبار ذلك جزءا من مهمتها المعتادة في ضبط الحدود. وتُعلم الإدارة على المسافرين والشحنات القادمة التي يحتمل إجراء المزيد من الفحص عليها وفقًا لقواعد تستند إلى تهديدات متوقعة، وهي عملية أحياناً ما يشار إليها بـ"بداية تتبع المستهدف."
قد يستند الاستهداف إلى البلد الأصلي للمسافر، وأيضًا إلى "البلدان التي سافر إليها من قبل، والعمر والاسم، والأصل"، أو قد "يستند إلى سيناريو" أو "بناء على قائمة" أو "الانتساب إلى شيء" وذلك وفقًا لوثيقة "الرؤية العامة-القدرات."
وينظر إلى السفر إلى اليمن أو باكستان أو الصومال باعتباره شيئًا قد يؤدي إلى وضع علامة. (يبدو أن هذا النوع من الفحص القائم على نمط التنقل، وضع أحمد خان رحماني، المتهم بتفجير مانهاتن ونيو جيرسي في سبتمبر، تحت رادار السلطات، رغم أن إجراء المزيد من الفحص لم يؤد إلى إثارة أي مخاوف بشكل فوري. وتمثل قائمة مراقبة الإرهاب أيضًا عنصرًا ضمن قواعد الاستهداف.
تقدم إدارة الجمارك وحماية الحدود إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي قائمة بالمسافرين القادمين من "البلدان المثيرة للاهتمام" في مطار معين خلال 72 ساعة التالية.
يقارن مكتب التحقيقات تلك الأسماء مع قاعدة بياناته ويبحث عنهم في السجلات العامة، ساعيًا إلى أي ارتباط أو معلومات خلفية قد يكون المكتب مهتما بها، وقد تتضمن ارتباطات لا تمثل خطرًا مثل الأصل الجغرافي أو معلومات حول جماعة ديموجرافية بعينها.
مذكرة سرية
ووصفت مذكرة -مصنفة سرية- لمكتب التحقيقات عام 2012، العملية كما تتم في مطار لوجان ببوسطن، وأكدت أنه بناء على تقدير إدارة الجمارك وحماية الحدود يتم وضع علامة على الشخص لمزيد من الفحص أو إجراء مقابلة، وأن المكتب "يوفر فقط كافة المعلومات الاستخباراتية المتاحة المرتبطة بالمسافر." ورغم ذلك يوحي مستند الشرائح الخاص بمكتب التحقيقات بدور أكثر نشاطًا، مثل إعطاء بيانات موجزة حول المتطلبات الاستخباراتية إلى ضباط الجمارك وحماية الحدود، وحثهم على النظر إلى وظيفتهم من "وجهة نظر استخباراتية."
عندما يصل الأفراد، تسحبهم إدارة الجمارك وحماية الحدود جانبًا، وتستجوبهم لحساب مكتب التحقيقات لتحديد ما هي المعلومات التي يمكنهم الحصول عليها، وما إن كانوا على استعداد للتعاون. ووفقًا لمذكرة مطار لوجان، قد يكون مكتب التحقيقات الفيدرالي حاضرًا في هذه المقابلات.
ووفقاً لمذكرة موجزة لإدارة الجمارك وحماية الحدود إلى فرقة العمل المشترك لمكافحة الإرهاب في نيويورك (بافالو)، وهي مجموعة مشكلة من الهيئات المشاركة في تنفيذ القانون على المستوى الاتحادي والمحلي، وتضم مكتب التحقيقات الفيدرالي وإدارة الجمارك وحماية الحدود، فإن "المعلومات المهمة المستخرجة" أثناء المقابلة التي تجريها الإدارة تتضمن مكان الميلاد، "ليس فقط الدولة، ولكن المحافظة-القرية،" والعمل الحالي- السابق."
وتعطي وثيقة أخرى نموذجاً للأسئلة مثل، "ماهو انتماء الفرد القبلي- العشائري (إذا توفر ذلك)؟"، وما هو الموقع (المواقع) الجغرافية المهمة التي يعيش الفرد أو يعمل أو يقضي وقتاً فيها؟"، و"هل لدى الفرد صلات بالخارج؟ (أسرة، أصدقاء، ... الخ.)"
وتذكر مذكرة أخرى لإدارة الجمارك وحماية الحدود أن "التنسيق المسبق قد يساعد في جعل المقابلات أقصر أو أطول تبعا للحاجة."
وتشير مواد إدارة الجمارك وحماية الحدود إلى إمكانية قيامها بتفتيش جيوب المسافرين والوثائق والتليفونات المحمولة، باعتبار ذلك جزءا من عمليات التفتيش الثانوية.
ويساعد كل ذلك مكتب التحقيقات في صياغة تصور مفصل عن تاريخ حياة وطبائع المخبر المحتمل. وتزور فرقة العمل المشترك المحلية لمكافحة الإرهاب الفرد بمنزله مسلحة بتلك المعلومات، من أجل تقييمه كمجند، كما تقول مذكرة بافالو.
وتضيف "يوفر التفاعل الأولي مع إدارة الجمارك وحماية الحدود ذريعة لفرقة العمل المشترك لمكافحة الإرهاب حتى تقوم بزيارة الفرد."
الإغراء بالهجرة
الإغراء بالهجرة عندما لا يكون المخبرون المحتملون مواطنين أمريكيين، قد يكونون في وضع ضعيف أمام ضغط مكتب التحقيقات.
وفي الحقيقة، تشير الوثائق إلى أن المكتب يعتمد على اعتقاد الأشخاص أن تدخل مكتب التحقيقات في قرارات الهجرة أمر طبيعي. وفي واقع الأمر، فعملاء المكتب ممنوعون بوضوح من تقديم وعود بمنح الهجرة إلى المخبرين المحتملين أو تهديدهم بالترحيل.
وفي مستند، من مكتب التحقيقات في بافالو وفرقة العمل المشترك لمكافحة الإرهاب في روشستر، يصف مبادرة لجمع مصادر في المجتمع اليمني، يوجد شرح لواحدة من الطرق التي يتحايل بها مكتب التحقيقات على هذا الحظر.
وجاء في المستند أيضا أن أحد أعضاء فرقة العمل المشترك –الذي قد يكون من مكتب التحقيقات أو الشرطة المحلية أو ربما هيئة أخرى- يتابع مصدرا محتملا تم التعرف به على الحدود. "إذا اعتبرالشخص قابلًا للتجنيد، تبدأ سلسلة من المقابلات الصريحة." وإذا كان الشخص "غير قابل للتجنيد،" إذن "فلا ضرر. إذ يظن الشخص أن المقابلة جزء من عملية الهجرة."
يشير المستند أيضًا إلى أن "الإغراء بتخليص إجراءات الهجرة الإغاثية immigration relief" وهي عملية عرض المساعدة على المهاجرين بشأن وضعهم القانوني في مقابل الإدلاء بمعلومات، وهي عملية توجد إشارات كثيرة لها ولكن يتم نفي استخدامها رسميًا.
وتحت عنوان "الهجرة الإغاثية" يطرح المستند أن العملاء "يلتقطون في طابور الهجرة الإغاثية الأشخاص الذين سيحصلون في نهاية الأمر على ما يريدونه في كل الأحوال."
ولاتعتبر إدارة الجمارك وحماية الحدود الهيئة الحكومية الوحيدة في أمريكا التي تمتلك معلومات حول المهاجرين يستطيع مكتب التحقيقات الفيدرالية أن يستخدمها. ورغم تركيز الوثائق المقدمة لموقع ذا انترسيبت في معظمها على الإدارة، إلا أنها تتضمن أيضًا مواد تكشف تعاملات مكتب التحقيقات مع وزارة الخارجية، والهجرة والجمارك.
وينصح مستند لمكتب التحقيقات الفيدرالي حول "استغلال بيانات تأشيرة دخول أمريكا" العملاء بفحص وثائق تأشيرة الدخول والمقابلات بحثاً عن "المهارات وعضوية المنظمات،" و"الروابط" و"استغلال معلومات تأشيرة الدخول الخاصة بأفراد الأسرة."
ويشير مستند آخر لمكتب التحقيقات، يعرض الخطوط العامة لأدوار الهيئات المختلفة في فرق العمل المشترك لمكافحة الإرهاب، إلى مراكز الحجز باعتبارها مكانًا "لتطوير المصدر"، وذكر أن "متوسط عدد الأجانب المحتجزين فيها 32000 شخص، وأكثر من 1.6 مليون بانتظار إجراءات الترحيل."
ويقول شانون إروين، المدير التنفيذي لرابطة مسلم جاستيس في بوسطن، إن "وضع غيرالمواطنين أضعف بسبب استخدام الهجرة مثل الجزرة أو العصا".
جمع استخبارات أم تكوين ملفات؟
وقال محامون في مجال حقوق الإنسان والهجرة أجرى موقع ذا انترسيبت مقابلات معهم، إن لديهم كثيرا من الزبائن في السنوات الأخيرة، معظمهم مسلمون، تعرضوا لهذا النموذج الذي يتضمن استجواباً من إدارة الجمارك وحماية الحدود تليه بفترة قصيرة زيارة من مكتب التحقيقات.
ويتم استجواب بعض الأشخاص كجزء من الفحص الأمني، أو عند البوابة قبل مغادرتهم، بينما سحب آخرون جانبًا لدى وصولهم، واحتجزوا لساعات في بعض الأحيان، وتم تفتيش أمتعتهم وأجهزتهم الإلكترونية. في معظم الأحيان يحتار الركاب حول سبب اختيارهم، غير واقع انتمائهم لدين أو جنسية ما.
وذكر بعضهم أن عملاء مكتب التحقيقات كانوا مشتركين، بيما لم يعرف آخرون ما هي الهيئة التي تستجوبهم، أو خشوا أن يسألوا حول ذلك. وافترض كثيرون أنه ليس لديهم خيار سوى الإجابة عن الأسئلة الموجهة إليهم من شخص يرتدي زيًا رسميًا.
وعلى مر السنين، قال مسلمون أمريكيون ومسافرون من دول ذات أغلبية مسلمة إنه قد وجهت لهم أسئلة عند عبورهم الحدود حول عدد مرات صلاتهم، وطلبت منهم معلومات حول مساجدهم وارتباطاتهم القبلية. وفي العام الماضي، نشر موقع ذا انترسيبت تقريراً حول استبيان تستخدمه الهجرة والجمارك يتضمن أسئلة مثل "ما هي دار العبادة التي تتردد عليها" و"هل لديك أصدقاء أو أقرباء استشهدوا دفاعًا عن معتقداتهم؟".
ورفض معظم زبائن المحامين الذين تمت مقابلتهم، التحدث بشكل رسمي، لخشيتهم من انتقام السلطات، أو لأن وضع الهجرة بالنسبة لهم لم يحسم بعد. وقص مسيح فولادي، المحامي لدى مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية في منطقة لوس انجلوس، تجربة تعرض لها أحد عملائه مؤخراً، وهو مواطن أمريكي من أصل هندي في العشرينيات من عمره.
أوقفته إدارة الجمارك وحماية الحدود عند عودته من رحلة إلى كندا، واستجوبته حوالي ثلاث ساعات، ووفقًا لأقوال فولادي، سألوه "عن المسجد الذي يتردد عليه، وحول استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي، وحول إطلاق النار في سان بيرناردينو،" وأيضًا عن رحلته وخططه للسفر في المستقبل. وأخبر الإدارة أنه يعتزم السفر إلى مكة لأداء الحج.
وبعد أشهر قليلة، زارمكتب التحقيقات الفيدرالي الشاب. وقال فولادي "بدأوا بقول: نود فقط الحصول على بعض المعلومات حول أشخاص في المسجد الذي تتردد عليه، أو حول سفرك، أنت لا تواجه أي مشكلة، في الحقيقية فبإمكانك مساعدتنا." رفض الرجل الإجابة عن أسئلة العملاء واتصل بمحام، ولكنه أصبح منذ ذلك الحين يعاني من التأخير والاستجواب في كل مرة يسافر فيها خارج البلاد.
وخضع محلل سياسي أمريكي في إحدى المنظمات الدولية غير الحكومية، طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية عمله في الشرق الأوسط، إلى استجواب استغرق عدة ساعات عندما عاد إلى الولايات المتحدة بعد رحلة بحثية في مايو. سأله ضباط الحدود عن اتصالاته داخل البلاد وفحصوا تليفونه.
وأخبره ضابط أنهم جزء من فريق عمل جديد في المطار، وسأله إذا كان من الممكن الاتصال به لمزيد من الأسئلة، متحدثًا بغموض حول تقديم المساعدة له عند السفر في المستقبل، كما أرسل له رسائل نصية مرات قليلة بعد مغادرته المطار.
وفي المرات العديدة التالية التي سافر فيها بعد ذلك، خضع لمزيد من الفحص، ولكن لم تجرى معه مقابلة أخرى.
ويمتلك ضباط تنفيذ القانون على المستوى الاتحادي سلطات واسعة في تفتيش واستجواب الأشخاص على الحدود. وفي الحقيقة، تعفى هيئات الحدود حتى من تطبيق توجيه النائب العام الصادر حديثًا، والذي يحظر التنميط العنصري في عمليات تنفيذ القانون، رغم ذلك قال المتحدث الرسمي باسم إدارة الجمارك وحماية الحدود لموقع ذا انترسيبت إن المكتب يتبع ذلك التوجيه.
ويذكر مستند حصل عليه موقع ذا انترسيبت أن القاعدة تنص على "عدم تكوين ملف، ولكن استهداف". كما لا تتضمن الوثائق المقدمة للموقع إشارة إلى الدين، رغم أن الدول المستخدمة باعتبارها أمثله، في معظمها بلدان فيها أغلبية مسلمة، مع وجود صلة بالإرهاب: باكستان واليمن والصومال.
وأشارت وثائق عديدة إلى الانتماءات "العشائرية" و"القبلية،" وهي الشيء الذي ذكر المحامون أن المسافرين الصوماليين واليمنيين يسألون عنه دائمًا.
وقالت فرحانة خيرا، رئيسة جمعية المدافعين عن المسلمين، إنها تجد استغلال مكتب التحقيقات الفيدرالي للقادمين الجدد أمرًا مزعجًا.
وأضافت "أحد مخاوفنا الأساسية حول هذا النوع من جمع المعلومات الاستخباراتية الذي يتم عند الحدود، أنه يحدث في سياق قسري بطبيعته."
وأكد رمزي قاسم، الأستاذ في كلية كوني للقانون، ومدير مشروع كلير، أن "مهمة الجمارك وحماية الحدود ليست بالقطع جمع الاستخبارات أو تجنيد المصادر."
ويضيف "يترك قيام ضباط الجمارك وحماية الحدود بواجبات لم يتدربوا عليها ولا تأهلوا لها، مساحات كثيرة للأخطاء والانحيازات. وسيتحمل المسافرون العائدون من البلدان ذات الأغلبية المسلمة لا محالة تكلفة هذه المبادرة غير المدروسة".