على مدى 20 دقيقة كشفت المخرجة أسماء نور عن عالم أطفال التوحد أو "ملائكة الأرض" كما أطلقت عليهم في فيلمها المشارك في المهرجان القومي للسينما الذي تختتم فعاليته اليوم الخميس.

وقالت أسماء نور، مخرجة أفلام تسجيلية ومصورة فوتوغرافية، لأصوات مصرية، إن فيلمها يكشف عن إحدى الفئات المهمشة والمهضوم حقوقها، والتي تعاني كذلك من وصمة المجتمع، ويقدم رسالة لمن يهمه الأمر للالتفات لهذه الفئة واحتوائها ضمن خطط الدولة ومشروعاتها.

ويقدم الفيلم شرحا وافيا لأنواع الإعاقات ومن بينها التوحد وكيف يمكن اكتشافه والتعامل معه لتطوير مهارات الطفل المصاب ودمجه في التعليم والمجتمع.

وبحسب أسماء فإن العمل على الفيلم استغرق ثلاث سنوات، وقالت إنه احتاج لهذه الفترة الطويلة نظرا لأن فريق العمل بالكامل عمل بشكل تطوعي على الفيلم، ولذلك تم تصويره في أوقات تفرغ أعضاء الفريق، كما استغرق وقتا في إجراء البحث الأولي وإيجاد حالة إنسانية لسيدة لديها طفل مصاب بالتوحد تقبل بالمشاركة في الفيلم واستيفاء كافة المصادر من الحقوقيين والتربويين والأطباء والجهات الرسمية المعنية بالأمر.

وأشارت إلى أن كثيرا ممن شاهدوا العرض الأول للفيلم أول أمس الثلاثاء خلال المهرجان، فوجئوا بأن مستشفى العباسية لديها قسم خاص لأطفال التوحد، قائلة "رغم تواضع الإمكانيات في القسم إلا أنه يضم عددا من أكفأ الأطباء النفسيين".

وعن أبرز المشاكل التي تواجه "ملائكة الأرض" والتي لمستها خلال الفيلم، قالت أسماء إن أول مشكلة تتمثل في إنكار الأهل بأن لديهم طفل مصاب بالتوحد وإصرارهم على التعامل معه على أنه طفل سليم وعدم إلحاقه بالمدارس الخاصة بأطفال التوحد.

وأضافت "بعد ما بيعملوا كل حاجة ممكنة عشان يلحقوا بالمدارس العادية الطفل في الآخر بيبقى عنده مشاكل ومش بينحج".

وتابعت أن المشكلة الثانية التي تقابل طفل التوحد هي الوصمة المجتمعية وقالت إن هذه الوصمة سببها قلة الرحمة في المجتمع ونبذ أي شخص مختلف.

وقالت إن آخر المشكلات تتمثل في غياب خطة حقيقية لإنقاذ هؤلاء الأطفال، مضيفة "الناس اللي معاها فلوس هي بس اللي بتنجوا وبتقدر تطور مهارات طفلها المصاب بالتوحد وتلحقه بمدارس ومراكز متخصصة أما الأسر الفقيرة فمافيش في إيدها شيء".

وأضافت "لو ركزنا مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام هنلاقي عندهم قدرات خاصة كمان لازم تلاقيهم مميزين في حاجة سواء على مستوى النبوغ والذكاء أو المهارات الجسدية ولمسنا ده بشكل كبير في دورة الألعاب البارالمبية اللي فاتت وعدد الميدليات اللي فازوا بيها رغم كده للأسف كان فيه كم كبير من التعليقات المسيئة والمستخفة بيهم".

وقدم "ملائكة الأرض" عددا من التوصيات في مقدمتها تفعيل الخطط القومية الخاصة بهؤلاء الأطفال والتي لا تزال "حبيسة الأدراج" كما تقول مخرجة الفيلم، وتغيير النظرة المجتمعية لهم، وخلق فرص عمل حقيقية لأطفال التوحد تناسب وضعهم وتستغل قدراتهم وإنشاء مدراس ومراكز لتطوير مهاراتهم.

وقالت أسماء نور إنها لا تنتظر جائزة من المهرجان وسبب مشاركتها هو نشر رسالة توعية بخصوص هذه الفئة التي تتزايد يوما بعد يوم في المجتمع وإفادة من يهمه الأمر بمعلومات حول التوحد وكيفية التعامل معه.

وأشارت إلى الفكرة جاءت إليها بعد أن مرت بتجربة حمل وولادة قبل 8 سنوات عانت خلالها من قلق كبير من إنجاب طفل لديه إعاقة أو تشوه، وتقول "استمريت لفترة شهر ونصف بتناول أدوية  من غير ما أعرف إني حامل وكان فيه مشاكل في فترة الحمل وحصلي تسمم حمل وولدت في الشهر الثامن وبسبب حالة الخوف دي قريت كتير عن الموضوع".

وقالت "حطيت نفسي مكان الأمهات اللي عندها طفل مصاب بإعاقة وأشفقت على الخوف والقلق الذي عايشين فيه طول الوقت والفيلم مجرد مساعدة بسيطة لهم، خاصة أن شريحة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بتكبر ولازم نبص عليها ونراعيها".

وتخرجت أسماء نور من كلية الإعلام جامعة القاهرة، وحاضرت كمدربة  في العديد من الورش الفنية لتعليم أساسيات التصوير، وإخراج الأفلام التسجيلية. وحصلت على جائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم تسجيلي حتى 15 دقيقة عن فيلم "شباب المواطنة" من المهرجان القومي للسينما المصرية عام 2015.