أحدث الأخبار
توقع بنك استثمار فاروس خفض سعر الصرف الرسمي للجنيه خلال شهر نوفمبر المقبل إلى مستوى يتراوح بين 11 و12 جنيها للدولار.
ورجح فاروس في مذكرة بحثية اليوم الأحد ألا يقدم البنك المركزي على تعويم كامل للعملة المحلية وإنما تعويما مدارا لاعتبارات سياسية.
وقال "التعويم الكامل للجنيه هو الأفضل من منظور الاقتصاد الكلي، لكن التعويم المدار أكثر ملاءمة من الناحية السياسية".
ويثير تعويم الجنيه مخاوف من زيادة أسعار السلع الأساسية التي شهدت ارتفاعات متتالية خلال الشهور الماضية نتيجة النقص الحاد في العملة الصعبة وارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء لمستويات غير مسبوقة.
وظهرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الماضية من أجل النزول للتظاهر والاحتجاج ضد موجة الغلاء يوم 11 نوفمبر.
وتسعى الحكومة لتوفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة في المجمعات الاستهلاكية، كما أنها تعمل حاليا على تكوين مخزون استراتيجي من السلع الرئيسية يكفي 6 أشهر بتعليمات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، لكنها واجهت أزمات مؤخرا في توفير السكر.
وقال فاروس في المذكرة التي حملت عنوان "التعويم المدار يبدو مناسبا أكثر سياسيا..توجيه السفينة نحو الاستقرار" إن تخفيض قيمة العملة المحلية أصبح "محتملا جدا" خلال الشهرالمقبل.
وظل السعر الرسمي لصرف الجنيه ثابتا عند 8.88 جنيه للدولار في البنوك منذ مارس الماضي، لكنه شهد نزولا كبيرا في السوق السوداء وتخطى خلال اليومين الماضيين 17 جنيها للدولار لأول مرة في تاريخه.
ويواجه البنك المركزي ضغوطا شديدة لخفض الجنيه، لكن محافظ البنك المركزي رهن تعويم الجنيه بتأمين احتياطي نقدي في حدود 25 مليار دولار.
وكان صافي احتياطي النقد الأجنبي سجل ارتفاعا بنحو 3 مليارات دولار في نهاية شهر سبتمبر ليصل إلى 19.59 مليار دولار مقابل 16.56 مليار دولار في نهاية أغسطس.
وقالت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي في مقابلة مع وكالة بلومبرج الخميس الماضي، إن وصول الفارق بين السعر الرسمي لصرف الجنيه المصري وبين سعره في السوق السوداء إلى "100%"، يعبر عن أزمة حقيقية، وإن اتجاه السلطات المصرية لمعالجة تلك الأزمة أمر صائب.
وتوصلت مصر لاتفاق على مستوى الخبراء في صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، لكن مجلس المدراء التنفيذين لم يجتمع بعد لاعتماده.
وأشارت مذكرة فاروس إلى أن تقديرها لسعر صرف الجنيه بعد التخفيض يستند إلى متوسط سعر الجنيه في سوق العقود المستقبلية غير القابلة للتنفيذ (NDFs) خلال الثلاثة أشهر الماضية.
وقال فاروس إن متوسط سعر الجنيه في سوق العقود المستقبلية يعطي مؤشرا أقوى لقيمة الجنيه الحقيقة مقارنة بسعره في السوق السوداء الذي ينطوى على قدر من المضاربة التي لا تستند إلى الواقع.
"بالنظر إلى جولات سابقة من خفض قيمة الجنيه فإن متوسط سعر صرف الجنيه في سوق العقود المستقبلية يمكن أن يستخدم كمؤشر قوي على حجم التعديل الذي سيجريه البنك المركزي على سعر الصرف".
ويشير فاروس في مذكرته إلى أن متوسط سعر صرف الجنيه في هذا السوق قبل الخفض الذي جرى في مارس الماضي، سجل 8.80 جنيه للدولار وهو قريب جدا من السعر الذي وصل له في السوق الرسمي عند 8.88 جنيه.
ورهن فاروس نجاح التعويم المدار بضخ مستمر وكاف من العملة الصعبة عن طريق البنك المركزي في السوق لدعم السعر الجديد.
ورغم أن صندوق النقد الدولي يفضل أن يغطي احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي واردات البلاد لمدة تتراوح بين 4.5 و5 أشهر أي أنه يجب أن يصل إلى ما بين 21 و23 مليار دولار، الأمر الذي يعني أن قدرة المركزي على التدخل في سوق العملة محدودة، لكن فاروس يعتقد أن هذا التدخل لن يكون "صفرا"، بحسب المذكرة البحثية.
ووضع فاروس سيناريو لعملية التخفيض يتضمن مجموعة من الإجراءات التي قال إنها مطلوبة لتحقيق مرونة في سعر الصرف ومواجهة هجمات المضاربات على سعر الجنيه، وإن هذه الإجراءات يجب أن تتم في إطار زمني ضيق.
وتضمن هذا السيناريو 4 إجراءات، الأول تخفيض حاد في قيمة العملة لكنه أقل من التقديرات المختلفة المتداولة القريبة من سعر السوق السوداء، والثاني هو أن يعقب ذلك ضخ سيولة دولارية كبيرة بحجم أكبر من المتوقع.
والإجراء الثالث هو رفع أسعار الفائدة نقطتين مئويتين دفعة واحدة من أجل زيادة جاذبية الجنيه المصري ومواجهة التضخم وجذب التدفقات الدولارية في أدوات الدين الحكومي.
والإجراء الأخير هو استغلال المشاعر "الإيجابية" التي ستتولد بعد موافقة صندوق النقد الدولي على القرض والحصول على الشريحة الأولى منه، في تحقيق استقرار في سعر الصرف.
ويرى فاروس أن الحصيلة التي ستجمعها مصر من السندات الدولارية والشريحة الأولى من قرض الصندوق والتمويلات الإضافية اللازمة لموافقة الصندوق بقيمة 6 مليارات دولار ستكفي عدة أشهر من أجل دعم استقرار سعر الصرف الجديد وإضعاف الهجمات التي ستأتي من السوق السوداء.
لكن فاروس يرى أن الجنيه سيكون في حاجة إلى مزيد من التخفيض خلال العام المالي الجاري في ظل الأداء "السلبي" للقطاع الخارجي لمصر، وأن تحقيق سعر صرف مرن سيكون مطلبا مستمرا.